قائد عسكري سابق في "قوات الدفاع الوطني" وهي مليشيا رديفة لقوات النظام السوري المخلوع، لقبه ناشطو الثورة السورية بـ"سفاح سوريا" إذ عرف بارتكاب مليشياته عددا من المجازر بحق المدنيين العزل، أبرزها مجزرة التضامن عام 2013.
وظهر في أكثر من مناسبة عقب سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد أواخر عام 2024، مما أثار جدلا محليا حول سبب تسوية الحكومة الجديدة الخلاف معه وعدم اعتقاله، فخرجت مظاهرات شعبية طالبت باعتقاله "تحقيقا للعدالة".
المولد والنشأة
ولد فادي قصر في محافظة دمشق بحي التضامن عام 1974.
التجربة العسكرية
في عام 2012 برز صقر قائدا لأحد الفصائل التابعة لمليشيا "الدفاع الوطني" التي كانت مدعومة من إيران في العاصمة السورية دمشق، قبل أن يعين لاحقا مسؤولا عن قيادة المليشيا على امتداد الأراضي السورية، ولقب بين أفراد الجيش السوري آنذاك بـ"صقر الدفاع الوطني".
أدى صقر دورا أساسيا في فرض الحصار على أحياء سيطرت عليها المعارضة جنوب العاصمة، وواجهت قواته اتهامات بارتكاب مذابح بحق المدنيين وإعدامات جماعية، والتورط في عمليات تدمير واسعة للمنازل ونهب الممتلكات.
وكانت منظمات حقوقية، على رأسها "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، قد وثّقت مئات الانتهاكات المرتكبة داخل مراكز الاحتجاز التابعة لمليشيا "الدفاع الوطني"، شملت حالات واسعة من التعذيب والإعدام خارج نطاق القانون.
وحسب وسائل إعلام سورية فإن صقر متورط في العديد من الجرائم، وهو مسؤول عن عمليات اعتقال وتغييب قسري داخل أفرع مليشياته، كما كان ضمن المشاركين في حصار مخيم اليرموك ومناطق في الغوطة الشرقية.
إعلان
وأسفر الحصار الذي فرضته قوات النظام السوري وأجهزته الأمنية على مخيم اليرموك في دمشق عام 2013، عن كارثة إنسانية راح ضحيتها أكثر من 200 لاجئ فلسطيني، قضوا جوعا بسبب منع دخول الغذاء والدواء وقطع الماء والكهرباء، وكان نحو نصف الضحايا من النساء والأطفال.
وحاصرت قوات النظام الغوطة الشرقية نهاية 2013 بعد سيطرتها على بلدات في ريف دمشق ونشرها مئات الحواجز العسكرية في تلك المنطقة، وتعرضت الغوطة الشرقية وبلداتها لقصف جوي وصاروخي وكيميائي استهدف الأبنية السكنية والمرافق الحيوية والأسواق والمدارس والمستشفيات، وخلّف سقوط مئات القتلى المدنيين.
ويتهم سكان حي التضامن صقر بالضلوع في مجزرة التضامن التي ارتكبتها قوات النظام المخلوع في نيسان/أبريل 2013، وأسفرت عن إعدام 41 مدنيا ميدانيا قبل رمي جثثهم في حفرة ثم حرقهم، وكشفت عنها صحيفة الغارديان البريطانية في تحقيق استقصائي نشرته بأبريل/نيسان 2022.
وأدرجت الولايات المتحدة الأميركية صقر على قوائم العقوبات عام 2012 بسبب تورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لكنه واصل نشاطه تحت مظلة من الحماية وفرها له النظام المخلوع.
ظهوره عقب سقوط النظام
مع سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2025، شرعت الحكومة السورية الجديدة في فتح ملفات الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت في سنوات الحكم السابق، وبدأت بملاحقة المتورطين فيها ومحاسبتهم.
وفي هذا السياق، شهد حي التضامن جنوب دمشق، يوم الجمعة 7 فبراير/شباط من العام نفسه، مظاهرة طالبت باعتقال صقر ومحاسبته على الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها أثناء سنوات نشاطه في صفوف مليشيا "الدفاع الوطني".
وجاءت هذه التحركات الشعبية بعد تداول أنباء عن زيارة مفاجئة أجراها صقر إلى شارع نسرين في الحي، بالتزامن مع حملة أمنية مشددة أطلقتها أجهزة الأمن التابعة للحكومة الجديدة، في إطار جهودها لاستعادة السيطرة وفرض القانون.
إعلان
وعاد اسم صقر إلى واجهة المشهد السوري مجددا بعد ظهوره رفقة محافظ دمشق ماهر مروان وعضو اللجنة العليا للسلم الأهلي حسن صوفان أثناء تقديم العزاء في حي عش الورور بدمشق إثر مقتل 5 شبان خُطفوا أثناء عودتهم من عملهم بأحد مطاعم العاصمة.
وأثار هذا الظهور موجة غضب واستنكار على منصات التواصل الاجتماعي، وطالب ناشطون بتوضيح طبيعة التسويات التي أدت إلى الإفراج عن شخصيات متهمة بارتكاب جرائم في فترة حكم بشار الأسد.
مطالبات بمحاسبته
وفي السادس من يونيو/حزيران 2025، أفرجت الحكومة السورية عن أكثر من 300 موقوف، معظمهم ضباط سابقون لدى النظام المخلوع، وقيل إنه قد أفرج عنهم بوساطة من صقر -حسب مواقع إعلامية محلية- مما أثار غضبا شعبيا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار صوفان إلى أن تلك الإجراءات، رغم أنها اجتهادات موضوعية، تبقى ضرورية لاحتواء التوترات المجتمعية، مضيفا أن وجود شخصيات مثيرة للجدل -مثل صقر- ضمن هذا المسار يسهم أحيانا في حلحلة العقد الأمنية والاجتماعية، رغم تفهم اللجنة لمشاعر الغضب لدى عائلات الشهداء والضحايا.
وأكد صوفان التزام اللجنة بالشفافية، وبناء "قاعدة صلبة" للمرحلة المقبلة تقوم على تحقيق العدالة الحقيقية ومحاسبة الجناة، وإتاحة المجال للمجتمع لتضميد جراحه.
وأوضح صوفان معللا تعاون الحكومة الجديدة مع أمثال صقر، أن "القيادة قد أعطته الأمان بدلا من توقيفه بناء على تقدير المشهد، على أن يكون ذلك سببا في حقن الدماء، سواء لدى جنود الدولة أو للمناطق الساخنة والحواضن المجتمعية".
ومن جهته، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا إن بعض ضباط جيش النظام المخلوع وأجهزته الأمنية تعاونوا في معركة "ردع العدوان" وسلّموا مقارهم لقوات "التحرير"، مما سهّل استعادة السيطرة على مناطق كثيرة.
إعلان
وأشار البابا إلى أن بعض الأسماء التي يتداولها السوريون اليوم على أنها متورطة بجرائم حرب في عهد النظام السابق أسهمت بشكل عملي في تحييد الوحدات العسكرية للنظام السابق أثناء عملية "التحرير"، مما عجّل بتحقيق النصر و"تحرير سوريا"، مؤكدا أن المحاسبة لا تعني تجاهل مساهمات أفراد ساعدوا على استعادة البلاد.
0 تعليق