سد تشرين بين التوافقات الإقليمية والمصالح الاستراتيجية.. تركيا تراقب وسوريا تستعيد - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في تحول سياسي لافت يعكس إعادة تموضع القوى الفاعلة في شمال سوريا، أكدت وزارة الدفاع التركية أنها تتابع عن كثب عملية تسليم سد تشرين للحكومة السورية، في خطوة تعتبر مؤشراً على تفاهمات إقليمية جديدة تُدار خلف الكواليس.
وفي إفادة صحفية، شدد مسؤول عسكري تركي على أن "أصول سوريا ومواردها هي ملك للشعب السوري"، مؤكداً أن أنقرة تتابع تنفيذ الاتفاق الذي يقضي بنقل إدارة السد للحكومة السورية الجديدة، ما يعكس تبني تركيا خطاباً أكثر توافقاً مع سيادة الدولة السورية، ولو ضمن ترتيبات أمنية معقدة.


سد تشرين.. من ساحة معركة إلى نقطة التقاء


سد تشرين، الواقع في ريف منبج شرق حلب، كان محور مواجهات عنيفة استمرت لثلاثة أشهر منذ ديسمبر الماضي، بين فصائل موالية لتركيا من جهة، و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) من جهة أخرى. هدف المعارك لم يكن فقط السيطرة على السد بل كذلك على جسر قره قوزاق ومدينة عين العرب (كوباني)، في إطار خطة تركية قديمة لإنشاء "حزام أمني" على طول حدودها الجنوبية.
رغم شراسة القتال، لم تُسجل تغييرات جوهرية في خريطة السيطرة الميدانية، ما دفع الأطراف الفاعلة—وعلى رأسها واشنطن وأنقرة ودمشق—للبحث عن حل دبلوماسي. وفي الأسابيع الأخيرة، رعت الولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة أثمرت عن اتفاق بين الحكومة السورية و"قسد" لتسليم إدارة السد إلى دمشق، في خطوة تهدف إلى تقليص التوتر الميداني، وتحييد منشأة استراتيجية تُعد شرياناً حيوياً للطاقة وتنظيم المياه.

من إدارة مدنية إلى حضور أمني مشترك

بموجب الاتفاق، بدأت فرق فنية من الحكومة السورية بإجراء أعمال صيانة وإعادة تأهيل السد، بالتوازي مع نشر وحدات أمنية من وزارة الدفاع السورية والأمن العام في محيط السد والمناطق المجاورة التي شهدت اشتباكات. وتأتي هذه الإجراءات لضمان استمرار توليد الكهرباء وتأمين سلامة المنشأة، التي تُخزن قرابة 1.9 مليار متر مكعب من المياه وتعد منشأة حيوية بمواصفات استراتيجية.
 

تفاهمات إقليمية

يتجاوز المشهد المحلي حدود ريف منبج، حيث تُعاد هندسة العلاقة بين أطراف النزاع في إطار اجتماع عمان الخماسي، الذي جمع وزراء خارجية ودفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات في كل من سوريا وتركيا والعراق والأردن ولبنان. هذا الاجتماع، الذي عُقد في 9 مارس الماضي، أعاد التأكيد على أهمية "المكافحة الإقليمية للإرهاب"، خصوصاً ضد تنظيم داعش.
وبحسب المسؤول العسكري التركي، فإن الدول المشاركة اتفقت على إنشاء مركز عمليات مشترك لتنسيق الجهود الأمنية والعسكرية داخل سوريا، في إطار صيغة "الملكية الإقليمية" التي تدعو إلى تولي دول المنطقة مسؤولية حل أزماتها دون تدخل مباشر من قوى أجنبية.


مناورة تركية مزدوجة.. تحييد قسد واستعادة النفوذ


في خلفية هذه الترتيبات، تسعى أنقرة لتحقيق هدف استراتيجي مزدوج: الضغط لتقليص النفوذ الأميركي عبر سحب الشرعية من "قسد"، التي تقودها "وحدات حماية الشعب" الكردية، وضمان تسليم السجون التي تضم عناصر داعش وعائلاتهم للحكومة السورية بدلاً من أن تظل تحت سيطرة "قسد".
تركيا، التي تعتبر "وحدات الحماية" امتداداً لحزب العمال الكردستاني المصنّف إرهابياً، تحاول من خلال هذا التحول أن تفكك التحالف غير المباشر بين واشنطن وقسد، وتعيد ضبط التوازنات بما يخدم أمنها القومي، دون الاصطدام المباشر بالقوات الأميركية المنتشرة في شمال شرق سوريا.

 

أخبار ذات صلة

0 تعليق