يتواصل الجدل في الأوساط السياسية والقانونية حول ضرورة إصدار قانون عفو عام جديد في الأردن، وسط مطالب نيابية متصاعدة يقابلها رفض من أصوات سياسية ترى في هذا التوجه مساسًا بسيادة القانون وتحفيزًا للمخالفين.
الديات: العفو ضرورة إنسانية
وقال النائب خليفة الديات إن المذكرة النيابية جاءت استنادًا إلى مراجعة قانون العفو السابق، الذي وصفه بأنه لم يكن عامًا بالمعنى الحقيقي، وأغفل العديد من القضايا التي كان ينبغي شمولها، رغم الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية الصعبة.
وأضاف، في تصريحات لبرنامج نبض البلد، أن المذكرة لم تكن استجابة عاطفية لضغط الشارع فحسب، بل جاءت بعد دراسة واقعية وانطلاقًا من ملاحظات شعبية واسعة، خصوصًا من العاصمة عمان، مشيرًا إلى أن أعداد النزلاء في السجون تجاوزت 21 ألفًا في حين أن الطاقة الاستيعابية لا تزيد عن 16 ألفًا.
وأكد الديات أن المطلب لا يمس هيبة القانون، بل يسعى إلى إعادة دمج بعض الأشخاص ممن ارتكبوا جرائم للمرة الأولى في المجتمع، عبر تأهيلهم وتحويلهم إلى عناصر منتجة، قائلًا: "نحن لا ندافع عن الجرم، بل نطالب بمصالحة مجتمعية ضمن شروط تحفظ أمن الدولة والمجتمع".
زيادين: لا مبرر للعفو
في المقابل، رفض النائب السابق قيس زيادين الدعوات المتكررة للعفو العام، واعتبرها شكلًا من الشعبوية التي تسيء للأردنيين. وقال إن "مفهوم سيادة القانون ليس شعارًا عبثيًا، بل يقوم على ركنين أساسيين: العدالة والحزم في التطبيق".
وأضاف في تصريحات لبرنامج نبض البلد، أن "الدولة الحديثة لا تحتاج إلى مصالحة مجتمعية كما لو أنها خارجة من حرب أهلية"، مؤكدًا أن العفو العام يشمل مجرمين ومخالفين، مما يشكل رسالة سلبية للمواطن الملتزم. وشدد على أن "حجة المظلومين تطعن في نزاهة القضاء الأردني، الذي يجب أن نحافظ على استقلاليته وثقة الناس به".
وتابع زيادين: "آلاف الأرواح أُزهقت بسبب مخالفات السير الخطيرة، فهل يُعقل أن نعتبر هذه المخالفات مجرد وسائل جباية؟ العفو العام لا يمكن أن يغطي من يشكل خطرًا على المجتمع".
أبو الراغب: العفو السابق شابه القصور
بدوره، أكد المحامي طارق أبو الراغب أن فشل العفو العام السابق في شمول فئات مستحقة هو السبب الرئيسي وراء إعادة فتح الملف، مشيرًا إلى أن هنالك من تمت مصالحاتهم القانونية ودفعت دياتهم، إلا أنهم ظلوا في مواجهة قانونية مع الدولة.
وقال في تصريحات لبرنامج نبض البلد، إن استخدام الكاميرات الذكية لرصد مخالفات السير أدى إلى شعور عام بأن الهدف جباية مالية لا ردع سلوكي، داعيًا إلى شمول بعض هذه المخالفات في قانون العفو الجديد، خاصة مع تزايد الاكتظاظ في السجون.
وأوضح أبو الراغب أن "الدولة الأردنية تتجه نحو العدالة التصالحية، وهي عدالة تقدم حلولًا قابلة للتطبيق على أسس من التصالح والعدالة، دون أن تمس الأمن العام"، مؤكدًا أن العفو العام حق دستوري يطالب به المواطنون، ويجب أن يستثني من ارتكب جرائم تمس أمن الدولة.
وفي ختام النقاش، شدد النائب الديات على أن المطالبة بالعفو العام ستبقى قيد المتابعة، داعيًا الحكومة إلى التعامل بجدية مع المذكرة النيابية لما تحمله من أبعاد اجتماعية وتشريعية.
0 تعليق