تعشيش السلاحف بشاطئ فويرط.. جهود قطرية لحماية الحياة البحرية - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

الدوحة- على بعد 80 كيلومترا شمال العاصمة القطرية الدوحة -وتحديدا على شاطئ فويرط حيث يلتقي البحر بالهدوء- انطلقت الثلاثاء فعالية بيئية استثنائية أُطلقت خلالها صغار السلاحف صقرية المنقار نحو أعماق الخليج.

في ذلك المكان الذي يعد من أبرز مواقع تعشيش السلاحف البحرية في قطر تأتي هذه الفعالية في إطار مشروع حماية السلاحف البحرية والبرنامج الوطني لحماية التنوع البيولوجي في قطر كجزء من جهود وزارة البيئة لحماية الأنواع المهددة بالانقراض، وتوفير بيئة آمنة لمواسم تعشيش السلاحف التي تمتد من أبريل/نيسان حتى يوليو/تموز من كل عام.

ويشكل إطلاق صغار السلاحف صقرية المنقار على شاطئ فويرط حدثا بيئيا ذا أبعاد علمية وتوعوية يعكس التزام الدولة بحماية الحياة الفطرية البحرية وصون التنوع البيولوجي.

وتمثل السلاحف البحرية جزءا جوهريا من النظام البيئي البحري، وتتطلب حمايتها جهودا تكاملية، وقد أجرت الوزارة وجامعة قطر وشركة قطر للطاقة دراسات علمية متقدمة لرصد سلوك السلاحف وبيئاتها في مختلف الشواطئ والجزر.

وشملت هذه الأبحاث قياسات بيولوجية وبيئية، منها عدد البيض وتحليل تأثيرات المد والجزر ودراسة الحمض النووي لصغار السلاحف.

مجموعة من صغار السلاحف صقرية المنقار خلال عملية إطلاقها فى شاطيء فويرط- الجزيرة
مجموعة من صغار السلاحف صقرية المنقار خلال عملية إطلاقها في شاطئ فويرط (الجزيرة)

50 ألف سلحفاة

وخلال مشاركته في الحدث أكد وزير البيئة والتغير المناخي القطري عبد الله بن عبد العزيز بن تركي السبيعي أن موسم تعشيش السلاحف يعكس التزام الدولة بالحفاظ على الحياة الفطرية، مشيرا إلى استمرار جهود الوزارة في تنفيذ برامج علمية وميدانية من أجل ضمان استدامة هذه الأنواع النادرة، تماشيا مع الالتزامات البيئية الوطنية والدولية لدولة قطر.

وأوضح السبيعي أن السلاحف صقرية المنقار تواجه مخاطر متعددة، من بينها أنشطة الصيد والكائنات المفترسة والتدخلات البشرية على الشواطئ، وأن تخصيص شاطئ فويرط كمحمية طبيعية يهدف إلى توفير بيئة آمنة لتعشيش هذه الكائنات.

إعلان

وأطلقت وزارة البيئة القطرية منذ عام 2019 وحتى اليوم أكثر من 50 ألف سلحفاة إلى البحر بعد نقل نحو 125 عشا إلى شاطئ فويرط، بالإضافة إلى تنفيذ برامج متقدمة شملت ترقيم السلاحف وتحليل الحمض النووي واستخدام أجهزة تتبع بالأقمار الصناعية لرصد تحركاتها، وفق وزير البيئة القطري.

وتوضح نتائج الدراسات التي قامت بها وزارة البيئة بالتعاون مع شركائها أن عدد إناث السلاحف التي تعشش سنويا على الشواطئ القطرية يتراوح بين 164 و345 سلحفاة.

وتستحوذ شواطئ رأس لفان ورأس ركن والغارية وفويرط على نحو 90% من مواقع التعشيش في الدولة.

معايير السلامة

وأشار خالد المهندي مساعد مدير إدارة تنمية الحياة الفطرية في وزارة البيئة والتغير المناخي إلى أن حماية صغار السلاحف خلال فترة الفقس تمثل أولوية قصوى في برامج الوزارة الميدانية، مشيرا إلى اعتماد معايير دقيقة وإجراءات احترازية مدروسة تضمن سلامة هذه الكائنات الحساسة في مرحلة انتقالها من العش إلى البحر.

وتشمل تلك المعايير الامتناع عن لمسها أو الاقتراب من مواقع الأعشاش، والحد من الإضاءة الليلية التي قد تربكها، ومنع اصطحاب الحيوانات الأليفة إلى مناطق التعشيش، والالتزام بتعليمات الفرق البيطرية والميدانية، والمساهمة في الجهود البيئية من خلال التبليغ عن مشاهدات السلاحف.

وأوضح المهندي في تصريح للجزيرة نت أن جهود دولة قطر في مجال حماية الحياة البحرية أسهمت في تعزيز التنوع الحيوي بالبيئة البحرية القطرية، وجعلت مياهها الإقليمية ملاذا آمنا للكائنات البحرية النادرة على مستوى العالم، ومنها بقر البحر (الأطوم) وقرش الحوت الذي يشهد أكبر تجمّع له في منطقة حقل الشاهين.

وتمثل حماية البيئة البحرية أولوية وطنية تنسجم مع رؤية قطر 2030، ومع التزامات الدولة باتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، حيث يشير المهندي الى تخصيص 2.5% في الوقت الحالي من مساحة الدولة كمحميات بحرية طبيعية، وإنجاز خطة العمل الوطنية لحماية الموارد البحرية، بالإضافة إلى إعداد خرائط تفصيلية للمناطق الساحلية والموائل القاعية بهدف دعم استدامة هذه الموارد وضمان حمايتها.

وزير البيئة خلال مشاركتة فى إطلاق صغار السلاحف – الجزيرة
وزير البيئة القطري خلال مشاركته في إطلاق صغار السلاحف (الجزيرة)

بيئة قاسية وصعبة

وفى تصريح للجزيرة نت، أكد رئيس مركز حماة الطبيعة في قطر سيف الحجري أن حماية الحياة الفطرية تعد ركيزة أساسية في إستراتيجية قطر البيئية، مشددا على أن الكائنات الفطرية التي تعيش في بيئة قاسية وصعبة بحاجة إلى دعم متواصل لضمان استمرارها وازدهارها، بما يسهم في الحفاظ على التوازن البيئي والتنوع الحيوي في الدولة.

ووفق الحجري، خصصت وزارة البيئة والتغير المناخي في قطر إدارة معنية بصون الطبيعة تعمل بشكل منسق ومتكامل لضمان استدامة الأنظمة البيئية، بما يتوافق مع رؤية قطر الوطنية 2030 التي أولت اهتماما واضحا بحماية البيئة والحياة الفطرية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من التنمية المستدامة.

وأشار إلى أن دولة قطر أنشأت 12 محمية طبيعية موزعة في أنحاء البلاد، بهدف حماية الأنواع النباتية والحيوانية المهددة بالانقراض، من بينها جهود حثيثة لحماية السلاحف البحرية، ولا سيما في مناطق تكاثرها مثل شاطئ فويرط، حيث تنفذ برامج علمية منظمة لرصد أعشاش السلاحف وتأمينها حتى فقسها.

إعلان

وتتضمن الكائنات التي تركز عليها وزرة البيئة القطرية أبقار البحر، ويقول الحجري إنها من الكائنات البحرية النادرة والمهددة عالميا، وتحتضن منطقة خليج سلوى أحد أكبر تجمعاتها في العالم بنسبة تعد من الأعلى عالميا، وهو ما يعكس نجاح السياسات البيئية المتبعة على المستوى الوطني.

ويضيف رئيس مركز حماة الطبيعة أن هناك جهودا متميزة تبذل أيضا في رصد وحماية كائنات بحرية كبرى مثل قرش الحوت الذي يتكرر ظهوره في المياه القطرية خلال مواسم معينة، مما يعزز مكانة قطر كموقع بيئي فريد على مستوى المنطقة.

وفيما يتعلق بالجانب التشريعي، قال الحجري إن الدولة أصدرت حزمة من القوانين واللوائح التي تجرم الإضرار بالحياة الفطرية وتفرض عقوبات صارمة على المخالفين، كما تدعم البرامج البحثية والعلمية بالتعاون مع مراكز أكاديمية متخصصة.

وختم الحجري حديثه بالتأكيد على أن الجهود القطرية لحماية الحياة الفطرية ليست موسمية أو مؤقتة، بل هي نهج إستراتيجي يبنى على أسس علمية وميدانية، ويجمع بين التوعية المجتمعية والتشريعات والرقابة والدعم الفني، مما يجعل قطر نموذجا يحتذى في صون البيئة بمنطقة الخليج العربي والعالم.

أخبار ذات صلة

0 تعليق