عاجل

مخالفات النخيل تحقق المستحيل - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

أصبحت "ثروة مستدامة" بعد عقود من الهدر والتخلص العشوائي

الوادي الجديد حولتها إلي خشب وأعلاف وصناعات خضراء

استثمارات تجاوزت 70 مليون يورو ومبادرات صناعية وزراعية

تدعم الاقتصاد وتوفر بدائل محلية..  بشراكة سلوفاكية وخبرة ألمانية

في قلب صحراء مصر الغربية. حيث تمتد أشجار النخيل في مشهد يحاكي التاريخ والمستقبل. تشهد محافظة الوادي الجديد واحدة من أنجح تجارب التحول الأخضر في البلاد. فبعد عقود من الهدر والتخلص العشوائي من مخلفات النخيل بالحرق. انطلقت مبادرات صناعية وزراعية رائدة لتحويل ما كان يُعد نفايات إلي ثروة اقتصادية مستدامة.

اليوم. تكتب الوادي الجديد فصلاً جديدًا في التنمية. عبر مشروع هو الأول من نوعه في مصر لإنتاج خشب MDF من جريد النخيل. باستثمارات أجنبية تتخطي 70 مليون يورو. وبطاقة إنتاجية تصل إلي 100 ألف متر مكعب سنويًا. هذه الخطوة ليست منفردة. بل تصاحبها تجارب محلية لتحويل الجريد إلي أعلاف طبيعية. وصناعات يدوية تعيد الروح إلي الحرف التراثية. في ملحمة تنموية متكاملة تجمع بين الحفاظ علي البيئة وتعزيز الاقتصاد المحلي.

أكد اللواء الدكتور محمد الزملوط. محافظ الوادي الجديد. أن مشروع تصنيع خشب MDF من مخلفات النخيل يُعد إنجازًا تنمويًا بارزًا. تم بفضل شراكة بين الهيئة العربية للتصنيع وشركة سلوفاكية ذات خبرات ألمانية. ليقام علي مساحة 75 فدانًا بمدينة الخارجة. المشروع ليس فقط الأكبر من نوعه. بل يعكس توجّه الدولة نحو دعم الاقتصاد الأخضر وتوفير بدائل صناعية محلية صديقة للبيئة.

وأشار الزملوط إلي أن المصنع سيعمل علي تحقيق الاكتفاء المحلي من الأخشاب عالية الجودة. ويتيح التصدير لدول الجوار. إلي جانب توفير مئات فرص العمل المباشرة وغير المباشرة. مؤكدًا أن توجيهات القيادة السياسية كانت حاسمة في جذب هذا النوع من الاستثمارات النوعية.

بحسب الدكتور مجد المرسي. وكيل وزارة الزراعة. فإن الوادي الجديد تضم أكثر من 4 ملايين نخلة. وتنتج سنويًا نحو 175 ألف طن من التمور. مع سعي لرفع العدد إلي 5 ملايين نخلة ضمن خطة الدولة الطموحة منذ 2019. ولكن الأهم هو استغلال أكثر من 67 ألف طن من المخلفات السنوية الناتجة عن جريد وسعف النخيل. والتي كانت تُحرق أو تُلقي دون جدوي. مما كان يشكّل خطرًا بيئيًا.

أحمد راغب. شاب من قرية الراشدة. حوّل فكرة بسيطة إلي نموذج يُحتذي به في مصري&Search=" target="_blank">الريف المصري. بدأ بمشروع صغير لتدوير جريد النخيل إلي أعلاف طبيعية للماشية. ليحقق نتائج مذهلة في تقليل تكلفة التربية وتحسين جودة اللحوم. واليوم. يخطو نحو إنتاج الكمبوست والأسمدة العضوية. يقول أحمد: "كل جزء من النخلة له قيمة. فقط نحتاج الدعم والرؤية".

في الوقت الذي تتجه فيه المحافظة إلي التصنيع الكبير. لا تزال الحرف اليدوية تحتفظ بمكانها في الذاكرة والتنمية. أشرف سفينة. حرفي منذ 30 عامًا. يستخدم الجريد في تصنيع الكراسي والنجف والأثاث. لكنه يشكو من ضعف التسويق وغياب المعارض الدائمة. مناشدًا بدمج هذه الحرف في خطط الدولة لدعم الأسر المنتجة. وتدريب الشباب علي إحيائها.

الدكتورة إيمان خضر. مديرة إدارة الإرشاد البيطري. شددت علي أن هذه المشاريع لا تحقق عوائد اقتصادية فحسب. بل تحمي البيئة من التلوث الناتج عن الحرق العشوائي. داعية إلي تغليظ العقوبات علي المخالفين. ودعم كل مبادرة تعزز إعادة تدوير المخلفات الزراعية.

أكد الدكتور أحمد سليمان. أستاذ الإنتاج الحيواني. أن جريد النخيل المعالج يمثل بديلاً مثاليًا لأعلاف الحيوانات. لافتًا إلي إمكانية استغلاله لخفض كلفة التربية وتحقيق الأمن الغذائي. خاصة في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة. كما طالب بتوسيع نطاق زراعة الأشجار المثمرة في القري والطرق الصحراوية.

أما الدكتور يوسف دياب. الباحث بمعمل أبحاث النخيل. فأشار إلي أن التمور تمثل العصب الاقتصادي للواحات. ويُستخدم منها أكثر من 1600 طن في صناعة الأعلاف وحدها. بينما يمكن استغلال باقي المخلفات في صناعة الوقود الحيوي. والأسمدة. والمواد العازلة.

ما تشهده الوادي الجديد اليوم ليس مجرد استثمار صناعي. بل نقلة في المفهوم العام لكيفية التعامل مع المخلفات الزراعية. وتحويلها إلي مورد اقتصادي وبيئي دائم. إنها قصة نجاح واقعية تتكامل فيها الرؤية الرسمية مع المبادرات الفردية. ليبقي "الذهب الأخضر" عنوانًا جديدًا لتنمية مستدامة تنبت من قلب الصحراء.. وتثمر مستقبلًا أكثر إشراقًا لكل أبناء الوادي.

 


يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

أخبار ذات صلة

0 تعليق