منذ تأسيسها، أخذت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم على عاتقها مهمة توحيد الرؤية الإفتائية عالميا، وتطوير أدوات الفتوى بما يتناسب مع التغيرات الاجتماعية التكنولوجية. لكن الذكاء الاصطناعي يشكل تحديا كبيرا امام الفتاوى والمفتين في مختلف أنحاء العالم.
لذا كان من الذكاء ومواكبة أحداث العصر اختيار موضوع المؤتمر الدولي العاشر للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تحت عنوان " صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي" ، والذي أقيم بالقاهرة برعاية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبمشاركة أكثر من 80 دولة، ضمت كبار المفتين وعلماء وخبراء متخصصين في الشريعة والتكنولوجيا.
جاء هذا المؤتمر بموضوعه الاستشرافي ليؤكد على أهمية إعداد مفتي قادر على الجمع بين التعمق في العلوم الشرعية والإلمام بالتقنيات الحديثة، بما يضمن إصدار فتاوى رصينة تراعي الواقع وتستشرف المستقبل.
في نفس الوقت يناقش تحدي الذكاء الاصطناعي في التعامل مع الفتاوى التي يطلبها مستخدموه.
الحقيقة ان الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بقيادة فضيلة الدكتور نظير محمد عياد مفتي الديار المصرية، استطاعت أن تجعل من المؤتمر منصة حوارية كبرى تربط بين عراقة العلوم الشرعية وحداثة التقنيات الرقمية، وتفتح الباب أمام أجيال جديدة من المفتين للتعامل الواعي مع أدوات الذكاء الاصطناعي، مع الحفاظ على الضوابط الشرعية والمنهجية العلمية الأصيلة.
اللافت أيضا ذلك الدور الذي يقوم به الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية والأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم. حيث قدم عرضا حظي بإشادة واسعة تناول فيه رؤية متكاملة لصناعة المفتي الرشيد في زمن التحولات الرقمية، وضرورة تسليح المفتين بالمهارات التقنية والمعرفة العميقة بمستجدات وتطورت العصر، مع الالتزام بالمنهج الوسطي الذي يحقق مقاصد الشريعة ويحمي المجتمعات من الفتاوى المتشددة أو المنفلتة أو الخاطئة.
الحقيقة ان الإشادة بالجهد الكبير الذي تبذله الأمانة العامة تحت قيادته في تطوير برامج التدريب، وإطلاق مشروعات رقمية إفتائية، وبناء قواعد بيانات متطورة للفتاوى، بما يواكب سرعة التغير في عالم المعلومات، أمر ليس بغريب، فنحن أمام منظومة تسعى لبناء متخصصين في الفتوى يتفاعلون مع المستقبل.
بشكل عام، المؤتمر خرج بعدد من التوصيات الهامة، أبرزها ادماج التقنيات الذكية في منظومة الإفتاء، وانشاء برامج تدريبية متخصصة تجمع بين العلوم الشرعية والتقنية، وتعزيز التعاون الدولي بين دور الإفتاء لتبادل الخبرات ومواجهة التحديات المشتركة.
فالحقيقة التي لا يمكن أن نغفلها هي أن صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي لم تعد خيارا بل ضرورة حتمية.. فالجمع بين الأصالة والمعاصرة هو السبيل لضمان استمرار رسالة الإفتاء في خدمة الناس.
0 تعليق