تتغلغل داخل نسيج الكوميديا خيوط الموت، هذه هي الفلسفة العجيبة لهذا الشعب القديم الذي نحتَ تعبير “هاموت من الضحك”، وعندما يضحك بقوة، يشعر أن "ست الشرير" على مقربة منه، فيقول: اللهم اجعله خير.
والغريب أن يتجلّى الموت الخاطف في حياة الكوميديين الذين رسموا ابتسامات على أيامنا ورحلوا بلا مقدمات، وكأن الحياة تعاقبهم لأنهم ساعدونا أن نجتاز أوجاعها ببعض من ضحكاتهم.
كانت البداية مع الضيف أحمد، أكثر ثلاثي أضواء المسرح موهبة، رحل سريعًا كبرقٍ لمع وانطفأ قبل أن يحقق أحلامه ويزيد من ضحكاتنا، لقد أفسح برحيله المبكر المجال للنجم عادل إمام، وكأن الدنيا تستكثر علينا أكثر من مضحك قوي في ذات الوقت.
وأذكر أيضًا الفنان محمود الشرقاوي، الذي لمع بقوة مع عادل إمام في فيلم الأفوكاتو، وكان دينامو الضحك في مسرحية راقصة قطاع عام، وأيضًا رحل سريعًا قبل أن نصفق بما يليق بموهبته.
ويستمر ترصّد عفريت النكد لحياتنا القاسية، فيخطف الموت علاء ولي الدين، النجم الذي ما زالت إفيهات فيلمه" الناظر" تسود بلا منافسة، ومنها "كله ضرب ضرب مفيش شتيمة" التي صارت كودًا، و"وأنا مالي يا لمبي" التي صارت حُجّة... وغيرها الكثير.
لتكتمل دائرة الأوجاع برحيل الفنان سليمان عيد، الذي عانده الحظ كثيرًا ولكنه تحدّاه. وعندما تألّق منذ أيام في أدوار تراجيدية مختلفة، وخرج من عباءة الكوميديا، رحل...
قد يرى البعض أن الكوميديين يرحلون مبكرًا، لأن هناك كسرًا في قلوبهم تعجز عن علاجه الضحكات المجلجلة.
0 تعليق