قالت صحيفة لوفيغارو إن هناك الكثير من المواضيع المحتملة للنقاش بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب وضيفه الروسي فلاديمير بوتين، ولكن الصمت ساد إلى حد كبير في نهاية المؤتمر الصحفي الذي عقداه في قمة ألاسكا.
كان من المحتمل -حسب تقرير أليكسيس فيرتشاك للصحيفة- أن يناقشا التنازلات الإقليمية والعقوبات الثانوية والطاقة النووية والضمانات الأمنية واتفاقية التجارة، ولكن لم يعلن عن أي شيء مهم في النهاية، وبالتالي تركت القمة من الأسئلة أكثر مما قدمت من الإجابات، رغم نبرة الود، بل والدفء التي اتسم بها اللقاء.
وصف ترامب اللقاء بأنه "مثمر للغاية"، ووصفه بوتين بأنه "بناء"، مما يعكس الأجواء العامة لهذه القمة التي بذل فيها الرئيس الأميركي قصارى جهده للترحيب بنظيره الروسي الذي ركب معه سيارة "الوحش"، ومشى معه تحت قاذفات الشبح بي 2، محاطين بمقاتلات إف 22 على الأرض، قبل تبادل المصافحات والابتسامات.
ما قيل
ورغم "خيبة أمل ترامب الكبيرة من بوتين وتصريحه بعد محادثة سابقة بينهما قائلا "أخبرتكم أنني مستاء للغاية من محادثتي مع الرئيس بوتين"، لم يكن هناك صدام كبير بين الزعيمين ولم يكن ذلك متوقعا، كما حدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عند زيارته للبيت الأبيض أواخر فبراير/شباط، عندما هاجمه ترامب ونائبه جيه دي فانس خلال لقاء إعلامي مهين للغاية، حسب وصف الصحيفة.
مما قيل -حسب الصحيفة- أنه لا خلاف، ولكن لا اتفاق أيضا، وبالتالي يتعين انتظار "الصفقة الكبرى" القادمة التي تباهى بها ترامب مسبقا الأسبوع الماضي، متلهفا لنيل جائزة نوبل للسلام، وقال "لم نصل إلى هناك بعد، لكننا أحرزنا تقدما".
وقال ترامب في مقابلة مع قناة فوكس نيوز إن "الأمر الآن يعتمد على الرئيس زيلينسكي لإنجاز هذا الأمر. وأود أن أقول أيضا إن على الدول الأوروبية أن تتدخل قليلا، لكن هذا يعتمد على الرئيس زيلينسكي".
إعلان
واقترح ترامب قمة ثلاثية مع أوكرانيا، وبدا زيلينسكي أكثر تفاؤلا بشأن هذه المسألة، وقال "ندعم اقتراح الرئيس ترامب بعقد اجتماع ثلاثي بين أوكرانيا والولايات المتحدة وروسيا، وأكدت أوكرانيا أن معالجة القضايا الرئيسية تمكن على مستوى القادة، وأن الصيغة الثلاثية مناسبة لهذا الغرض".
الجميع قرر أن أفضل سبيل لإنهاء الحرب المروعة بين روسيا وأوكرانيا هو الانتقال مباشرة إلى اتفاق سلام ينهي الحرب، وليس إلى اتفاق وقف إطلاق نار بسيط، غالبا ما لا يصمد
بواسطة دونالد ترامب
ما لم يقل
وذكرت الصحيفة بأن القمة لم تعرض أي شيء يتعلق بإمكانية تقديم أوكرانيا تنازلات إقليمية لروسيا، التي ضمت 4 مناطق أوكرانية، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم، مع أن ترامب أشار إلى ضرورة "تبادل الأراضي"، كما لم يتطرق زيلينسكي إلى هذا الموضوع.
ومن بين ما بقي في دائرة الصمت -كما تقول الصحيفة- موضوع وقف إطلاق النار ريثما يتم التوصل إلى اتفاق سلام نهائي، وهو مطلب يسعى إليه الأوروبيون تحديدا، وقد أكده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرا، بينما ينأى الروس، الذين يتقدمون عسكريا في أوكرانيا، بأنفسهم عنه.
ولم يسرب أي شيء في البداية حول هذا الموضوع، لكن ترامب أعلن بعد ساعات قليلة، على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي أن "الجميع قرر أن أفضل سبيل لإنهاء الحرب المروعة بين روسيا وأوكرانيا هو الانتقال مباشرة إلى اتفاق سلام ينهي الحرب، وليس إلى اتفاق وقف إطلاق نار بسيط، غالبا ما لا يصمد"، وعلق الكاتب بأن واشنطن تنحاز في هذه النقطة الخلافية الرئيسية، إلى موسكو.
ومن القضايا التي أحرزت بعض التقدم دون أن تذكر في القمة، مسألة الضمانات الأمنية الشائكة المقدمة لأوكرانيا، إذ عرضت الولايات المتحدة على أوكرانيا يوم السبت "ضمانة أمنية تشبه المادة الخامسة من حلف شمال الأطلسي (ناتو) المتعلقة بالدفاع الجماعي، ولكن دون عضوية رسمية في الحلف"، وقد يعني هذا الاقتراح وسيلة لوعد الروس بعدم السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الناتو، مع ضمان مستوى معين من الدعم العسكري لكييف، حسب الصحيفة.
لا عقوبات ولا اتفاقيات
كان ترامب قد هدد بفرض عقوبات ثانوية في حال فشل المفاوضات، ولكن هذا التهديد لم يعد قائما بعد قمة ألاسكا، وصرح الرئيس الأميركي الذي لم يعلن عن عقوبات مباشرة جديدة على موسكو، قائلا "بفضل ما حدث اليوم، أعتقد أنني لست مضطرا للتفكير في الأمر".
ومع ذلك لا استئناف للتعاون الاقتصادي قبل اتفاق سلام، كما لم يصل ترامب إلى حد رفع بعض العقوبات الحالية، كما كان يخشي بعض المراقبين الأوكرانيين والأوروبيين، رغم أن وزير التجارة الروسي يوري أوشاكوف الذي حضر القمة، أشار قبلها إلى احتمال إقامة "مشاريع واسعة النطاق ذات منفعة متبادلة"، مؤكدا أن "المصالح الاقتصادية لبلدينا تلتقي في ألاسكا والقطب الشمالي"، ورغم أن ترامب منذ تنصيبه، أثار إمكانية إبرام اتفاقية تجارية مع موسكو ولاسيما بشأن المعادن النادرة ومع أن ترامب تحدث قبيل اللقاء عن وجود معاهدات نووية لها علاقة بالردع النووي، لمناقشتها مع بوتين، فإنه لم يكشف عن أي شيء بخصوص هذه النقطة خلال المؤتمر الصحفي المشترك، وهذا لا يعني بالضرورة أن الزعيمين لم يناقشاها خلال لقائهما.
إعلان
وخلصت لوفيغارو إلى أنه عمليا، لم يحرز رسميا أي تقدم، مع استمرار الصمت بشأن جميع القضايا الحساسة، مثل مطالبات روسيا الإقليمية، كما بدا أن ترامب استبعد أي قيود اقتصادية على روسيا لإجبارها على التفاوض، كما أنه لم يحدد بشكل ملموس أسس صفقة روسية أميركية رئيسية، لا في التجارة ولا في القضية النووية.
0 تعليق