عاجل

علماء يكتشفون كيف يتشكل "الرعب النفسي" في الدماغ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

تمكّن باحثون من معهد كوريا المتقدم للعلوم والتكنولوجيا من تحديد دائرة عصبية مسؤولة عن تكوين ذاكرة الخوف الناتجة عن التهديدات النفسية، وليس الألم الجسدي.

نُشرت النتائج في دراسة حديثة في دورية "ساينس أدفانسيز"، ويعلق جين هي هان، قائد الفريق البحثي في قسم العلوم البيولوجية في معهد كوريا المتقدم للعلوم والتكنولوجيا، في تصريحات حصرية للجزيرة نت عن نتائج دراسته أن "الدماغ يحتوي على نظامين منفصلين لمعالجة البُعدين المختلفين للألم، النفسي والجسدي، نظرا لتنوع التهديدات، فبعضها مؤلم والبعض الآخر غير مؤلم. وفي كثير من الحالات، نختبر الألم النفسي دون وجود ألم جسدي فعلي. وقد تتضمن معالجة الألم النفسي وظائف دماغية أكثر تعقيدا".

فريق الدراسة (من اليسار) البروفيسور جين هي هان، والدكتور جون هو هان، والمرشح لنيل درجة الدكتوراه بوين سو من قسم العلوم البيولوجية. حقوق الصورة: مختبر علم بيولوجيا الذاكرة في معهد كوريا المتقدم للعلوم والتكنولوجيا
فريق الدراسة (من اليسار) البروفيسور جين هي هان، والدكتور جون هو هان، والمرشح لنيل درجة الدكتوراه بوين سو من قسم العلوم البيولوجية (معهد كوريا المتقدم للعلوم والتكنولوجيا)

الخوف الراسخ

يعتمد البحث على نموذج لقياس الخوف في الفئران، حيث استخدم الباحثون محفزا بصريا لمحاكاة اقتراب مفترس. ومكنت هذه المنهجية الفريق من دراسة استجابة الدماغ لتهديدات غير مؤلمة جسديا، ودون اللجوء إلى الصدمات الكهربائية المستخدمة تقليديا، مما مكنهم من انتقاء الخوف غير المؤلم جسديا كتهديد.

ويقول هان: "باستخدام طرق تتبع الدوائر العصبية، وجدنا أن الخلايا العصبية في القشرة الجزرية الخلفية (في المخ) تتصل مباشرة بنوع محدد من الخلايا العصبية في منطقة أخرى تسمى نواة الجسر الجانبية".

وتكمن أهمية هذا الاتصال العصبي، بين مناطق مختلفة في المخ، في استجابة خلايا القشرة للحالات المرتبطة بالخوف والقلق، بينما تعمل خلايا الاتصال في نواة الجسر كمنبه عام في مواجهة المواقف الخطرة.

يضيف هان: "بالنظر إلى وظائف هاتين المنطقتين، فإن هذا المسار ملائم تماما لنقل إشارات التهديد العاطفية إلى مناطق الدماغ السفلية مثل اللوزة الدماغية، التي تعالج مشاعر الخوف والقلق".

إعلان

وباستخدام تقنية متطورة، نجح الباحثون في تعطيل الاتصال العصبي مما منع تكوين ذاكرة الخوف عند التعرض لمؤثر بصري مهدد، وفي المقابل، عندما أعادوا تنشيط هذا المسار، تشكلت ذاكرة خوف قوية حتى دون وجود تهديد حقيقي، مما يؤكد أن هذا المسار وحده كافٍ لتحفيز ذاكرة الخوف.

التجارب أجريت على الفئران (شترستوك)

نموذج التهديد البصري

باستخدام نموذج التهديد البصري، الذي سبق تطويره في أبحاث سابقة في 2013 بحسب هان، تتعرض الفئران لمحفز بصري متمثل في قرص مظلم يتمدد بسرعة محاكيا لعملية افتراس محتملة.

وقد أظهرت الفئران سلوكيات دفاعية قوية كالتجمد في المكان أو محاولة الهرب. يعلق هان على النموذج المستخدم: "رغم أن هناك عوامل تحتاج إلى ضبط مثل سرعة التمدد وحجم القرص، فإن هذا النوع من التحفيز يؤدي إلى استجابات سلوكية قوية".

ونجحت الدراسة في التمييز بشكل واضح بين الاستجابات الغريزية الفورية، كالهرب أو التجمد، والذاكرة المكتسبة للخوف والتي اعتمدت على دائرة الاتصال العصبية المكُتشفة. وهذا التمييز له أهمية حاسمة في فهم الاضطرابات النفسية التي ترتبط بالذاكرة طويلة المدى للتهديدات كالتي تترسب داخلنا بسبب حادث بشع أو تجربة نفسية مؤلمة.

ورغم إجراء الدراسة على الفئران، فإن تطبيق نتائجها على البشر يطرح تحديات كبيرة. ويشرح هان: "إن الاستهداف والتلاعب بدائرة عصبية محددة يمثل تحديا كبيرا في ترجمة النتائج إلى البشر. ومع ذلك، هناك تقدم ملحوظ في تطبيق تقنيات على الرئيسيات غير البشرية وحتى على البشر".

ولكن في ظل التطور المتسارع في علوم الدماغ، تُطرح تساؤلات عن إمكانية إساءة استخدام المعرفة الجديدة في التلاعب بمشاعر الخوف لدى البشر، سواء لأغراض أمنية أو سياسية أو غيرها.

ويقول هان: "هذه قضية مهمة. لأن هذه دائرة عصبية تتعلق بالألم النفسي ويمكنها أن تُحدث حالات خوف مفرط وحالات قلق داخلية، مما قد يعزز تكوين ذاكرة خوف غير تكيفية وغير محددة، وقد يؤدي إساءة استخدامها إلى مشاكل واضطرابات نفسية حادة." ويختتم: "هذه ليست قضية خاصة بنتائج دراستنا فحسب، بل تنطبق على جميع الدوائر العصبية المرتبطة بمعالجة الألم النفسي".

ورغم التحديات، لا يعمّق هذا البحث فهمنا لوظائف الدماغ فحسب، بل يفتح آفاقا علاجية جديدة لملايين الأشخاص حول العالم يعانون من اضطرابات ناتجة عن ذكريات الخوف النفسي غير المؤلمة جسديا، ولكنها لا تقل ضراوة عن أي ألم محسوس.

قد يُحدث هذا الاكتشاف تحولا جوهريا في فهمنا لكيفية معالجة الدماغ للتهديدات غير المؤلمة جسديا، ويعزز فرص تطوير علاجات جديدة لحالات مثل اضطراب ما بعد الصدمة واضطرابات القلق.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق