اعتاد بعض المصلين التأخر عن صلاة الجمعة، سواء بسبب عذر أو عن تهاون، فيدخل أحدهم المسجد بعد فوات الخطبة وربما لا يدرك مع الإمام سوى دقائق قليلة.
وهنا يظهر التساؤل: هل تُحتسب له الجمعة إذا أدرك السجود فقط؟، وما الحكم إذا لحق بالتشهد الأخير؟.
قالت دار الإفتاء المصرية بجواز إتمام صلاة الجمعة لمن أدرك مع الإمام السجدتين الأخيرتين فقط، أو حتى أدرك التشهد فقط، موضحة أن صلاته تُعد صحيحة ومجزئة شرعًا في هذه الحالة، إذا أتمها ركعتين فقط.
وأكدت الدار أن هذا الرأي مبني على ما ذهب إليه فقهاء الحنفية، وبالأخص الإمام أبو حنيفة وتلميذه الإمام أبو يوسف، اللذين يرون أن إدراك أقل جزء من صلاة الجمعة، سواء سجدة أو تشهد، يُعد إدراكًا لها ويُبنى عليه إتمام الصلاة ركعتين، وليس أربع ركعات كما هو الحال في صلاة الظهر.
وفي المقابل، أشارت الدار إلى أن جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة يشترطون أن يُدرك المصلي مع الإمام ركعة كاملة، أي أن يُدرك الركوع مع الإمام قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع، حتى تُحسب له الجمعة، وإذا لم يُدرك الركعة الكاملة، فعليه عندهم أن يتم صلاته أربع ركعات ظهرًا، لا ركعتين جمعة، لأنه بذلك لم يُدرك الجمعة على وجهها الصحيح عندهم.
دار الإفتاء أوضحت هذا الجواب في فتوى صدرت ردًا على سؤال ورد إليها حول حكم صلاة رجل دخل المسجد والإمام في التشهد الأخير من صلاة الجمعة، ثم كبر معه وجلس حتى سلم الإمام، ثم قام هذا الرجل وأتى بركعتين فقط، وانصرف.
فجاءت إجابة الإفتاء لتقول إن ما فعله الرجل صحيح على مذهب الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف، ويجوز له أن يكتفي بركعتين، لأنهم يعتبرون أنه قد أدرك الجمعة ولو أدرك جزءًا يسيرًا منها.
لكن الإفتاء في الوقت نفسه نبّهت إلى أن الأحوط، خروجًا من خلاف جمهور العلماء، أن يتمّ صلاته أربع ركعات ظهرًا وليس ركعتين فقط، لأن الجمهور لا يرون تحقق إدراك الجمعة إلا بإدراك ركعة كاملة.
فضل التبكير لصلاة الجمعة
وأكدت دار الإفتاء أن التبكير لصلاة الجمعة مطلوب شرعًا، وله فضل عظيم، استنادًا إلى قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ"، كما استشهدت بحديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي ذكر فيه فضل التبكير إلى الجمعة، حيث شبّه من يذهب في الساعة الأولى بمن يقرّب بدنة، وفي الثانية بمن يقرّب بقرة، وفي الثالثة بكبش، والرابعة بدجاجة، والخامسة ببيضة، فإذا خرج الإمام طويت الصحف وحضر الملائكة يستمعون الذكر.
ونبّهت الإفتاء إلى ضرورة الحرص على إدراك أكبر قدر ممكن من صلاة الجمعة، وعدم التهاون في الحضور، مشيرة إلى أن الالتزام بآداب الجمعة والتبكير إليها وتحقيق الطمأنينة والخشوع من المقاصد الأساسية لهذا اليوم العظيم.
كما دعت المصلين إلى عدم الركون إلى الرخص أو الأقوال التي فيها خلاف إلا لضرورة، مؤكدة أن الخروج من الخلاف مستحب شرعًا، وهو منهج العلماء والفقهاء عبر العصور.
0 تعليق