لينعم بالنعيم المقيم .. خطيب المسجد الحرام: السعيد من تزود من حر الدنيا لحرِ الآخرة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 قال الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة، إمام وخطيب المسجد الحرام، إنه لا شيء يقع في هذا الكون إلا بتقدير الله سبحانه وتعالى ومشيئته، وحكمته وإراداته، من ليل ونهار، ورياح وأمطار، وزمهرير، وتحول وتكرار. 

لينعم بالنعيم المقيم 

وأضاف “ بليلة” خلال خطبة الجمعة الثااثة من شهر صفر اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة : وهو  ما يجعل المؤمن يوقِنُ بأنَّ هذه الدُّنيا ليست بدار قرار، وذلك كله من آيات الله الكونية، الدَّالَّة على عظيم قوته وقدرته، وسَعَةِ علمه وحكمته، ولطيف مشيئته ورحمته.

وأوضح أنَّ كلَّ شيء عنده سبحانه بمقدار، قائلاً: مَن هَذَا الَّذِي لَم يُؤْذِهِ حَرُّ الصَّيفِ، وَمَن مِنَّا مَن لَم يَلْفَحْ وَجْهَهُ هِيبُ الشَّمْسِ، كُلُّنا وجَدَ نصيبَهُ مِن ذلك قل أو كثرَ، إِنَّهُ واعظ الصيف الذي يذكر الله به عبادَهُ حَرَّ المحشر، وعذاب النَّارِ، فشِدَّةَ الحرّ من الآيات التي يرسلها الله إلى عبادِهِ تَخوِيفًا وذِكْرَى، مَوعِظَة وعِبْرَةً.

واستشهد بما قال تعالى: (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا)، موضحًا أن السعيد من تزوَّدَ مِن حَرِّ الدُّنيا لحرِ الآخِرَةِ، ومَن صبَرَ على العبادة في الهواجر؛ لينعم بالنعيم المقيم يومَ تُبلَى السَّرائِرُ.

كله مدون مكتوب

وأشار إلى أنَّ ما يُصيب المؤمن فيهِ مِن شَدَّةٍ، وَجَهْدٍ وَإعياءٍ، كلُّهُ مُدَوَّنٌ مكتوب، مقيدٌ محسوب، عند من لا تضيع عنده القربات، ولا تُفَقَدُ عِندَهُ الطَّاعَاتُ بِهِ تُكَفَّرُ السيئات، وتضاعف الحسنات، وتُرفع الدرجات.

ودلل بما ورد عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ، وَلَا نَصَبٍ، وَلَا سَقَمٍ، وَلَا حَزَنٍ حَتَّى الهم يُهَمهُ إِلَّا كُفْرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ".

ونبه إلى أنَّ الأعمال يُضاعَفُ أجرها، ويُزاد ثوابها، وتثقل موازينها، بِقَدْرِ ما قَامَ بِقُلُوبِ أصحابها من نية وإخلاص، وتَجَلُّدِ واصطبار، مشيرًا إلى أنه من رحمة الله بعباده أن شرع لهم فيه من الأعمال ما يُطيقون، ولم يُكَلِّفُهُمْ ما يشق عليهم.

الإبراد بالصَّلاةِ

واستند لما روي عن أبي هريرة، عن النَّبِيِّ، قَالَ: "إِذا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ" متفق عليه، والإبراد بالصَّلاةِ، تأخيرها إلى آخِرِ وقتها، حِينَ يَخِفُ حَرُّ الظهيرة، قبل دخولِ وَقْتِ الَّتِي تليها، ويقاس عليه ما كان من جنسها من العبادات، مما يجوز فيه التأجيل.

وبين أنه من كان عليه قضاء صيام من رمضان، أو كفارة صيام أو نحوها، جاز له أنْ يَؤخِرَّهُ إِلى أَيامِ الْبَرْدِ، إِذا شَقَّ عَلَيهِ القضاء في الحر، يَدلُّ لذلِكَ حَدِيثُ عائشةَ قَالَتْ: "كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ" متفق عليه، والمبادرة أفضل.

وحذر من التسخط والشَّجَرَ على شِدَّةِ الحر من الاعتراض على قضاء الله وقدره، ومشيئته وإرادته، وأَنَّ مَا يَقَعُ فِي هَذَا الكَوْنِ مِنْ شِيْءٍ، إِلَّا لِحِكْمَةٍ وَمِصْلَحَةِ، وَفَائِدَةٍ ومنفعة، فاتَّقُوا الله واحفظوا قلوبكم وألسنتكم، مما يُنقِصُ إيمانكم، ويخدش توحيدكُم، فإنَّ من تحقيق التَّوحِيدِ الرِّضا والتسليم لأحكامِ اللهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَسُننِهِ الكونية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق