في تطور لافت على الساحة الدولية، أعلنت الولايات المتحدة رفع بعض العقوبات المفروضة على سوريا، ما اعتبره مراقبون تحولًا في السياسة الأمريكية تجاه دمشق، وفتحًا لباب التساؤلات حول دلالات الخطوة وتوقيتها.
يأتي هذا القرار بعد سنوات من العزلة التي فرضها المجتمع الدولي على النظام السوري، ووسط مؤشرات متزايدة على تحركات إقليمية تهدف إلى إعادة دمج سوريا في محيطها السياسي، سواء عبر بوابة التطبيع أو المفاوضات.
وتشير التقديرات إلى أن هذه الخطوة قد تكون جزءًا من إعادة تشكيل التوازنات في الشرق الأوسط، خاصة مع ما يثار عن دور أمريكي في تسهيل تقارب محتمل بين دمشق وتل أبيب.
قال محمد فوزي، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن القرار الأمريكي برفع العقوبات عن سوريا يمثل خطوة مهمة على طريق إنهاء العزلة الدولية المفروضة على دمشق منذ عقود، إبان حكم حزب البعث، لافتًا إلى أن هذه الخطوة تحمل دلالات ترتبط بشكل مباشر بنهج إدارة دونالد ترامب تجاه القيادة الحالية في سوريا برئاسة أحمد الشرع.
وأضاف فوزي أن التوقيت اللافت لهذا القرار الأمريكي يتزامن مع مؤشرات متزايدة على وجود تحركات نحو تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل، سواء من خلال المباحثات المباشرة أو الوساطات القائمة بين الطرفين، مشيرًا إلى وجود انفتاح واضح من الجانب الإسرائيلي على الإدارة السورية الحالية.
وأوضح أن الولايات المتحدة تلعب دورًا محوريًا في هذه المباحثات، سواء كوسيط أو كمنسق رئيسي، وتسعى من خلالها إلى تحقيق عدد من الأهداف، في مقدمتها تحييد أي تهديدات محتملة لإسرائيل من الجانب السوري، إلى جانب الدفع نحو انضمام سوريا إلى “الاتفاقات الإبراهيمية”.
وأكد فوزي أن الإدارة الأمريكية تربط بشكل واضح بين الرفع الكامل للعقوبات وبين انخراط سوريا في هذا المسار، معتبرًا أن خطوة رفع العقوبات تأتي في إطار توجه أشمل لإعادة تأهيل النظام السوري وتوسيع نطاق الاتفاقات الإبراهيمية لتشمل دمشق.
وقال الرئيس ترامب في تصريح مقتضب: "إذا تبين أن الظروف التي أدت إلى رفع العقوبات لم تحترم، فإن وزارة الخارجية ستعيد فرضها مجددًا."
كما أكد وزيرا الخارجية والخزانة الأمريكيان أن على دمشق أن "تتخذ خطوات لبناء دولة مستقرة، تنعم بالسلام داخليًا ومع جيرانها".
ومن جانبه، أوضح متحدث باسم البيت الأبيض أن الولايات المتحدة "ستواصل مراقبة التقدم في الملفات الجوهرية داخل سوريا"، وعلى رأسها ملف العلاقات مع إسرائيل، معتبرًا أن الإدارة الأمريكية "تفهم أن التطبيع عملية طويلة ومعقدة"، إلا أن التقدم فيها ضروري لاستمرار الانفتاح الأمريكي.
وفي حين لم يصدر تعليق رسمي من دمشق حول مسألة التطبيع، إلا أن الترحيب الرسمي الحار بقرار ترامب قد يشير إلى انفتاح تكتيكي جديد من جانب النظام السوري تجاه متغيرات إقليمية تزداد تعقيدًا، خاصة في ظل تصاعد الحديث عن "صفقات كبرى" تقودها واشنطن لإعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة.
0 تعليق