في لحظة فارقة على خريطة العلاقات الثقافية الدولية، شاركت جمهورية مصر العربية كـ"ضيف شرف" في معرض كراكاس الدولي للكتاب 2025، لتصبح أول دولة عربية تحظى بهذا التكريم في تاريخ المعرض، وهو ما يعكس عمق الحضور المصري وتأثيره المتنامي في دوائر الثقافة اللاتينية.
افتتاح رئاسي يؤكد رمزية المشاركة
افتتح المعرض الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، متوجهًا مباشرة إلى الجناح المصري الذي اتخذه محطته الأولى، في رسالة رمزية واضحة تعكس التقدير الرسمي للمكانة الثقافية والحضارية لمصر، وقد رافقه وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو، والسفير المصري لدى فنزويلا كريم أمين، في مشهد جسّد الارتباط الوثيق بين البُعدين الثقافي والدبلوماسي لهذه المشاركة.
75 عامًا من العلاقات المصرية الفنزويلية.. الثقافة توثّق التاريخ
واحتفالًا بمرور 75 عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وكاراكاس، شهد المعرض فعاليات متنوّعة أبرزت عمق الروابط التاريخية، وسلطت الضوء على الدور الريادي لفنزويلا في دعم القضايا العربية، وخاصة في المحافل الدولية. وقد تجلى هذا البعد في تصميم شعار المعرض، الذي جمع بين رموز الحضارة المصرية والهوية اللاتينية، تأكيدًا على التمازج الثقافي بين البلدين.
لقاء وزيري الثقافة.. تأسيس لجسر ثقافي ممتد
وعلى هامش الفعاليات، عقد وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد هنو لقاءً رسميًا مع نظيره الفنزويلي، بحضور السفير المصري وقيادات ثقافية رفيعة، ناقش الطرفان سبل توسيع مجالات التعاون الثقافي، لا سيما في مجالات النشر، الترجمة، الفنون، والتبادل الأكاديمي، بما يُمكّن من بناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد.
الجناح المصري.. هوية بصرية ورسالة حضارية
حمل الجناح المصري في المعرض توقيعًا بصريًا لافتًا، إذ دمج بين رمزية الفراعنة وجماليات المعاصرة، ليُقدم صورة شاملة للهوية الثقافية المصرية. وشمل الجناح إصدارات من الهيئة العامة للكتاب، دار الكتب والوثائق القومية، المركز القومي للترجمة، والمجلس الأعلى للثقافة، إلى جانب مؤسسات دينية مثل الأزهر الشريف والكنيسة القبطية. كما عرضت مجموعة مبهرة من الحرف اليدوية وفنون النسيج التقليدي من إنتاج صندوق التنمية الثقافية، مما أضفى طابعًا تفاعليًا ثريًا على المشاركة.
محاضرات وندوات.. مصر تحاور الثقافة اللاتينية
شهدت قاعة مصر سلسلة من المحاضرات والندوات شارك فيها نخبة من المفكرين المصريين، من بينهم الدكتور أحمد زايد الذي استعرض تجربة مكتبة الإسكندرية، والدكتور أسامة طلعت الذي تحدث عن الحضارتين الإسلامية والقبطية. كما قدم الإعلامي سيد جبيل رؤيته حول الإعلام المستقل، فيما تناول المعماري حمدي السطوحي العمارة المصرية التقليدية، وألقى الشاعر طارق وليم صعب، النائب العام الفنزويلي، أمسية أدبية أثرت برنامج الفعاليات الثقافية.
زيارات رفيعة تؤكد مكانة مصر الثقافية
استقبل الجناح المصري عددًا من الشخصيات الفنزويلية البارزة، من بينها نائب الرئيس، ووزير الثقافة، والنائب العام، في دلالة على التقدير الكبير الذي تحظى به مصر رسميًا وشعبيًا في فنزويلا.
أمسية السفارة المصرية.. احتفاء بالثقافة والوطن
نظمت السفارة المصرية بكراكاس أمسية مميزة جمعت بين البعد الوطني والثقافي، بمناسبة مشاركة مصر كضيف شرف واحتفالًا بذكرى ثورة 30 يونيو، بحضور وزير الخارجية الفنزويلي وعدد من سفراء الدول الصديقة، إلى جانب تكريم شخصيات مصرية بارزة.
الكتب المصرية بالإسبانية.. جسور معرفية إلى أمريكا اللاتينية
في بادرة ثقافية استراتيجية، أهدى وزير الثقافة المصري للرئيس الفنزويلي كتابين عن الحضارة المصرية باللغة الإسبانية. كما حرصت الوزارة على توفير إصدارات موجهة للأطفال وكتب علمية ودينية بلغتين، ما يعكس وعيًا بأهمية اللغة في بناء جسور ثقافية ممتدة مع الشعوب الناطقة بالإسبانية.
مصر تقدم نفسها للعالم.. ماضيها العريق ومستقبلها المتجدد
نجحت مصر، من خلال مشاركتها المتميزة في معرض كراكاس الدولي للكتاب، في تقديم صورة حضارية متكاملة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، مؤسِّسةً بذلك لمنصة دائمة للحوار الثقافي مع دول أمريكا اللاتينية، وقادرة على توسيع نطاق التأثير المصري في دوائر الفكر العالمي، لا سيما في ظل الاهتمام المتزايد بدراسات ما بعد الكولونيالية، التي تملك مصر فيها رصيدًا معرفيًا ثريًا.
0 تعليق