صفعة ماكرون صمت ووصمة.. الفروقات في ردود الفعل على العنف بين الرجل والمرأة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة
عند تعرض المرأة للتعنيف غالباً ما تكون ردود الفعل المجتمعية أكثر وضوحاً

بعد الجدل الذي شهدته منصات التواصل الاجتماعي إثر تعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لصفعة من زوجته بريجيت ، كشفتها عدسات الكاميرات وانتشر مقطع الفيديو على وسائل الاعلام المختلفة في العالم، أثير الجدل على تعرض الرجل والمرأة إلى العنف من كليهما.

رغم أن العنف الأسري ظاهرة تؤثر على جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن الجنس، إلا أن ردود الفعل المجتمعية والشخصية تجاه تعرض الرجل للتعنيف تختلف جذرياً عن تلك التي تواجهها المرأة.

هذه الفروقات، التي تتجذر في الأعراف الاجتماعية والقوالب النمطية، تُلقي بظلالها على سبل الدعم المتاحة، وتُعمّق من معاناة الضحايا من كلا الجنسين.


العنف ضد المرأة: وصمة مجتمعية وتحديات الدعم

عند تعرض المرأة للتعنيف، غالباً ما تكون ردود الفعل المجتمعية أكثر وضوحاً، وإن كانت لا تخلو من التعقيد والوصمة.

ردود الفعل المجتمعية:

التعاطف والدعم (ظاهرياً): بشكل عام، يميل المجتمع إلى التعاطف مع المرأة المعنفة. تتوفر منظمات ومبادرات عديدة للدعم والإيواء (مثل مؤسسات الحماية الأسرية ودور الإيواء)، وخطوط ساخنة للمساعدة. وصمة الضحية: رغم التعاطف، قد تواجه المرأة المعنفة وصمة اجتماعية، خاصة إذا قررت الانفصال أو الحديث علناً عن تجربتها. قد تُتهم بأنها "هدمت بيتها" أو "لم تصبر"، مما يزيد من الضغوط النفسية. الإجراءات القانونية: هناك أطر قانونية واضحة لحماية المرأة من العنف، وتشجع الجهات الرسمية على الإبلاغ.

ردود الفعل الشخصية للمرأة المعنفة:

الخوف والخجل: قد تشعر المرأة بالخوف من رد فعل المعنِّف، أو الخجل من كشف ضعفها أو تعرضها لسوء المعاملة، مما يدفعها للصمت. البحث عن الدعم: تميل المرأة، وإن ببطء، إلى طلب المساعدة من الأهل، الأصدقاء، أو المؤسسات المتخصصة، حيث توجد قنوات معروفة لذلك. الحماية من الوصمة: قد تسعى للحصول على الحماية مع الحفاظ على سرية الأمر قدر الإمكان لتجنب الوصمة الاجتماعية. التفكير بالانفصال: غالباً ما يكون الانفصال أو الطلاق خياراً مطروحاً بقوة عند تزايد العنف.

العنف ضد الرجل: صمت مضاعف ونقص في الدعم

في المقابل، عندما يتعرض الرجل للتعنيف، تكون ردود الفعل أقل وضوحاً، وغالباً ما تُحاط بالصمت والإنكار، مما يجعل تجربته أكثر عزلة وصعوبة.

ردود الفعل المجتمعية:

الإنكار والسخرية: يميل المجتمع، في كثير من الأحيان، إلى إنكار إمكانية تعرض الرجل للتعنيف، أو حتى السخرية من فكرة أن رجلاً "قوياً" يمكن أن يكون ضحية. هذا يضرب في صميم مفهوم "الرجولة" التقليدي. التقليل من شأن العنف: قد يُنظر إلى العنف الممارس ضد الرجل (خاصة إذا كان من امرأة) على أنه أقل خطورة أو أنه "مشكلة بسيطة" يمكن للرجل تجاوزها. نقص الدعم المؤسسي: تندر المؤسسات الحكومية أو الخاصة التي تقدم دعماً متخصصاً للرجال المعنفين، سواء للإيواء أو الاستشارة النفسية والقانونية. قنوات الإبلاغ قد لا تكون واضحة لهم. غياب الوعي: هناك نقص كبير في الوعي المجتمعي بأن الرجال أيضاً يمكن أن يكونوا ضحايا للعنف الأسري، وهذا يسهم في استمرار الصمت.

ردود الفعل الشخصية للرجل المعنف:

الخجل الشديد والوصمة الذاتية: يعاني الرجل المعنف من شعور عميق بالخجل والعار. يخشى أن يُنظر إليه كـ"ضعيف" أو "غير رجولي" إذا اعترف بتعرضه للعنف، خاصة إذا كانت الزوجة هي المعنِّف. الصمت والإنكار: يميل الرجل المعنف إلى الصمت التام وإنكار ما يتعرض له، حتى أمام المقربين، خوفاً من فقدان الاحترام أو السخرية. عدم وجود قنوات للدعم: لا يجد الرجل المعنف قنوات واضحة أو آمنة لطلب المساعدة. قد يتردد في الذهاب إلى مؤسسات الحماية المخصصة للمرأة. المقاومة والعدوانية: في بعض الحالات، قد يتحول العنف الممارس ضده إلى رد فعل عدواني منه، أو قد يلجأ إلى العنف المضاد كرد على التعنيف، مما يُعقد المشكلة ويزيد من دائرة العنف. تأثيرات نفسية صامتة: قد تتراكم الآثار النفسية السلبية (القلق، الاكتئاب، فقدان الثقة بالنفس) بشكل صامت، مما يؤثر على حياته الشخصية والمهنية دون أن تظهر المشكلة للعلن.

تحديات مشتركة وحلول مقترحة

على الرغم من هذه الفروقات الجوهرية، فإن العنف الأسري، بكل أشكاله، يترك ندوباً عميقة على الضحية والأسرة والمجتمع.

تكمن التحديات المشتركة في:

كسر حاجز الصمت والخوف: سواء كان الضحية رجلاً أو امرأة. غياب الوعي الكافي: حول أشكال العنف المتعددة وتأثيراتها. الحاجة إلى دعم نفسي: لكلا الجنسين للتعافي.

لتعزيز الاستجابة للعنف الأسري بكافة أشكاله، ينبغي:

زيادة الوعي المجتمعي: بأن العنف لا يفرق بين الجنسين، وأن الرجل أيضاً يمكن أن يكون ضحية. تطوير قنوات دعم متخصصة للرجال: توفير مراكز استشارية، خطوط ساخنة، أو حتى أماكن إيواء (إن لزم الأمر) مخصصة للرجال المعنفين، مع الحفاظ على سريتهم. تعديل المفاهيم الاجتماعية للرجولة: للتخلص من وصمة "الضعف" المرتبطة بكون الرجل ضحية للعنف. تثقيف المجتمع: حول العنف النفسي واللفظي والاقتصادي، والذي قد لا يترك آثاراً جسدية واضحة لكنه مدمر. تفعيل القوانين بشكل عادل وشامل: لضمان حماية جميع الضحايا دون تمييز على أساس الجنس.

إن الاعتراف بأن العنف الأسري ظاهرة متعددة الأوجه وتؤثر على الجميع هو الخطوة الأولى نحو بناء مجتمع أكثر أماناً وعدالة، يتيح لجميع ضحايا العنف، رجالاً ونساءً، فرصة الحصول على الدعم والتعافي دون خوف أو وصمة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق