في مشهد درامي يكتنفه الغموض ويستدعي التأمل، دخلت الكنيسة الكاثوليكية واحدة من أكثر مراحلها حساسية وإثارة منذ عقود، بعد إعلان وفاة البابا فرنسيس فجر الاثنين، وبدء الكاردينال كيفن فاريل مهامه كحاكم مؤقت للفاتيكان.
لم يكن صباح 21 أبريل 2025 يوماً عادياً في قلب العالم الكاثوليكي. فمع حلول الساعة 7:35 صباحًا، توقف قلب البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان الـ266، إثر سكتة دماغية مفاجئة أعقبها فشل قلبي حاد. كان قد خرج لتوه من معركة صحية شرسة مع التهاب رئوي، ليعود إلى دار القديسة مارتا، حيث أسلم روحه وسط حالة من التكتم الرسمي والإثارة الإعلامية التي بدأت تشتعل.
لكن الإثارة لم تكن فقط في خبر الوفاة، بل في الشخصية التي ستتولى الأمور مؤقتًا: الكاردينال كيفن فاريل، الكاميرلنغو. رجل غامض، معروف بمواقفه الحادة، وماضيه المثير للجدل. إيرلندي المنشأ، فاتيكانياً حتى النخاع، ذو وجه صارم ونبرة حاسمة، وهو الآن الرجل الأقوى في الكرسي الرسولي حتى موعد الانتخاب.
في أعقاب وفاة البابا فرنسيس في 21 أبريل 2025 عن عمر يناهز 88 عامًا، تولّى الكاردينال كيفن فاريل، الإيرلندي المولد، منصب الكاميرلنغو، ليصبح المسؤول المؤقت عن إدارة شؤون الفاتيكان خلال فترة "الكرسي الشاغر" حتى انتخاب بابا جديد.
من هو الكاردينال كيفن فاريل؟
وُلد فاريل في دبلن عام 1947، وانضم إلى جماعة "الفيلق المسيحي" قبل أن يُرسم كاهنًا في عام 1978.
خدم في المكسيك والولايات المتحدة، حيث شغل منصب أسقف دالاس من 2007 إلى 2016، ثم عُيّن كاردينالًا في 2016.
ويشغل حاليًا منصب رئيس دائرة العلمانيين والأسرة والحياة، بالإضافة إلى رئاسته للجنة الاستثمار البابوية.
وعُيّن فاريل كاميرلنغو في عام 2019، وهو المنصب الذي يجعله مسؤولًا عن إدارة شؤون الفاتيكان خلال فترة خلو الكرسي الرسولي.
وتتضمن مهامه التأكد من وفاة البابا رسميًا، وختم غرفه الخاصة، وإدارة الشؤون المالية والإدارية للفاتيكان حتى انتخاب بابا جديد.
وفاة البابا فرنسيس وترتيبات الجنازة
توفي البابا فرنسيس بعد معاناة طويلة مع مشاكل في الرئة، حيث قضى 38 يومًا في المستشفى بسبب التهاب رئوي مزدوج. كان آخر ظهور علني له في عيد الفصح، حيث ألقى تحية قصيرة على الحشود في ساحة القديس بطرس، وفقا لصحيفة ذا جارديان.
ووفقًا لرغبة البابا الراحل، ستُقام جنازته بطقوس مبسطة، حيث سيتم دفنه في بازيليك سانتا ماريا ماجوري في روما، ليكون أول بابا يُدفن خارج الفاتيكان منذ عام 1903.
ومن المتوقع أن تُقام الجنازة خلال أربعة إلى ستة أيام من وفاته، بحضور شخصيات دولية بارزة، بما في ذلك الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
تحديات أمام الكاردينال فاريل
يواجه فاريل تحديات كبيرة خلال فترة إدارته المؤقتة، أبرزها تنظيم مجمع الكرادلة لانتخاب بابا جديد، وضمان استقرار الشؤون المالية والإدارية للفاتيكان.
كما يُنتظر منه مواصلة الإصلاحات التي بدأها البابا فرنسيس، خاصة فيما يتعلق بصندوق التقاعد البابوي، الذي يعاني من اختلالات مالية تتطلب إصلاحات عاجلة.
رغم خبرته الواسعة، يواجه فاريل بعض الانتقادات، خاصة فيما يتعلق بعلاقاته السابقة مع شخصيات كنسية مثيرة للجدل، مثل الكاردينال ثيودور مكاريك، الذي أُدين بارتكاب انتهاكات جنسية.
نفى فاريل علمه بهذه الانتهاكات، وأعاد الأموال التي تلقاها من مكاريك بعد الكشف عن الفضيحة.
نحو مستقبل الكنيسة الكاثوليكي
ومع وفاة البابا فرنسيس، الذي كان يُعتبر من أبرز القادة الإصلاحيين في تاريخ الكنيسة، تتجه الأنظار إلى الكاردينال فاريل لقيادة الفاتيكان خلال هذه المرحلة الانتقالية.
وسيكون عليه ضمان استمرارية الإصلاحات، والحفاظ على وحدة الكنيسة، والاستعداد لانتخاب بابا جديد يُكمل مسيرة التحديث والانفتاح التي بدأها سلفه.
0 تعليق