عاجل

قمة كابل الثلاثية تضع تعهدات حركة طالبان على المحك - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

كابل- تستعد العاصمة الأفغانية كابل، الأربعاء المقبل، لاستضافة أول قمة رسمية تجمع وزراء خارجية الصين وباكستان وأفغانستان منذ عودة حركة طالبان إلى الحكم في أغسطس/آب 2021، في محطة دبلوماسية تحمل أبعادا سياسية واقتصادية وأمنية هامة.

ويشارك في الاجتماع وزير الخارجية الصيني وانغ يي، ونائب رئيس الوزراء الباكستاني وزير الخارجية إسحاق دار، والقائم بأعمال وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي.

وتتزامن القمة مع خطوات ملموسة في العلاقات الثنائية بين باكستان وأفغانستان، إذ رفعت الدولتان التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى مستوى السفراء، في خطوة تعكس رغبتهما في إعادة الثقة وتأسيس مرحلة جديدة من التعاون، بعد سنوات من التوتر الأمني والتحديات عبر الحدود، خاصة في الأقاليم الباكستانية الغربية المحاذية لأفغانستان.

وقد جاء رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي تنفيذا لرغبة الصين من أجل تعزيز الاستقرار الإقليمي.

مرتكزات القمة

ويأتي هذا الاجتماع بعد سلسلة لقاءات غير رسمية، إذ انعقد اجتماع مماثل في بكين في مايو/أيار 2025 لمراجعة التعاون الإقليمي، وسبقه اجتماع في إسلام أباد في مايو/أيار 2023.

وكان من المقرر أن يزور وزير الخارجية الأفغاني بالوكالة، أمير خان متقي، باكستان أوائل أغسطس/آب الجاري، لكن الزيارة أُلغيت بسبب عدم منح مجلس الأمن الدولي الإذن له بالسفر، إذ لا يزال غير مدرج ضمن قائمة أعضاء طالبان المعتمدين من الأمم المتحدة، مما يعكس التحديات الدولية التي تواجه القادة الأفغان في التنقل والمشاركة الدبلوماسية.

ويتوقع أن تركز القمة على 3 ملفات رئيسية:

مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون لمواجهة تهديد بعض مقاتلي طالبان باكستان "تي تي بي" (TTP) الذين يشنون هجمات تستهدف القوات الباكستانية في المناطق الحدودية مع أفغانستان، مما يعزز مخاوف إسلام آباد ويجعل التعاون الأمني محورا أساسيا في القمة. التعاون الاقتصادي ودمج أفغانستان في الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني "سي بي إي سي" (CPEC)، ومناقشة المشاريع الإقليمية المشتركة، بما في ذلك خط السكة الحديد بين أوزبكستان وأفغانستان وباكستان الممول من الصين. العلاقات الدبلوماسية وبحث مستقبل التمثيل الدبلوماسي والتنسيق السياسي في ظل غياب اعتراف دولي كامل بحكومة طالبان
Taliban fighters ride on the roof of a Humvee during celebrations for the fourth anniversary of the U.S. withdrawal and the start of Taliban rule in Kabul, Afghanistan, Friday, Aug. 15, 2025. (AP Photo/Nava Jamshidi)
حفظ أمن الجوار لا سيما باكستان مطلب رئيسي من حركة طالبان التي تحكم أفغانستان منذ 4 سنوات (أسوشيتد برس)

الأمن أولا

وتكتسب القمة أهمية خاصة في ظل تواصل تهديدات مقاتلي طالبان باكستان الذين يشنون هجمات على القوات الباكستانية في المناطق الحدودية.

إعلان

ففي 8 أغسطس/آب 2025، أعلنت القوات الباكستانية مقتل 33 عنصرا في عملية عسكرية في منطقة زوب الحدودية، ويُعتقد أن هؤلاء المقاتلين عبروا من أفغانستان.

وفي وقت لاحق من الشهر، أطلقت باكستان عملية عسكرية محدودة في منطقة باجور، أسفرت عن نزوح نحو 100  ألف أفغاني. وتتهم إسلام آباد حركة طالبان بالتساهل مع أنشطة مقاتلي نظيرتها في باكستان، وهو ما تنفيه الحكومة الأفغانية.

ويشير الدبلوماسي الأفغاني السابق عمر صمد، للجزيرة نت، أن رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين أفغانستان وباكستان يعكس رغبة الطرفين في تبادل الرسائل الأمنية وتعزيز الاستقرار مستقبلا.

في المقابل، يقول الخبير في العلاقات الباكستانية-الأفغانية، حميد زازي، للجزيرة نت، إن الخطوات الأخيرة تمثل بداية للتقارب، لكنها لا تعني بالضرورة تراجعا فوريا في الهجمات، بل توفر منصة للحوار والتنسيق الأمني بين البلدين والصين.

كما تخشى الصين من انتقال التوترات إلى إقليم شنغيانغ، حيث أقلية الإيغور المسلمة، وتضغط على طالبان لضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية منطلقا لأي نشاط معاد لبكين، مما يضيف بعدا أمنيا إقليميا للقمة.

مع النمو السكاني المتزايد في كابل، زادت المشاكل المرورية والبيئية. يأمل المسؤولون في الحكومة الأفغانية أنه مع اكتمال المشروع، يمكن تقليل هذه المشاكل.
طالبان تسعى لإقامة المشاريع الحيوية والاقتصادية التي تخدم بلادها (الجزيرة)

الممر الاقتصادي

وتسعى القمة الثلاثية إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث، مع التركيز على دمج أفغانستان في مشاريع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني.

وتتضمن هذه المشاريع تطوير خطوط السكك الحديدية التي تربط أفغانستان بكل من باكستان وأوزبكستان، مما يعزز من الربط الإقليمي والتجارة العابرة للحدود.

ومع ذلك، تواجه هذه المشاريع تحديات كبيرة، أبرزها الحاجة إلى بيئة أمنية مستقرة لضمان نجاحها، وتضع طالبان أمام اختبار حقيقي في قدرتها على توفير هذه البيئة.

ويؤكد الدبلوماسي الأفغاني عمر صمد، أن مشاركة أفغانستان في المشاريع الاقتصادية المشتركة تمثل فرصة حقيقية لتعزيز التجارة والربط البري بين جنوب آسيا وآسيا الوسطى، وتتيح فرصة للنهوض بالاقتصاد الأفغاني بعد سنوات من العزلة وفقدان المساعدات الدولية.

ويعد مشروع خط السكة الحديد بين أوزبكستان وأفغانستان وباكستان، الممول من الصين، خطوة إستراتيجية لتعزيز التواصل والنقل الإقليمي، ويحوّل أفغانستان إلى نقطة عبور رئيسية بين جنوب ووسط آسيا، شرط توفر بيئة مستقرة وآمنة للاستثمارات وشفافية في إدارة المشاريع.

تعزيز الثقة الإقليمية

وتحمل القمة بعدا دبلوماسيا دقيقا، في ظل غياب الاعتراف الدولي الكامل بحكومة طالبان، بينما اختارت الصين وباكستان الحفاظ على علاقات عمل مع كابل دون إعلان اعتراف رسمي، في حين اعترفت روسيا فقط بحكومة طالبان بعد 2021.

ويفتح رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين أفغانستان وباكستان الباب لتوقيع اتفاقيات ثنائية جديدة بعد سنوات من الجمود.

وتلعب الصين دورا محوريا في هذا التحول، حيث تسعى إلى استقرار المنطقة لضمان نجاح مشاريعها الاقتصادية ضمن مبادرة "الحزام والطريق"، فيما تسعى باكستان لتعزيز نفوذها عبر التعاون الأمني والاقتصادي وإيجاد صيغة لإدارة الجماعات المسلحة العابرة للحدود.

جانب من مراسم توقيع اتفاقيات التعاون بين رجال الأعمال والمسؤولين من أفغانستان وكازاخستان خلال المنتدى التجاري في كابل، بهدف تعزيز التبادل التجار
توقيع اتفاقات بوقت سابق لتعزيز التبادل التجاري بين أفغانستان ودول أخرى خلال المنتدى التجاري في كابل (الجزيرة)

"اختبار التوازن"

ويقول المحلل السياسي الأفغاني أحمد سعيدي، في حديثه للجزيرة نت إن القمة تمثل اختبارا لتوازن طالبان بين الأمن والتنمية والدبلوماسية، والنجاح فيها سيحدد مسار العلاقة بين كابل وجيرانها الإقليميين في السنوات القادمة، مشددا على أن أي إخفاق في تقديم بيئة آمنة ومستقرة سيضعف ثقة الصين وباكستان في انخراط أفغانستان ضمن المشاريع الإقليمية الكبرى.

إعلان

وتأتي القمة الثلاثية في كابل في وقت حاسم لأفغانستان، إذ تمثل اختبارا لقدرة طالبان على التوفيق بين التزاماتها الأمنية، الفرص الاقتصادية، ومساعيها لكسب ثقة جيرانها والدخول في مشاريع إقليمية كبرى.

وسيكون نجاح القمة مرهونا بقدرة طالبان على تنفيذ تعهداتها بمكافحة الإرهاب وتوفير بيئة آمنة للاستثمار، وإن أي إخفاق في هذا الصدد قد يؤثر سلبا على مصداقيتها أمام المجتمع الدولي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق