عاجل

تقرير صحفي: انقلاب صامت في المعارضة الإسرائيلية.. هل يسقط نتنياهو على يد جنرال؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة
بينما يصر نتنياهو على البقاء في سدة الحكم تتآكل شعبية خصومه التقليديين

في مشهد سياسي "إسرائيلي" يزداد اضطراباً، تشير التحليلات إلى أن معركة إسقاط حكومة بنيامين نتنياهو قد تبدأ من قلب المعارضة نفسها، التي تشهد حالياً تحولات جذرية قد تعيد رسم الخارطة السياسية بالكامل.

فبينما يصر نتنياهو على البقاء في سدة الحكم، تتآكل شعبية خصومه التقليديين، في وقت يصعد فيه نجم "جنرالات" جدد قد يمثلون بديلاً أكثر قبولاً للجمهور.

غانتس يستسلم للرياح.. ولبيد يترنح

بخلاف تعنته السابق، أعلن رئيس المعسكر الرسمي، بيني غانتس، عن قبوله بإجراء انتخابات تمهيدية تشمل رئاسة الحزب، دون تحديد موعدها، مؤكداً أنها ستكون في الأشهر القريبة وتشمل فتح باب العضوية.


هذه الخطوة تأتي في ظل تراجع جوهري في شعبية حزبي المعسكر الرسمي و"يوجد مستقبل" (بقيادة يائير لبيد)، حيث بات الحزبان ضمن الأحزاب الصغيرة وغير الحاسمة في المستقبل السياسي للبلاد، وفقاً للاستطلاعات.

وعلى الرغم من أن إطاحة الحكومة عبر حجب الثقة في الكنيست تبدو مستبعدة يوم الأربعاء 11 حزيران/يونيو، إلا أن أجواء الانتخابات المبكرة بدأت تسيطر على المشهد السياسي "الإسرائيلي".

نتنياهو يصارع من أجل البقاء.. و"اليمين المتطرف" ورقة حاسمة

تشير الاستطلاعات الحالية إلى تراجع قوة كتلة أحزاب الائتلاف الحاكم إلى نحو 49 نائباً من أصل 120، مقابل 61 لكتلة المعارضة الحالية ونحو 10 نواب للأحزاب العربية. ورغم هذه الفجوة الواضحة التي قد توحي بنهاية حكم نتنياهو، إلا أن الأمر ليس محسوماً بعد.

يسعى نتنياهو، الطامح لمواصلة رئاسة الحكومة، إلى ضمان كتلة مؤيدة من 50 نائباً فما فوق. ويراهن على الذهنية السائدة منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي ترفض بشكل قاطع شرعية أية حكومة "إسرائيلية" تعتمد على الأحزاب العربية، حتى لو كان دعمها من خارج الائتلاف.

ووفقاً لهذا الموقف الذي يحظى بإجماع صهيوني شبه كامل (بما في ذلك موقف رئيس المعارضة لبيد)، فإن حصول كتلة أقصى اليمين على 50 نائباً يعني أن المعارضة الحالية لن تملك القدرة على تشكيل ائتلاف جديد يدفع نتنياهو إلى المعارضة.

ولم تيأس نتنياهو بعد، إذ يرى أن الفرصة لا تزال قائمة لتجاوز حزب "الصهيونية الدينية" (سموتريتش) نسبة الحسم، أو لخلق اصطفاف حزبي جديد يضمن ذلك.

بل إنه يخطط لإقامة "حزب وظيفي يميني" إلى جانب الليكود يستقطب شخصيات يمينية ذات بعد أمني وعقائدي، لتعويق انزياح أوساط من كتلة اليمين لصالح نفتالي بينيت، الذي بات حالياً المنافس الأقوى لنتنياهو، ويتفوق عليه في ملاءمة رئاسة الحكومة ويضاهي الليكود في عدد النواب.

انقسامات داخل اليمين الحريدي ومناورات نتنياهو

تبدو احتمالات تجاوز حكومة نتنياهو لحجب الثقة معقولة حالياً، رغم أن كل الاحتمالات واردة. فقد نجح نتنياهو، ومعه رئيس حزب شاس (الحريدي من أصول مغاربية وشرقية)، في إحداث تصدع داخل كتلة الأحزاب الحريدية.

