في تطور دراماتيكي يعيد تشكيل ديناميكيات الحرب الأوكرانية الروسية، نفذت كييف هجومًا نوعيًا استهدف الثالوث النووي الروسي في عمق سيبيريا، في عملية وصفت بأنها الأبعد جغرافيًا منذ بدء الصراع.
الهجوم، الذي تسبب بخسائر قدرتها كييف بأكثر من 7 مليارات دولار، لم يكن مجرد ضربة عسكرية، بل رسالة استراتيجية تحدت معادلات الردع الروسية التقليدية.
هجوم مبتكر بطائرات مسيرة
اعتمدت أوكرانيا طائرات مسيرة انطلقت من داخل الأراضي الروسية لتفادي الدفاعات الجوية الحدودية، مستهدفة مطارات عسكرية ومنشآت مرتبطة بالثالوث النووي الروسي.
وامتدت العملية، التي وصفتها مصادر أوكرانية بـ"الواسعة النطاق"، لمسافة تزيد عن 4000 كيلومتر، طالت أكثر من 40 طائرة عسكرية.
وتزامن الهجوم مع تفجيرات استهدفت جسورًا وسككًا حديدية في منطقتي بريانسك وكورسك، أسفرت عن مقتل 7 أشخاص وإصابة العشرات.
رد فعل روسي متحفظ وتساؤلات حول الدعم الغربي
التزمت موسكو الصمت الميداني، مكتفية بالإقرار بوقوع الهجمات وتأكيد اعتقال مشتبه بهم.
وأثار الهجوم تساؤلات حول دور "أجهزة غربية" في التخطيط، خاصة بعد تقارير متضاربة عن إبلاغ كييف لواشنطن مسبقًا.
ويرى الباحث السياسي بسام البني، في حديث لبرنامج "التاسعة" على سكاي نيوز عربية، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيرد بشكل حاسم، لكنه استبعد اللجوء إلى السلاح النووي، معتبرًا أن مستوى التصعيد لا يبرر تفعيل العقيدة النووية الروسية.
دور الغرب وتحذيرات من تصعيد
أشار البني إلى أن الدعم الغربي، بما في ذلك الأسلحة والصور الجوية، كان حاسمًا في تمكين أوكرانيا من تنفيذ هجوم بهذا الحجم.
واعتبر أن استمرار هذا الدعم يضع موسكو أمام اختبار "الصبر الاستراتيجي"، محذرًا من أن تصريحات مثل استعداد بريطانيا لمواجهة عسكرية مباشرة قد تدفع الصراع نحو مواجهة عالمية غير تقليدية.
طائرات مسيرة تغير قواعد اللعبة
سلط البني الضوء على الدور المحوري للطائرات المسيرة، التي فاجأت العالم بقدرتها على اختراق العمق الروسي.
وقال إن ضربات سيبيريا استغلت ضعف الدفاعات الجوية في المناطق النائية، مما جعلها "عملية إرهابية منظمة" تتطلب تخطيطًا غربيًا متطورًا.
مفاوضات إسطنبول على المحك
مع إعلان كييف إرسال وفد برئاسة وزير الدفاع إلى إسطنبول لمفاوضات جديدة تطالب بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، بدا البني متشائمًا حيال النتائج، مؤكدًا أن موسكو لن تتنازل عن مطالبها، خاصة إقامة منطقة عازلة من خاركيف إلى أوديسا.
وأضاف: "هذا الهجوم سيجعل روسيا أكثر تصلبًا، وربما تدفع لتصعيد لحماية عمقها الجغرافي".
بوتين على مفترق طرق
مع ترقب العالم لنتائج المفاوضات، يبقى السؤال: هل سيختار بوتين ردًا انتقاميًا أم سيحافظ على هدوئه الاستراتيجي؟ يرى البني أن الرد قادم، لكنه سيعتمد على المشاورات الخفية مع واشنطن.
ويحذر: "لن تجد أوكرانيا يومًا هانئًا بعد هذا الهجوم".
فيما يستمر الميدان في كتابة فصول جديدة من الصراع، بين نار الطائرات المسيرة وحسابات الدبلوماسية.
0 تعليق