مراسلو الجزيرة نت
القدس المحتلة- بعد مرور أكثر من عام ونصف على اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لا يزال آلاف جنود الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصلون أداء مهامهم العسكرية وسط شعور متزايد بالإهمال والتجاهل من قبل الدولة.
هؤلاء الجنود، الذين يشكلون العمود الفقري للقوات العاملة في فترات الطوارئ، يجدون أنفسهم في مواجهة تحديات متراكمة لا تقتصر على الجبهة العسكرية فحسب، بل تمتد إلى الجوانب المعيشية والنفسية.
في ظل هذه الأوضاع، طرح عدد منهم مبادرة شاملة تهدف إلى تحسين أوضاعهم وإعادة تنظيم الخدمة الاحتياطية بما يكفل العدالة والمساواة بين مختلف الفئات المجتمعية في إسرائيل.

خطة إصلاح
وتنص خطة الإصلاح على عدة محاور أساسية:
أهمها ضمان الحقوق الكاملة لجنود الاحتياط. وتوسيع قاعدة التجنيد لضمان توزيع العبء بشكل عادل ومن ضمنهم الحريديم الذين يتهربون من الخدمة العسكرية. وترتكز على مبدأ واضح: "من يخدم يتلقى مخصصات، ومن لا يخدم لا يحصل على أي هبات". وتدعو الخطة إلى تعويض أصحاب العمل الذين يوظفون جنود الاحتياط. وتوفير تمويل للعلاجات النفسية والدعم المهني لمساعدتهم في العودة إلى حياتهم الطبيعية. وتطالب أيضا بمنحهم خصومات على مدفوعات التأمين الوطني والتأمين الصحي، إلى جانب زيادة نقاط الاستحقاق الضريبي.وتم عرضها خلال مؤتمر عقدته منظمة "ماجن هادور"، أمس الأحد، حيث سلط المشاركون الضوء على الحاجة لإقرار قانون تجنيد متساوٍ يضمن توزيع العبء العسكري على جميع فئات المجتمع الإسرائيلي من دون استثناء.

وبحسب تصريحات بعض المشاركين في إعداد الخطة، فإن شعورهم بأن الدولة تتخلى عنهم آخذ في التفاقم، محذرين من أن استمرار هذا الإهمال قد يؤدي إلى انهيار منظومة الاحتياط، وهو ما من شأنه أن ينعكس سلبا على جاهزية الجيش النظامي ويهدد أمن إسرائيل، سواء على المدى القريب أو البعيد.
إعلان
واستعرضت صحيفة يديعوت أحرونوت -في تقرير لها- تفاصيل الخطة المقترحة، وتناولت الأزمة المتفاقمة في صفوف قوات الاحتياط، وانعكاساتها المحتملة على بنية الجيش الإسرائيلي ومستقبل العمليات العسكرية في حال عدم توفير الدعم المادي والمعنوي الكافي لهذه القوات.
"لقد كنا نئن تحت وطأة هذا العبء لفترة طويلة، ونحن بحاجة إلى أن ينظر إلينا صناع القرار ويفهموا أنه من دون الدعم الهائل لقوة الاحتياط، فإن أمن البلاد سيكون في خطر ولن يكون هناك طريق للعودة". بهذه الكلمات عبّر الرقيب المتقاعد روشيل (33 عاما) من تل أبيب عن شعوره بالخذلان في تصريح للصحيفة.

أزمة متفاقمة
روشيل، الذي خدم نحو 230 يوما منذ اندلاع الحرب على غزة كقائد قتالي في اللواء 551، يعرف جيدا التحديات التي تواجه جنود الاحتياط، ويؤكد أن "الأصوات القادمة من الميدان يجب أن تلقى صدى لدى صناع القرار". وهو أيضا أحد قادة منظمة "ماجن هادور" التي تضم آلاف الجنود والضباط من قوات الاحتياط، والتي نظمت المؤتمر بمشاركة جنود احتياط لا يزالون في الخدمة.
وأضاف "خرجنا للدفاع عن الوطن، وعندما عدنا اكتشفنا أنه لم يكن كافيا للدفاع عنا. والآن نخرج للدفاع عن حقوقنا".
من جهته، قال تومر حين (33 عاما) من هرتسليا، وهو أحد المبادرين إلى عقد المؤتمر، وقائد في قسم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في وحدة الاستخبارات العسكرية، إنه أمضى أيضا نحو 230 يوما في الخدمة الاحتياطية منذ بدء الحرب.
وأكد "قدمنا خطة طوارئ لإنقاذ قوات الاحتياط وسنعمل على الترويج لها خلال الجلسة المقبلة في الكنيست، بهذه الخطوات يأمل جنود الاحتياط أن تتحول مطالبهم من مجرد صرخات في الميدان إلى سياسات فعلية تحمي مستقبلهم وتحافظ في الوقت ذاته على قدرة الجيش الدفاعية في مواجهة التحديات المتصاعدة".
إعلان
يأتي ذلك في وقت أصدرت فيه دائرة التشغيل التابعة لمؤسسة "التأمين الوطني" الإسرائيلية تقريرا خاصا يكشف عن أضرار مالية جسيمة لحقت بمعظم جنود الاحتياط الإسرائيليين نتيجة خدمتهم الطويلة منذ اندلاع الحرب.
وأثارت نتائج التقرير ردود فعل قوية في الأوساط السياسية، يُعتقد أنها دفعت الوزراء إلى اتخاذ قرارات عاجلة تتعلق بتقديم الدعم المادي لقوات الاحتياط.
واستند التقرير إلى استطلاع أُجري مطلع أبريل/نيسان الجاري، شمل عينة مكونة من 841 من جنود ومجندات الاحتياط، ممن شاركوا في الحرب على غزة وتلقوا مخصصات مالية من "التأمين الوطني" خلال الأشهر الأخيرة. وتُعد هذه العينة تمثيلية لعشرات الآلاف من أفراد الاحتياط الذين تأثروا بشكل مباشر من الخدمة المستمرة.
أضرار وقلق
وأظهرت نتائج الاستطلاع، الذي نشرته صحيفة هآرتس، أن حوالي 75% من المشاركين أبلغوا عن تعرضهم لأضرار مالية ملحوظة بسبب الخدمة الاحتياطية، في حين أن 27% فقط قالوا إنهم تمكنوا من تلبية احتياجاتهم الحياتية والعائلية بشكل كافٍ. أما نحو 48% فأفادوا بأن الأعباء المالية كانت جسيمة إلى درجة منعتهم من تأمين احتياجاتهم اليومية.
وسلط التقرير الضوء على حالة من القلق الوظيفي، حيث قال 60% من المشاركين إنهم يشعرون بانعدام الأمان الوظيفي، بينما عبّر 20% عن خشيتهم من فقدان وظائفهم، وصرح 41% بأنهم تعرضوا للفصل أو اضطروا لترك أعمالهم بسبب الغياب الطويل الناتج عن الخدمة الاحتياطية.
وبناء على هذه المعطيات، أعلن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، عن تقديم موعد صرف المنح المخصصة لجنود الاحتياط، التي كان مقررا منحها في مايو/أيار المقبل.
وبموجب القرار، سيحصل نحو 200 ألف جندي احتياط على المنحة في وقت أبكر، من بين إجمالي 300 ألف تم استدعاؤهم، في وقت تصل فيه تكلفة قوات الاحتياط إلى نحو 5 مليارات شيكل شهريا (1.35 مليار دولار).
0 تعليق