عاجل

خطيب الجامع الأزهر: بقاء الوطن يتحقق بوحدة الصف ويد الله مع الجماعة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور عبد الفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، عضو مجمع البحوث الإسلامية، والتي دار موضوعها حول "حب الأوطان درس عظيم من دروس الهجرة". 

وقال خطيب الجامع الأزهر، إن الهجرة النبوية حدث متجدد ونهر فياض لا يتوقف عطاؤه ولا ينقطع مداه، فهي سجل حافل بالدروس والمعاني التي متى أعاد المسلمون قراءة أوراقها وتأملوا أحداثها ومواقفها، استطاعوا أن يصححوا المسار مع ربهم ومع رسولهم ومع أنفسهم، وبين أنه لو اجتمع كتاب الأرض ومفكروها منذ أن وقعت الهجرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ما استطاعوا الوصول إلى نهاية ما فيها من الدروس والعبر لأنها إرادة إلهية.

وأوضح خطيب الجامع الأزهر، أنه بعد أن تنكرت مكة لدعوة الإسلام وأصبحت بيئة تأباه ويُضطهد أهلها الذين آمنوا، بحث المسلمون عن وطن جديد، لا فراراً من وطنهم الذي يحبهم ويحبونه، ولا هروباً من بطش أعدائهم، وإنما يبحثون عن وطن جديد لرعاية الرسالة التي كلف الله بها نبيهم أسعد الخلق محمدا ﷺ، وطن يصلح لانطلاقة دعوية تعم أرجاء العالمين لأن الرسالة الخاتمة دعوة عالمية للإنس والجن، وللأبيض والأسود من بني آدم، يقول تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾. 

وأضاف أن الأنبياء السابقين كان الواحد منهم يبعث إلى قومه خاصة، لكن النبي ﷺ بُعث إلى الناس كافة، يقول ﷺ: (بعثت إلى الثقلين الإنسان والجن)، هذا هو الهدف الذي من أجله أذن الله وأراد لنبيه أن يترك وطنه وبلده المحبب إلى فؤاده، والمتعمق حبه في قلبه، لكنه لم يبق أرضاً صالحه لأن يبلغ فيها رسول الله دعوة التوحيد.

وبيَّن خطيب الجامع الأزهر أن من أهم الدروس التي نتعلمها من الهجرة النبوية حب الأوطان، ذلك لأن حب الأوطان أمر غريزي لا يحتاج إلى تكلف أو تصنع أو دعوة كاذبة، فهو ليس مجرد كلمة تلوكها الألسنة، وليس لها أثر في القلوب. 

وضرب الرسول ﷺ أروع الأمثلة في حب وطنه الذي نشأ فيه، بين لنا الرسول المهاجر من أجل دعوة ربه أن حب الوطن لا يساويه حب لأنه دين وجزء من العقيدة، وكيف يكون ذلك والعقيدة لا تستقر والشريعة لا تطبق، ومقاصد الشرع لا تقام إلا بوجود وطن يعبد الله فيه، فإذا فقد الوطن، كيف لأمة ومجتمع أن يطبق مقاصد الشرع وأن يحافظ على العقل والدين، والنفس، والعرض، والمال؟!". 

وتابع "الوطن غال لا يفرط فيه إلا جاحد أو مكابر، من غُسل عقله بأحداث غريبة. الحبيب محمد ﷺ قبل أن تتوارى بيوت مكة ينظر إليها نظرة المودع وعيونه تذرف بالدمع وقلبه يتقطع أسى وكمدا على الفراق، فيناديها ويقول: (والله إنك لأحب البلاد إلى الله، وأحب البلاد إلىَّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)".

وأكد أن رب العالمين يعرف حال نبيه، فأراد أن يطمئنه بأنه سيعود إلى بلده ويدخلها منتصرا. فأنزل عليه الوحي قبل أن تتوارى بيوت مكة، قال تعالى: ﴿إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد﴾، مشيرًا إلى أن الوطن قيمة غالية، وحب الإنسان لوطنه دليل وبرهان على صدق إيمانه، لذا فالمحافظة على الأوطان درس عظيم من دروس الهجرة، وتتطلب تلك المحافظة من المسلم أمورا يحيياها بقلبه وبروحه كي يتحقق هذا الحب له. فحب الإنسان للوطن عهد وميثاق أخذه الله عليه لأنه جعله غريزة فطرية أودعها الله في قلبه، فمن هجر وطنه أو قصر في حقه، أصبح منتكس الفطرة والله سوف يحاسبه على ذلك. 

ودعا خطيب الجامع الأزهر إلى وحدة الصف، وهي أمر يتحقق بالمواطنة وحب الوطن، فلا فرقة ولا تنازع ولا شتات لأن كل هذه العوامل تؤدي إلى تقويض بنيان الوطن وانهيار قواعده وسقوط أركانه، وأمَّا الذي يحقق البقاء للوطن هو وحدة الصف، فيد الله مع الجماعة والشيطان مع من فارق الجماعة يركض. 

ونوه بأن وحدة الصف لابد أن تتحقق بين أفراد المجتمع في الوطن، حتى يطمئن كل فرد يعيش فيه أن جميع أفراد الوطن يد واحدة مترابطون، ومتعاونون، وأقوياء لا يمكن أن يؤثر فيهم رأي أو فكر يريد أن يخلخل نظام هذا الوطن. 

خطيب الجامع الأزهر يحذر من الانسياق خلف الشائعات

وحذر من الانسياق خلف الشائعات التي تأكل الحرث والنسل، فهي حرب يقودها أعداء الوطن لأجل التشكيك فيه وهدمه، والعمل على تخريبه. ولابد أن يكون المواطنون صادقين ممتثلين لأوامر الشرع الذي حث على الصدق وعدم الركض وراء الشائعات المغرضة يقول تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾. 

وألمح إلى أن حب الوطن من الإيمان، والمسلم الصادق هو الذي يحقق هذا الحب، وهو لا يكون أقوالا بلا أفعال، بل هو أفعال ترى بالعين المجردة، وذلك أمر لا ينطق به إلا من آمن بالله حق الإيمان وتأسى بالرسول الكريم ﷺ، واتبع هديه والتزم سنته فمتى تحقق الإيمان في قلوب المؤمنين وتأسوا بنبيهم ﷺ حق التأسي، تحقق حب الإيمان. 

وأوضح أن أثر ذلك يتجلى في إخلاص كل مواطن للوطن، والعمل ليل نهار من أجل رفعة هذا الوطن وإعلاء شأنه ليكون الجميع يدا واحدة مترابطين ومتعاونين ويصبحوا جنودا أشاوس يقفون مدافعين عن الوطن لا يفرطون في ذرة من ترابه، بل يفدونه بأرواحهم وأنفسهم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق