عاجل

دردشة مع الروائي المصري حسن عبد الموجود: تعلمت من جمال الغيطاني الإدارة وحسن التنظيم - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 

حاوره زياد خداش:

 

حسن عبد الموجود روائي مصري شاب، من مواليد أكتوبر 1976، يعمل مديرا لتحرير جريدة "أخبار الأدب" المصرية الشهيرة، تعرفت على تحقيقات حسن الثقافية المميزة في صفحات "أخبار الأدب"، وقرأت قصصه ونصوصه في أماكن عديدة، له أربع مجموعات قصصية وروايتان، وله كتاب مهم "بورتريهات" عن أدباء جيل التسعينيات، حصل حسن على جوائز عديدة منها جائزة دبي للصحافة الثقافية وجائزة يوسف إدريس عن مجموعته "حروب فائتة".. هذه دردشة معه:

 

* أنت أحد أهم رموز الصحافة الثقافية في العالم العربي واسم سردي مهم. كيف استطعت أن تتخلص من مخالب اللغة الصحافية والتوثيقية في نصوصك؟
- عبر صراع طويل مع تلك اللغة. كانت تقفز إلى نصوصي فتصيبها بالخفَّة، لكنني دربَّت نفسي عبر عمل شاق وقراءات متعددة ومختلفة على الارتفاع بهذه اللغة إلى مصاف الأدب. أصبح بإمكاني اصطياد النغمة الخاصة بالصحافة حين أكتب موضوعاتي، والنغمة الخاصة بالأدب حين أكتب قصصي أو رواياتي. هناك تشابهات طبعاً بين اللغتين لكن الفوارق بينهما شاسعة للغاية.

* تعمل محرراً في أسبوعية "أخبار الأدب" المصرية منذ وقت طويل. ما الذي أعطتك إياه هذه الجريدة وبقي معك محولاً حياتك وشخصيتك الثقافية؟
- الصحافة الثقافية بشكل عام جعلت يدي "شغالة" على الدوام. لا يمر يوم بدون أن أكتب، أي أني لا أكف عن التمرين. لقد ضمن ذلك لي أن أكون جاهزاً وفي "الفورمة" بلغة كرة القدم.
أما "أخبار الأدب" فقد جعلتني مطَّلعاً على خبايا الوسط الثقافي، وجعلتني بشكل واضح صحافياً منفتحاً على مساحة كبيرة، أكبر من بلدي، مساحة في حجم العالم العربي، حيث أختار موضوعات تهم قطاعاً عريضاً ومتعدداً لا موضوعات محلية محدودة التأثير.

* تبدو متأثراً جداً وممتناً للروائي الكبير الذي نحبه جميعاً، المرحوم جمال الغيطاني. احكِ لنا عن مدى خسارة الأدب العربي والصحافة الثقافية من رحيله؟
- اتَّجه جمال الغيطاني إلى الشرق بعكس أستاذه نجيب محفوظ الذي اتَّجه للرواية الغربية، بمعمارها الواضح. البناء في أعمال الغيطاني أقرب إلى الأرابيسك الإسلامي، العاشق والمعشوق، والتعاريج الكثيرة المتداخلة. لغته فيها لطشة التراث ورصانته. كان مثل محفوظ غزير الإنتاج. ترك كثيراً من الأعمال المهمة. كان سبَّاقاً في تجاوز الحكاية البسيطة إلى طرح أفكار وفلسفة تخصه، لم تعد الرواية على يديه مجرد سرد يتدفق، وإنما بنيان كامل يتداخل فيه المعمار مع المنمنمات مع خلاصة الحكمة.
كذلك كان صحافياً كبيراً، تعلمت منه الإدارة وحسن التنظيم، والقدرة على دخول معركة تحتاج إلى نَفَس طويل.

* كيف ترى مستوى الرواية الشابة في مصر؟ وما هو النوع الأدبي الذي يتمتع بحيوية وتأثير أكثر من غيره؟
- مستوى سيئ للغاية. أقرأ ما يصدر بانتظام، وأقول، إن الغالبية لا تتابع الرواية العالمية، وفيها رواية رائعة تُكتب في غرب وجنوب إفريقيا، وكذلك في العالم العربي. هناك تعجل كبير في النشر، وعدم شغل على الأعمال. ما أقرؤه يبدو مثل بروفات لأعمال كانت تحتاج إلى تحرير، أعمال نيئة وغير ناضجة، وتحتاج إلى إعادة وضعها على النار، لكن هناك بعض الكتاب يشكلون استثناءات لكلامي. أذكر منهم محمد عبد الجواد ومينا عادل جيد.

* هل ولَّى برأيك زمن صاحب الحساسية الجديدة والكتابة عبر النوعية إدوار الخراط؟ لا أرى لرؤيته الفنية أحفاداً في مصر.
- لا لم تولِّ. الكتابة الجيدة هي كتابة عابرة للأنواع بشكل عام، أي تستفيد من الفنون الأخرى. الأدب الذي ينكفئ على نفسه هو أدب ناقص، الرواية والقصة يجب أن تقتربا من الشعر بدون أن تتحول لغتهما إلى أبيات شعرية، يجب أن يستفيدا من السينما، ومن المسرح، ومن جميع الفنون الأخرى، الكتابة الجيدة زهرة رائعة تمد جذورها لتشرب من أحواض الزهور الأخرى.

* في رأيك.. كيف سيكون تأثير الحرب الصهيونية الهمجية المستمرة في غزة على مضمون أدبنا العربي وأشكاله؟
- تلك الحرب يجب أن تُفزع الأدباء الكسالى، خاصة هؤلاء الذين حبسوا أنفسهم في غرف عازلة للصوت، أدبهم بارد، رغم خلطاته وبهاراته الحارة. يجب أن يفهموا أن الأدب صرخة، صرخة ضد سحق الإنسان، ومحو هويته، ومواراة جثته في وضح النهار.

* ما هي الرواية العربية أو العالمية التي يمكن أن تقرأها باستمرار يا حسن من أي صفحة؟
- "الغريب" لألبير كامو. إن فتحت من أي صفحة ستجد محنة الشخص المحاصر بالبارانويا. ستجد شخصاً من المدينة يراقبه، أو هكذا يخُيَّل إليه. ستفهم محنتك أنت كإنسان يعيش وسط غرباء في مدينة غريبة.

* لدينا أدباء عرب جيدون لكن المعظم ليس عابراً للحقب. يموت الكاتب وتموت كتبه معه. لماذا برأيك؟
- أنت قلتها. بعض الأدباء يصدقون تحت تأثير الموضة غالباً أن الأدب ليست له رسالة، وهذا أغبى ما يمكن أن أسمعه، فمهما حدث من تطور للأدب فيجب أن يقربنا من المعاني التي تحاصرنا، معاني القهر والخوف والتسلط، يجب أن يجعلنا نعرف أين نقف، وإلى مَن نتحدث، وكيف نتحدث، وألا نفقد إنسانيتنا مهما وضعونا في مصانع الشمولية والاستنساخ.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق