في أية ظروف تعمل المنظمات المدافعة عن المهاجرين في تونس؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

تونس- تشهد تونس جدلا متزايدا بسبب استمرار ملاحقة عدد كبير من نشطاء المجتمع المدني، لا سيما العاملين في مجال الهجرة واللاجئين، حيث توجّه لهم السلطة تهما خطِرة منها تسهيل دخول "أشخاص أجانب" بطريقة غير نظامية والسعي إلى توطينهم في البلاد.

وتأتي هذه القضية في ظل وضع عام يعاني فيه البلد من تضييق متزايد على الحريات السياسية والمدنية، وتراجع كبير في هامش العمل الحقوقي، وفق ما يؤكد مراقبون ومحللون سياسيون.

ومن المعتقلين، ناشطات وناشطون بارزون مثل رئيسة جمعية "تونس أرض اللجوء" شريفة الرياحي، المحتجزة منذ أكثر من سنة، وتواجه تهما بـ"مساعدة مهاجرين في وضعية غير قانونية" و"غسْل أموال"، رغم أن التحقيق المالي لم يثبت وجود أي شبهات في هذا الجانب.

قمع وتضييق

كما تحتجز أيضا سعدية مصباح الناشطة الحقوقية ورئيسة جمعية "منامتي" المناهضة للعنصرية، والتي اعتُقلت قبل سنة ضمن حملة شاملة طالت منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الهجرة.

ويشمل ملف الموقوفين أيضا مصطفى الجمالي المدير الإقليمي السابق للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الذي يواجه تهما بالإرشاد والتوسط لدخول وإيواء مهاجرين.

إضافة إلى عبد الرزاق كريمي، الناشط في المجلس التونسي للاجئين، وذلك على خلفية إعلان المجلس طلب عروض لتأمين إقامة إنسانية لطالبي اللجوء واللاجئين.

وترى منظمات المجتمع المدني في هذه الاعتقالات تجريما مباشرا للعمل الإنساني والتضامني، متهمة السلطة بتسخير القضاء ضمن سياسة ممنهجة لقمع الأصوات الحرة، ومحاولة إسكات أشكال التضامن مع المهاجرين وطالبي اللجوء.

كما تؤكد أن النظام السياسي الحالي في عهد الرئيس قيس سعيد يستخدم هذه الاتهامات لتبرير حملات القمع والتضييق عبر خطاب يشدد على وجود "تغيير في التركيبة الديمغرافية" و"مؤامرة تهدد أمن الدولة".

إعلان

ووفقا لها، فإن استمرار اعتقال هؤلاء النشطاء يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، بحرمانهم من حريتهم تعسفا بناءً على نشاطهم المدني والإنساني، داعية إلى الإفراج الفوري على جميع المعتقلين ووقف الملاحقات السياسية والقضائية.

استهداف ممنهج

في هذا السياق، يقول رمضان بن عمر، الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (غير حكومي) إن هناك إرادة سياسية لدى السلطة لاستهداف نشطاء المجتمع المدني الموقوفين وتحويلهم إلى أكباش فداء، سعيا لدعم الرواية الرسمية التي تتحدث عن مؤامرة ضد الدولة وتأليب الرأي العام ضدهم.

ويضيف للجزيرة نت، أن القضاء قام بتشديد التهم الموجهة لهؤلاء النشطاء الموقوفين حيث قامت النيابة العمومية برفض التهم البسيطة ضدهم وحولتها إلى جنائية خطِرة عقوبتها قاسية.

كما أشار إلى وجود "تمطيط" في المسار القضائي للنشطاء المعتقلين، حيث تستمر فترة الاحتجاز في بعض الحالات أكثر من سنة دون اتخاذ قرارات واضحة، مع رفض دائم لطلبات الإفراج المقدمة من الدفاع.

وحسب بن عمر، هناك حالات إنسانية حرجة بين المعتقلين، مثل شريفة الرياحي التي كانت قد وُجهت إليها تهم ثقيلة قبل إسقاطها، لكنها ما تزال محرومة من لقاء أطفالها مباشرة. وأضاف أن هناك موقوفين يعيشون أوضاعا صحية صعبة على غرار مصطفى الجمالي وعياض بوسالمي وسعدية مصباح.

ويربط هذا التصعيد القضائي بخطاب رسمي "عنصري" أطلقه الرئيس قيس سعيد في فبراير/شباط 2023 ضد المهاجرين الأفارقة، والذي أشار فيه إلى "وجود مؤامرة تهدف إلى تغيير التركيبة الديمغرافية بتوطين المهاجرين الأفارقة في تونس".

وتعكس الملاحقة القضائية لنشطاء المجتمع المدني -وفق بن عمر- موقفا رافضا من أعلى هرم السلطة تجاه المنظمات المستقلة التي لا تتماهى في رؤية الرئيس السياسية.

قضايا مفتعلة

بدوره، اعتبر هشام العجبوني، القيادي في حزب التيار الديمقراطي، أن القضايا المرفوعة ضد نشطاء المجتمع المدني مفتعلة وتهدف إلى إلصاق تهم باطلة بالمعتقلين، تستند إلى سردية مزعومة عن مؤامرة تغيير التركيبة الديمغرافية.

وقال للجزيرة نت، إن هذه الاتهامات مبنية على مغالطات، حيث أثبت المعهد الوطني للإحصاء أن عدد المهاجرين الأجانب في تونس قليل جدا، ما يدحض السردية الرسمية التي تستخدمها السلطة لتبرير القمع.

وحسب العجبوني، أصبح القضاء على أي صوت معارض أو مستقل سياسة رسمية للنظام، الذي يفرض على منظمات المجتمع المدني إما الانخراط في رؤيته السياسية أو مواجهة اتهامات التخوين والتجريم، وهو ما ينطبق على كل الجمعيات التي لا تتوافق مع هذا الإطار.

وأكد أن مسلسل التهم والمحاكمات التي تشهدها تونس سواء ضد المعارضين أم نشطاء المجتمع المدني خلق حالة من الرعب والترهيب في أوساط المجتمع المدني والسياسي، حيث لم يُستثن أحد من هذه الملاحقات، في ظل بيئة حقوقية وسياسية تتسم بتراجع حاد في حرية التعبير والعمل المدني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق