التكيف المناخي.. سوق واعدة بحجم 9 تريليونات دولار - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

طوال عقود ركز تمويل أزمة المناخ على التخفيف من آثارها، مثل خفض الانبعاثات، وتطوير الطاقة النظيفة، والسعي لتحقيق أهداف صافي انبعاثات صفري، فيما عانت جهود التكيف المناخي من نقص التمويل وسوء الفهم باستمرار.

ويشير الخبراء إلى أنه رغم التعهدات الجريئة في معاهدات المناخ والبلاستيك والتنوع البيولوجي، لا يزال عمل الحكومات والشركات قاصرا. كما أن الأنظمة المالية لا تزال تعطي الأولوية للعوائد قصيرة الأجل، وتهمل الاستثمارات التي تُعزز المرونة على المدى الطويل، والتي من شأنها أن تُولّد قيمة اجتماعية وبيئية مستدامة.

ومع تضاعف الظواهر الجوية المتطرفة خلال العقد الماضي، شهدت مطالبات التأمين بمليارات الدولارات ارتفاعا هائلا، جراء الكوارث الطبيعة المتواترة.

وتشير دراسة حديثة أجرتها شركة فيريسك مابلكروفت إلى أن أكثر من 1.14 تريليون دولار من القيمة السوقية للشركات معرضة للخطر بسبب التغير المناخي وعوامل الطقس المتطرف بحلول عام 2050، ويمثل ذلك 3 أضعاف حجم التعرض الحالي.

وتعد الشركات المدرجة في البورصات العالمية الكبرى هي الأكثر عرضة للخطر، مما يحول مخاطر المناخ إلى عبء مالي لم يعد بإمكان المؤسسات والشركات ومجالس إدارتها تجاهله.

ومع تسجيل درجات حرارة قياسية عالميا في 2024، ووقوع سلسلة جديدة من الكوارث المناخية خلال العام الجاري، باتت الحاجة إلى حلول التكيف أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.

ويشير مصطلح التكيف المناخي إلى مجموعة التدابير والإجراءات التي تتخذ للاستجابة لتغير المناخ، وذلك يهدف إلى تقليل التأثيرات السلبية لها على المجتمعات والاقتصادات والنظم البيئية.

وتركز الاستثمارات في المناخ تاريخيا على إزالة الكربون، لكن المخاطر المناخية الملموسة على الأرض، والحاجة للتكيف على جميع المستويات، تفتح الباب أمام بروز شركات تقدم حلولا تكيفية كجزء مكمّل للاستجابة الشاملة للتغير المناخي.

إعلان

ورغم ذلك، ما زالت حلول التكيف المناخي مجالا قليل البحث والتقدير في مجال الاستثمار. ويرى بعض المستثمرين أنه يعتمد بشكل كبير على التمويل الحكومي، ما يجعله أقل جاذبية للاستثمار الخاص، كما يعتقد آخرون أن الاستثمار فيه صعب بسبب عدم اليقين بشأن المسارات المناخية المستقبلية.

وفي دراسة مشتركة، قامت بحصر أهم حلول التكيف المناخي ذات الصلة بالقطاع الخاص، وقياس حجم أسواقها، وتقدير القيمة الاستثمارية المحتملة لها.

وأظهرت النتائج أن الفرصة الاستثمارية قد ترتفع من تريليوني دولار حاليا إلى 9 تريليونات دولار بحلول 2050، مع إمكانيات متنوعة في قطاعات ناشئة وناضجة على حد سواء.

حريق غابات بالقرب من مدينة سان لوران دو لا كابريريس بجنوب فرنسا يوم 6 أغسطس/آب 2025 (رويترز)

منهجية تحديد الحلول

ويرى خبراء أن مجال حلول التكيف المناخي واسع جدا، إذ تحدد مبادرة السندات المناخية (CBI) أكثر من 1400 حل ضمن تصنيفها المبتكر "تصنيف المرونة" (CBRT).

وللتعامل مع هذا الكم الهائل، اعتمدت الدراسة منهجية لتحديد أكثر الحلول أهمية، وقياس حجم إيرادات السوق الكلية، وحساب القيمة الاستثمارية المحتملة.

وبدأ العمل بتقييم "مادية المخاطر" مع التركيز على 5 فئات أساسية ذات أثر اقتصادي كبير، وهي العواصف، والفيضانات، وحرائق الغابات، والإجهاد الحراري، وإجهاد المياه. ومن ثم جرى تقليص قائمة الـ1400 حل إلى 14 فئة، ثم إلى 21 منتجا وخدمة قابلة للاستثمار فيها.

كما استخدم الباحثون نموذجا خاصا أطلقوا عليه "مرونة الطلب المناخي"، بهدف تحليل تأثير الاحترار العالمي على الطلب على السلع والخدمات، وتحديد مقدار الطلب الإضافي الذي يدفعه التغير المناخي.

وأظهرت التحليلات أن الإيرادات السنوية العالمية للحلول المختارة قد تنمو من نحو تريليون دولار حاليا إلى 4 تريليونات دولار بحلول 2050.

واستندت التقديرات إلى السيناريو الأساسي من التقرير السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، وهو سيناريو يتوقع أن يتجاوز متوسط درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية.

وتشير النتائج إلى أن هذا الرقم أعلى بنسبة 61% من التوقعات المرجعية، بفضل إدخال أثر "مرونة الطلب المناخي" في الحسابات، ما يضيف نحو تريليوني دولار من النمو الإضافي المدفوع بالاحترار العالمي.

وتُقدر الفرصة الاستثمارية الإجمالية بالارتفاع من تريليوني دولار حاليا إلى 9 تريليونات في عام 2050، منها 3 تريليونات دولار ناتجة عن النمو الإضافي بفعل الاحترار العالمي.

كما لاحظت الدراسة أن التباين في القيمة المقدرة لا يتجاوز زائد أو ناقص 4% عبر مختلف السيناريوهات المناخية، ما يعزز ثقة المستثمرين بالاستثمار في هذا المجال دون الحاجة للتنبؤ الدقيق بمسار المناخ.

Aftermath of Hurricane Idalia Austin Daniel Ellison, whose shrimp business he operated with his father Ronald Daniel Ellison, was destroyed by Hurricane Idalia, looks at the debris left from their business, in Horseshoe Beach, Florida, U.S., August 31, 2023. REUTERS/Julio Cesar Chavez DATE 31/08/2023 SIZE 3500 x 2338 SOURCE REUTERS/JULIO CESAR CHAVEZ
العواصف تعد من أخطر مظاهر التغير المناخي في علاقتها بشركات التأمين (رويترز)

حلول ناشئة وراسخة

وأكدت الدراسة أن الحاجة الحتمية للتكيف المناخي ستدعم نمو كل من الحلول الناشئة والحلول التقليدية. ومنها الذكاء المناخي الذي يعتمد على تقنيات مبتكرة لتحويل بيانات الطقس إلى قرارات عملية، مثل تحسين مسارات الطيران أو دعم الزراعة عبر إدارة الري. ومن المتوقع أن تنمو إيراداته 16 مرة لتتجاوز 40 مليار دولار بحلول 2050، ليصبح من أسرع القطاعات نموا.

إعلان

ومن بين هذه الحلول المفترضة تطوير مكونات المباني المقاوِمة للرياح، وتشمل الأبواب عالية المتانة، والأسقف المعززة، والتدعيمات الهيكلية، لزيادة الصمود أمام العواصف. وقد أظهرت بيانات الأمم المتحدة أن العواصف كانت أكبر سبب للخسائر الاقتصادية عالميا بين عامي 1970 و2019.

ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على هذه المنتجات من 40 مليار دولار حاليا إلى أكثر من 650 مليارًا بحلول 2050، مدفوعا بتشديد قوانين البناء وزيادة وعي المستهلكين، وارتفاع مخاطر الطقس المتطرف.

وتشير الدراسة إلى أن التكيف المناخي مجال سريع التطور، حيث تظهر باستمرار أبحاث وحلول ومعايير جديدة. ويرى الخبراء أن الجمع بين العلوم المناخية والأسس الاقتصادية يمنح المستثمرين رؤية أوضح لتحديد الحلول الأكثر نجاحا في المستقبل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق