ارتفع عدد ضحايا تفشي الكوليرا في السودان إلى 70 شخصًا خلال يومين، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في ولاية الخرطوم الخميس، في وقت تشهد فيه العاصمة أزمة صحية متفاقمة بفعل استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من عامين.

وسجلت السلطات الصحية 1177 حالة إصابة و45 وفاة يوم الثلاثاء، أعقبها 942 إصابة و25 وفاة يوم الأربعاء، ليصل العدد الإجمالي للإصابات خلال يومين إلى أكثر من ألفي حالة، ما يعكس تسارعًا مقلقًا في انتشار الوباء.

ويأتي هذا الارتفاع في أعقاب ضربات بطائرات مسيّرة نُسبت إلى قوات الدعم السريع، تسببت في تعطيل واسع لإمدادات المياه والكهرباء في أنحاء العاصمة، ما زاد من صعوبة مواجهة تفشي المرض.

وعلى مدى العامين الماضيين، تحولت الخرطوم إلى ساحة معارك مفتوحة بين الجيش والدعم السريع، ما أدى إلى دمار واسع في البنى التحتية، لاسيما في قطاعي الصحة والصرف الصحي. ووفقًا لنقابة الأطباء، أُجبر نحو 90% من مستشفيات البلاد على الإغلاق في مرحلة ما، بعد أن تعرّض العديد منها للاقتحام أو القصف أو النهب.

وأوضحت وزارة الصحة السودانية أن 172 حالة وفاة سُجلت خلال الأسبوع المنتهي يوم الثلاثاء، 90% منها في ولاية الخرطوم وحدها. كما حذرت من أن الظروف البيئية المتدهورة تُسهم في ارتفاع معدلات الإصابة، رغم أن نسبة الشفاء في مراكز العزل بلغت 89%.

وأطلقت السلطات الصحية حملة تلقيح ضد الكوليرا في منطقة جبل أولياء، التي تُعد الأكثر تضررًا في الخرطوم، حسب ما أعلنه ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة. كما سلّمت منظمة الصحة العالمية أكثر من 22 طنًا من الإمدادات الطبية لدعم الاستجابة المحلية.

ومع أن الكوليرا تُعد من الأمراض المتوطنة في السودان، إلا أن وتيرة تفشيها ارتفعت بشكل كبير منذ اندلاع الحرب، وسط صعوبة في إجراء تقييم دقيق لحجم الانتشار، بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.

ومنذ آب/أغسطس 2024، سجلت السلطات أكثر من 65 ألف إصابة و1,700 وفاة في 12 ولاية من أصل 18. وفي ولاية الخرطوم وحدها، تم رصد أكثر من 7,700 إصابة، بينها أكثر من ألف حالة لأطفال دون سن الخامسة، إلى جانب 185 وفاة منذ مطلع العام الجاري.

من جانبها، حذرت اعتزاز يوسف، مديرة لجنة الإنقاذ الدولية في السودان، من أن البلاد "على حافة كارثة صحية عامة شاملة"، مشيرة إلى أن النزاع والنزوح وتدمير البنى التحتية وشح المياه النظيفة كلها عوامل تغذي تفشي الكوليرا وأمراض قاتلة أخرى.

وتسببت الحرب الدائرة في السودان منذ نيسان/أبريل 2023 بمقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 13 مليون شخص، في واحدة من أكبر أزمات النزوح والجوع في العالم، وفق الأمم المتحدة.

وعلى الرغم من نزوح نحو ثلاثة ملايين شخص من ولاية الخرطوم، عاد أكثر من 34 ألفًا إليها مؤخرًا بعد استعادة الجيش السيطرة على مناطق واسعة منها، لكنهم وجدوا منازلهم مدمرة وخدمات المياه والكهرباء غير متوفرة.

وتشير تقديرات "يونيسف" إلى أن أكثر من مليون طفل في مناطق تفشي الكوليرا في الخرطوم معرضون لخطر صحي شديد، في ظل ضعف الخدمات الأساسية وعجز النظام الصحي عن تلبية الاحتياجات المتزايدة.