هذا التصدع يظهر في التوتر بين توجه المرجعيات الدينية والكتلة البرلمانية، وبين حزب شاس وحزب "يهود التوراة" (الذي يتكون من حزبين حريديين أشكنازيين).

ويشهد حزب أغودات يسرائيل (أحد مكونات يهود التوراة) تحولاً نحو عدم الرهان على التحالف مع الليكود، خاصة مع موقفه الصارم من رفض تجنيد الحريديم للجيش ورفض فرض أي عقوبات على المتخلفين عن الخدمة.

هذا التيار يقف في خط المواجهة مع تيار "الصهيونية الدينية" المتشدد، ويتعارض معه في مسألة "الحرب المفتوحة والأبدية" وعقيدة "فداء الأسرى" ودعم صفقة التبادل الشاملة.

في حال لم ينجح مشروع قانون حجب الثقة، فإن أجواء الانتخابات بدأت تسيطر، ومن المحتمل أن يتم التوافق قريباً على موعد لانتخابات الكنيست، يسعى نتنياهو لأن يكون الأفضل لليكود.

كل ذلك، إذا لم يقرر نتنياهو المغامرة في تأجيل الانتخابات لما بعد 2026 بذريعة الحرب، وهو خطاب يتردد في اليمين الذي يعتبر الانتخابات في زمن الحرب "خطوة غير شرعية" أو تعني "التخلي عن الانتصار".

صعود "الديمقراطيين" وتراجع معسكر الوسط

في المقابل، ارتفعت بشكل ملحوظ شعبية حزب "الديمقراطيين" برئاسة الجنرال يائير غولان، الذي يشكل دمجاً بين حزبي العمل وكتلته من أربعة نواب، وحزب ميرتس. يصل الحزب حالياً، وفقاً للاستطلاعات، إلى نحو 14 مقعداً، مع منحى تصاعدي.

تعزو معظم التحليلات "الإسرائيلية" هذا الارتفاع إلى شخصية غولان الجريئة، وقدرته على تحدي الإجماع السائد، ومساعيه لطرح بديل سياسي أمني لنتنياهو، بما في ذلك في الشأن الفلسطيني، وعدم الانضواء تحت شعارات رفض "الانقلاب القضائي" أو الدفاع عن "النزعات الليبرالية الصهيونية" فقط.

يكشف هذا الصعود حجم التقهقر في حزبي المعارضة الأساسيين (غانتس ولبيد). يبدو أن لبيد هو الخاسر الأكبر، إذ يتحول حزبه إلى حد ما إلى حزب هامشي. وترى الخبيرة الإعلامية إيريس لعئيل في صحيفة "هآرتس" أن لبيد قد أنهى مسيرته السياسية، وكذلك الأمر بالنسبة لغانتس. وتُعزى هذا التحول إلى انضواء كل منهما تحت شعار نتنياهو "معاً ننتصر" الفارغ من المضمون، بالإضافة إلى "الإسناد الذي قدماه لنتنياهو في إدارته للحكم وللحرب، مقابل القناعة بأنها حرب تدميرية ومعدومة الأهداف".

وتتهم لعئيل لبيد بأن عداءه للمتدينين الحريديم ومعارضته الشرسة للانقلاب القضائي إنما هي هروب من جدول الأعمال الحقيقي. في المقابل، يؤكد تزايد قوة يائير غولان أنه فقط من خلال مشروع سياسي بديل يمكن تغيير حكومة نتنياهو.

أزمة حزب غانتس وصعود نجم بينيت

موافقة غانتس على إجراء انتخابات تمهيدية لأول مرة في حزبه هو قرار اضطراري، نظراً لاحتمالية انسحاب أعضاء مركزيين من حزبه للانضمام إلى حزب بقيادة نفتالي بينيت. كما أن احتمال تنافس رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت على رئاسة الحزب يمكن أن يعيد الحيوية إليه، إذ يحظى آيزنكوت بشعبية أوسع من غانتس ومن خارج الأوساط التقليدية.

ويأتي آيزنكوت بمشروع لتوحيد المعارضة، خاصة المركز السياسي بما فيه لبيد، مع التنويه بأن معظم الاستطلاعات تمنحه شعبية ومصداقية سياسية أوسع، وقبولاً لدى تيارات استبعدها لبيد (مثل المتدينين الحريديم).

يبقى المتغير الأكثر أثراً لغاية الآن هو دخول نفتالي بينيت المعترك السياسي سعياً لرئاسة الحكومة. فهو مقبول أمريكياً من باب العودة إلى "إدارة الصراع وتقليصه" بدلاً من الحرب المفتوحة والحسم.

وهو يشق إلى حد ما كتلة مصوتي اليمين بشكل يكفي لاستبعاد نتنياهو وحلفائه عن السلطة، بتوفير غالبية بنحو 65 عضو كنيست مقابل 45 للائتلاف الحاكم حالياً، وهي أغلبية ثابتة وحاسمة وفقاً للاستطلاعات على مدار أسابيع.

مخارج أزمة القائمة العربية الموحدة

تشكل الأحزاب العربية كتلة ثابتة بنحو عشرة مقاعد. هذا التقدير مبني على الخارطة السياسية العربية كما خاضت انتخابات 2022 والانقسامات التي أدت إلى إهدار نحو مائتي ألف صوت. حالياً، المسعى المبني على مبادرات حوارية بين الأحزاب هو إعادة تشكيل القائمة المشتركة لكل الأحزاب العربية وتوسيعها بانضمام اجتهادات وأحزاب جديدة.

هناك خلاف جوهري حول ما إذا كانت القائمة الانتخابية يجب أن تكون ملزمة بمشروع سياسي مشترك وموقف موحد من أي ائتلاف حاكم، أم أنها قائمة انتخابية فنية يشكل كل حزب من مركباتها كتلته الخاصة ويحدد سياساته بشكل مستقل.

الاحتمال الآخر هو التوافق على قائمتين تتعاونان في السعي لرفع نسبة التصويت وتبرمان اتفاق فائض أصوات لضمان أوسع تمثيل.

في حال تشكيل قائمة مشتركة واسعة، فمن المحتمل أن تحصل على ما بين 15-17 مقعداً في الكنيست، مما يجعلها كتلة مؤثرة على السياسات وعلى الاصطفافات. القاسم المشترك فيما بينها هو إسقاط حكومة نتنياهو-سموتريتش-بن غفير، وإدخال المساعدات الإنسانية، ووقف الحرب على غزة والإعمار، والتصدي لمنظومة الجريمة، والدفع نحو إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية، وكذلك السعي للتخلص من تداعيات الحرب القمعية المدمرة على وجود المجتمع العربي الفلسطيني مواطني "إسرائيل".

هذه القوة، بقدر ما تهدد بقاء أقصى اليمين في الحكم، ستشهد مساعٍ لنزع شرعيتها وشطب قوائمها وحظر مؤسساتها.

خلاصة المشهد السياسي "الإسرائيلي"

أجواء الانتخابات تتصدر المشهد: سواء سقطت حكومة نتنياهو في الأيام المقبلة أم تجاوزت مشروع قانون نزع الثقة، فإن أجواء الانتخابات "الإسرائيلية" باتت تتصدر جدول الأعمال السياسي.

فرص التغيير قائمة ولكن غير محسومة: احتمالات التغيير السياسي واردة، إلا أنها بعيدة عن أن تكون محسومة.

إسقاط الحكومة يتطلب تغييرات جوهرية في المعارضة: احتمالية إسقاط حكومة نتنياهو وحلفائه واردة بقدر ما يتم إجراء تغييرات جوهرية في المعارضة "الإسرائيلية" على مستوى الشخوص والبرامج والنهج.

بديل سياسي لوقف الحرب: تثبت تجربة المعارضة وتراجعها أن الطريق لإسقاط حكومة نتنياهو يمر من خلال توفير بديل سياسي للحكومة، وحصراً في مسألة وقف الحرب على غزة، ووقف الضم الزاحف في الضفة، ووقف العنصرية، وسياسات التطهير العرقي في الداخل الفلسطيني.

لا تغييرات جوهرية متوقعة: لا تتوفر احتمالات تغيير جوهرية "إسرائيلياً"، بل إن البدائل الأكثر ترجيحاً هي في حكومة يمين وسط صهيوني، وكل توقع أكثر من ذلك يندرج في الوهم السياسي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق