مواقع التواصل الاجتماعي وأثرها على الإنسان
مع تطور العلم وتطور وسائل التواصل الاجتماعي أصبح لا يخلو أي منزل من أثرها , وعلى الرغم من الكم الهائل من الفوائد التي جلبتها مواقع التواصل لنا مثل: تقريب المسافات بين الأشخاص , الوصول إلى علوم وثقافات من مختلف البلدان ونحن في منزلنا , إلا أنها أصبحت تسيطر علينا بطريقة غير معقولة ولا نستطيع إنكار ذلك , حين تقوم بفتح حسابك الشخصي وتتطلّع على حياة الناس تتساءل في نفسك , لماذا يحصل هؤلاء الأشخاص على حياة كاملة ومترفة على العكس مني؟ أين أخطأت؟ , والواقع أنّنا لا نرى إلا جزءًا صغيراً من حياتهم , نرى فقط ما يعرضونه ولنا ويريدون منّا رؤيته , كم حالة طلاق وانفصال صدمتنا بعد الكثير من منشورات التفاهم والمودّة والانسجام؟ وكم من بيوت خربت على رؤوس ساكنيها من هوس متابعة حياة النّاس وتتبّع عوراتهم!
نحن لا نرى إلا الخلاصة , على سبيل المثال: ترى متحدّثاً تربويّاً مجدّاً في عمله , يحضر العديد من المؤتمرات , تتم دعوته لآلاف المعارض , ويلقي أحاديثه على مستوى العالم , وهو في نظرك ونظر الجميع شخص مسؤول وناجح ومشهور!
أوّل سؤال يخطر ببالنا: لماذا هو وليس نحن؟
في هذه الحالة نحن ننظر فعلياً إلى الخلاصة , نحن لا نعلم كم من السنين قضاها هذا الشّخص في محاولة لإثبات وجهات نظره , كم جهة علمية رفضت أبحاثه كونها بدائية ودون المستوى! , ولا نتساءل عن ذلك لأننا نرى النتيجة فقط! ونطمح للنتيجة دون أدنى مشقّة تصيبنا , في الوقت الذي كنا فيه نتصفّح الإنترنت جيئة وذهاباً بدون جدوى لعل ذاك الشخص كان منهكاً في كتابة تقارير , وإعادة صياغة أهدافه , ومراسلة المراكز التدريبية والكثير الكثير مما يخفى علينا رؤيته!
هوس وسائل التواصل الاجتماعي سبّب العديد من المشاكل الاجتماعية من حالات انتحار , انفصال , أمراض , وحتى وفاة!
من المهم أن نعرف أننا لا نرى الصورة الكاملة , حياتك التي تظنها ناقصة هي حياة يتمناها أكثر من 90% من النّاس في الكثير من دول العالم التي تعيش تحت خط الفقر , لديك منزل يؤويك , عائلة محبّة تحيط بك , عمل تنتفع به, طعام يدخل إلى جوفك , يجب أن تكون أسعد مما تبدو عليه!
هنا لا ندعو الإنسان للاكتفاء بما لديه , على العكس , ابق طموحك جادّاً , ثابر واجتهد لتحقّق أهدافك , استفد من مواقع التواصل بمتابعة المؤثرين الملهمين الذين قد يساعدونك في أهدافك , وابتعد عن المحتويات الفارغة المليئة بالإعلانات الكاذبة لكونها تدمّر الهمم والطّموح ويصبح جلّ اهتمامنا بعدها هو: أين سافر الشخص الفلاني؟ أو كم يجني هذا الشخص من هذا الإعلان التجاري؟
مواقع التواصل الاجتماعي هي سلاح ذو حدّين , إن أحسنا استغلالها بالطريقة الصحيحة سنصل إلى أبعد مما حلمنا به يوماً , وما عدا ذلك سنبقى عالقين في دوامة الفشل والإحباط وسيصبح حينها الابتعاد عنها أفضل بكثير.
تعليقات