عاجل

بالصورة والصوت..وقائع أزمة توزيع المساعدات في غزة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

stop إيقاف الفيديو

حشد من سكان غزة الذين توجهوا إلى رفح للحصول على مساعدة من منظمة مدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة(الفرنسية)

في الساعات الأولى من صباح 27 مايو/أيار الماضي، قطع آلاف الجياع رحلة طويلة إلى جنوب غزة؛ حيث سار الكثير منهم عشرات الكيلومترات في حر الصيف الحارق للوصول إلى مركز توزيع مساعدات أُنشأته حديثا مؤسسة غزة الإنسانية "جي إتش إف" (GHF) المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة.

من بين هؤلاء ولاء أبو سعدة (35 عاما)، وهي أم لثلاثة أطفال قررت الذهاب إلى رفح بمفردها.

قالت ولاء للجزيرة "كان أطفالي على وشك الموت جوعًا. لا حليب، ولا طعام، ولا حتى حليب الأطفال. كانوا يبكون ليلا ونهارًا، واضطررت إلى التوسل إلى الجيران للحصول على الفتات".

وبينما كانت شبكة التوزيع السابقة التي تقودها الأمم المتحدة تدير حوالي 400 موقع في جميع أنحاء القطاع، لم تنشئ مؤسسة غزة الإنسانية -التي يحرسها متعاقدون أمنيون مسلحون يعملون لصالح شركة أميركية- سوى أربعة "مواقع ضخمة" لسكان قطاع غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني فلسطيني.

تصميم خاص - انفوغراف الجهة الأمريكية الإسرائيلية تقلص مواقع توزيع المساعدات

مسيرة طويلة نحو الجنوب

تقع ثلاثة من المواقع الأربعة المخصصة لتوزيع المساعدات الإنسانية التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية في مدينة رفح ضمن المناطق التي أصدر فيها الجيش الإسرائيلي أوامر بالإخلاء. أما الموقع الرابع، فيقع في مدينة غزة قرب الحدود مع دير البلح، حيث نزح مئات الآلاف الفلسطينيين. في حين حرمت المناطق الواقعة في شمال ممر نتساريم من أية نقطة توزيع.

تقول الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة إن مؤسسة غزة الإنسانية لا تلتزم بالمبادئ الإنسانية، وتتهمها باستغلال المساعدات كسلاح، وتحذر من أنها قد تُسهم في تفريغ شمال قطاع غزة من سكانه وفقما يخطط الجيش الإسرائيلي.

تصميم خاص - انفوغراف فوضى في مركز توزيع المساعدات برفح

حشود كثيرة تخضع لفحوص أمنية

مع انتشار الخبر، توافدت حشود غفيرة إلى نقطة التوزيع، واصطفت أمام أسوار معدنية تعلوها كاميرات مراقبة.

ووصف شهود عيان الدخول بالبطيء والمُتحكم فيه، حيث كان الناس يمرون عبر ممرات ضيقة مسيجة تشبه حظائر الماشية، وبمجرد دخولهم إلى منطقة التوزيع كانوا يخضعون لفحص هوياتهم وبصمات عيونهم لتحديد من يُسمح له بتلقي المساعدات.

ومع تململ الحشود أثناء انتظارها في الحر الشديد، بدأ الناس يتدافعون إلى الأمام، مما أدى في النهاية إلى اختراق الأسوار.

stop إيقاف الفيديو

فتيان يحملون صناديق مقدمة من منظمة غزة الانسانية المدعومة من أميركا وإسرائيل(الفرنسية)

تحوّل المشهد بعدها إلى فوضى عارمة مع اندفاع الناس نحو طرود المساعدات، في محاولة يائسة للاستيلاء على كل ما يستطيعون الحصول عليه، مما دفع أفراد الأمن إلى الفرار.

وقال جهاد العصار (31 عامًا) للجزيرة "تدفقت الحشود، آلاف الأشخاص. لم يكن هناك أي نظام على الإطلاق". وأضاف "اندفع الناس نحو الساحة حيث كانت صناديق المساعدات مكدسة، وانتقلوا إلى القاعة الداخلية، حيث كانت هناك المزيد من الإمدادات".

وأضاف العصار "كانت فوضى عارمة، معاناة حقيقية. رجال ونساء وأطفال، جميعهم متكدسون معًا، يتدافعون لالتقاط ما في وسعهم. لا طوابير، ولا نظام.. فقط جوع وفوضى".

ومن بعيد، كان من الممكن رؤية أعمدة من الغبار تتصاعد في حين هرع الناس للاستيلاء على ما يستطيعون الوصول إليه، علما بأن إسرائيل لم تسمح بدخول الطعام إلى قطاع غزة منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، مما زاد من يأس الناس.

بعد ذلك سُمع دوي طلقات نارية، مما دفع الفلسطينيين الموجودين في المكان إلى الاحتماء. وتزعم القوات الإسرائيلية أنها أطلقت النار في الهواء للسيطرة على الحشود، إلا أن الإصابات التي لحقت بالفلسطينيين على الأرض تشير إلى أن أعيرة نارية أُطلقت على الحشد وليس في الهواء.

وأسفرت الفوضى عن مقتل 3 فلسطينيين على الأقل وإصابة آخرين.

ورغم أن مؤسسة غزة الإنسانية قالت إنها وزعت 8 آلاف حصة غذائية يوم الثلاثاء الماضي، أي ما يعادل 462 ألف وجبة، فإن مراسلة الجزيرة هند الخضري قالت إن الحصص الغذائية لن تكفي العائلات لمدة طويلة.

ووصفت الخضري صندوقًا نموذجيا قائلة إنه يحتوي على 4 كيلوغرامات (8.8 أرطال) من الدقيق، وكيسين من المعكرونة، وعلبتين من الفول، وعلبة من أكياس الشاي وبعض البسكويت. واحتوت الطرود الغذائية الأخرى على كميات صغيرة من العدس والحساء..

قال أب فلسطيني للجزيرة "نحن نموت من الجوع. علينا أن نطعم أطفالنا الذين يريدون أن يأكلوا. ماذا يمكننا أن نفعل غير ذلك؟ يمكنني أن أفعل أي شيء لإطعامهم". وأضاف "رأينا الناس يركضون فتبعناهم حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة وكان الأمر مخيفا. لكن الخوف ليس أسوأ من الجوع".

فيديو

ورغم كل محاولاتها، فقد وصلت ولاء -أم الأطفال الثلاثة- إلى رفح متأخرة وكان الوقت قد فات، ووصفت التجربة بأنها كانت بالغة الإذلال، مشيرة إلى أنها شعرت بخزي عميق وإحساس بالدونية.

وقالت "ظللت أغطي وجهي بحجابي طوال الوقت. لم أكن أريد أن يعرف أحد أنني ذاهبة لأستلم طردًا غذائيا". ومع ذلك، تؤكد أم سعدة أنها ستفعل الشيء ذاته مجددا إذا اضطرّت.

شحّ المياه وانقطاع الكهرباء

تعاني غزة من نقص حاد في المياه وانقطاع شبه تام في الكهرباء، مما يجعل استخدام أي مؤن غذائية محدودة أمرًا بالغ الصعوبة..

وفي بث مباشر من دير البلح، قال مراسل الجزيرة طارق أبو عزوم إن "طهي أي طعام جاف في غزّة -سواء العدس أو الأرز أو المعكرونة- أمر مستحيل من دون مياه".

وأضاف "وحتى إن توفرت المياه، فأنت بحاجة إلى كهرباء أو مصدر للوقود، وكلاهما مقطوع بالكامل عن غزّة".

ما مؤسسة غزّة الإنسانية؟

مؤسسة غزّة الإنسانية هي منظمة تأسست حديثا بموافقة أميركية وإسرائيلية بغرض توزيع المساعدات الغذائية على الفلسطينيين في قطاع غزة.

منذ انطلاقتها، واجهت المؤسسة عقبات وتأخيرات، وأكدت الأمم المتحدة أن مؤسسة غزة الإنسانية تفتقر إلى القدرة على التعامل مع الوضع الإنساني الكارثي الناتج عن الحصار الإسرائيلي المستمر منذ ثلاثة أشهر، والذي منع دخول الإمدادات إلى القطاع المحاصر.

ومع تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل لفك الحصار والسماح بمرور المساعدات، حاولت تقديم المؤسسة كحل بديل لتوزيع الإغاثة بدعم أميركي. لكن العسكري الأميركي السابق والمشرف على المؤسسة جاك وود أعلن استقالته، موضحًا أن المنظمة غير قادرة على الالتزام بمبادئ "الإنسانية والحياد وعدم الانحياز والاستقلالية".

وقال مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر خلال جلسة لمجلس الأمن "المؤسسة تحصر توزيع المساعدات في جزء واحد من غزة، تاركة مناطق أخرى تعاني أوضاعًا مأساوية بلا دعم". وأضاف "تجعل تقديم المساعدات مشروطًا بأهداف سياسية وعسكرية، وتحوّل الجوع إلى ورقة ضغط. إنها تمثيلية ساخرة، وتشتيت متعمَّد، وورقة تين تخفي المزيد من العنف والتهجير".

ورفضت الأمم المتحدة وعدة منظمات إنسانية التعاون مع مؤسسة غزة الإنسانية، معتبرة أن العمل معها ينتهك المبادئ الإنسانية، ويعرّض الفرق الميدانية والمستفيدين للخطر. كما حذّرت من أن المؤسسة قد تُستخدم كأداة لتهجير السكان قسرًا عبر إرغامهم على الاقتراب من مراكز توزيع محدودة وإلا واجهوا الجوع، وأعربت عن رفضها التام لاستخدام تقنيات التعرف على الوجوه في عمليات فحص المستفيدين.

هكذا تستخدم إسرائيل الجوع سلاحا في غزة

يعاني سكان قطاع غزّة من مجاعة متصاعدة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ قرابة ثلاثة أشهر، مما دفع واحدا من كل 5 فلسطينيين إلى حافة الجوع الفعلي، بحسب تقارير أممية.

وتشير أحدث بيانات "تصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل" إلى أن نحو 1.95 مليون شخص -أي ما يعادل 93% من سكان القطاع- يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء، مما يعكس حجم الكارثة الإنسانية.

تصميم خاص - انفوغراف مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي

ويشهد شمال غزّة خصوصا مستويات أشدّ من الجوع وسط فوضى في نقاط توزيع المساعدات تعكس اليأس المتزايد بين السكان. وأفادت الهيئة الأممية بأن استمرار الحصار الإسرائيلي سيؤدي على الأرجح إلى موجات تهجير جماعية داخلية وخارجية، مع نضوب الموارد الأساسية اللازمة للبقاء على قيد الحياة.

المصدر : الجزيرة

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق