"القطَّان" تُطلق "سأحفر كل ما تحكي لي الشمس": "استعادات" أرشيفية تحاور الواقع الدامي وتضيء عليه - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

رام الله: افتتحت مؤسسة عبد المحسن القطَّان، أول من أمس، معرضها الجماعي "سأحفر كل ما تحكي لي الشمس"، في مقرها في رام الله، الذي يسائل عبر أعمال أرشيفية واستكشافات آنية من خلال 18 إنتاجاً وعملاً فنياً، العلاقات المتشابكة بين التاريخ والزمن تحت نير الاحتلال، ودورته المتكررة، والتجارب المجزّأة للفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة وفي الشتات.
تشير قيّمة المعرض ريم شديد، خلال كلمتها الترحيبية بالجمهور خلال الافتتاح إلى رحلة بناء المعرض، الذي بدأ بفكرة بحث ودعوة عامة أقام عليها المدير السابق للبرنامج العام في مؤسسة عبد المحسن القطان يزيد عناني، وكانت تحت عنوان "السؤال المجتمعي"، حيث يبحث الفنانون في أرشيفات المجتمع المدني للتفكير في سيرورة التحرير في فلسطين.
وتقول: "شكل هذا الاقتراح مرتكزاً مهماً للبدء بالتفكير بأسئلة جوهرية، شكلت لاحقاً محاور مهمة في المعرض وبرنامجه العام. واحد من الأسئلة التي شغلتنا كان كيف نقرأ الأرشيف في فلسطين بشكل صريح وواضح؟ بعيداً عن النظرة المجردة واستحضاره كاستعادة تاريخيّة، حيث نرى في هذا الوقت العصيب تكراراً لمشاهد من الأرشيف تحدث بطرق أخرى أكثر عنفاً واشتداداً لهمجية الاحتلال ووحشيته".
وأضافت: "كما يأتي، أيضاً، سؤال ماذا تعني لنا (فلسطين حرة) باختلاف تجاربنا كفلسطينيين نعيش داخل فلسطين بمختلف جغرافياتها وفي الشتات".
فيما تقول المديرة العامة لمؤسسة عبد المحسن القطان؛ فداء توما: إنه و"منذ نكبة 1948 وحتى الإبادة الجماعية الجارية، ظلّت الثقافة في فلسطين فعلاً مقاوِماً، لا ترفاً. في لحظة يُراد لنا فيها أن نصمت ونُمحى، يعيدنا هذا المعرض إلى سؤال جوهري: أي مجتمع نريد أن نكون؟ وأي مستقبل نصنع لأنفسنا، بالذاكرة والفعل الجماعي؟".
وفي ظل حقيقة تفشي دموية العالم، وتجاهله الإبادة التي لا يمكن الالتفاف عليها، ومواراتها خلف الاستعارات الكبرى، ينقب عدد من فناني المعرض في أرشيفات منظمات المجتمع المدني الفلسطيني والحياة الثقافية، بوصفها مرآة للواقع وشاهدةً عليه، منها أرشيف مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، الذي يوثق تجارب الاعتقال الإداري والإضراب عن الطعام والاحتجاز بعد الاستشهاد في الأسر، بالإضاءة على قضية الأسير الشهيد خضر عدنان وتجربته، وكذلك تقارير الحركة الدولية للدفاع عن الأطفال (DCI)، بتسليط الضوء على التجربة البصرية للأطفال الفلسطينيين في سياق الحرب المستمرة ضدهم، في استجواب نقدي لفعالية القوانين الدولية المنصوصة لحمايتهم، إلى جانب مشاريع رواق مركز المعمار الشعبي، التي تعمل على حفظ الذاكرة الجمعيّة الفلسطينيّة، من خلال مشاريع توثّق وتحيي المواقع المعماريّة التراثيّة على امتداد الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، إلى جانب البحث في أرشيفات "الأونروا" في غزة، والمخيمات الفلسطينية الثمانية فيها بين العامين 1950–2024، إضافةً إلى تجربة مسرح المضطهدين والمسرح المنبري في مسرح عشتار. هذا، وقد استخدم فنانون بعض أرشيفات صحف فلسطينية، كصحيفة الأيام، وصحيفة الاتحاد، لاستشفاف التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عايشها المجتمع الفلسطيني، وإعادة تأويلها.
كذلك يتعامل فنانون آخرون مع الجسد بوصفه "أرشيفاً حيّاً"، منطلقين من تجارب وحكايات شخصية، نحو قضايا عامة كالهوية، والعدالة، والصمود المجتمعي، وما تتجلى فيها من لحظات يلتقي بها الشخصي بالعام، في رحلة تأملية للحياة اليومية وما يتخللها من ممارسات "عادية"، كشاهد على الواقع وأثرها على الوعي الجماعي، متقفين تعقيدات المعاناة والذاكرة، متنقلين بين الماضي والمستقبل، ضمن واقع يحتل فيه الاحتلال وبناه الاستعمارية وأدوات السيطرة فيه قلب الصورة، ولا يشكل، فقط، خلفية له.
يطرح المعرض وبرنامجه العامّ اللذان تشكلا خلال الإبادة الجماعية والحرب على فلسطين (تشرين الأول 2023 – الآن)، سؤالاً جوهرياً ما زال معناه يتكشف وسط عدوان ومجزرة لم تنتهِ وما زلنا نراقب حدوثها أمام أعيننا، في غزة وفي الضفة الغربية، هو: "كيف نبني مستقبلاً يرفض المساومة على نهاية الاحتلال؟ وكيف يمكن للقراءة أن تصبح فعلاً لاستعادة الزمن والسيطرة عليه؟".
ولا يقف المعرض عند هذه الأسئلة فحسب، بل يسائل، أيضاً، معنى الإنتاج الفني في هذه اللحظة الحالكة من تاريخ القضية الفلسطينية، غير مكتفٍ بفعل الشهادة على إمعان آلة القتل والدمار الاستعمارية، محاولاً خلق مساحة لانكشاف أفعال تجابه القسوة التي تحاول تجريد الإنسان من إنسانيّته، ساعياً إلى موضعة الفن كوسيلة للمقاومة والتذكّر والأمل، ومنصة لإعلاء الصوت، ولفت النظر.
قيّمات المعرض: ريم شديد، وبكرية صائب، والقيّمة المساعدة: ياسمين حليلة، أما الفنانون المشاركون فهم: رنا البطراوي، شريف سرحان، إملي جاسر، سليم أبو جبل، شيماء عصمت، محمود الشاعر، رهاف البطنيجي، عاهد إزحيمان، منذر جوابرة، سمر عزريل، ريبال ديرية، عز الجعبري، ربى الفراونة، حنا قبطي، أحمد الأقرع، بسمة الشريف، رلى حلواني، نور عابد، غسان ندّاف، علا زيتون.

 

أخبار ذات صلة

0 تعليق