اختتمت الجمعية الطبية السورية الأمريكية (SAMS) بعثتيها الطبيتين في الأردن وسوريا، بعد جهود مكثفة استمرت لعدة أيام، بمشاركة مئات المتطوعين الذين قدموا الرعاية الصحية المتخصصة والتعليم الطبي في مجتمعات تعاني أزمات ونقصًا حادًا في الخدمات الطبية. امتدت بعثة الأردن من 19 إلى 25 نيسان، بالتوازي مع بعثة سوريا التي جرت بين 20 و25 نيسان.
تأتي هذه الجهود في ظل استمرار الاحتياجات الطبية الهائلة في سوريا ودول الجوار، حيث يواجه ملايين الأشخاص صعوبة في الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية جراء ما خلفته سنوات الحرب من دمار وتدهور حاد في النظام الصحي والبنى التحتية. وفي ظل هذا الواقع، تسعى سامز إلى سد الفجوة المتزايدة في الخدمات الصحية من خلال التدخلات الطبية والتعليمية النوعية في سوريا ودول الجوار.
في الأردن، شارك أكثر من 80 متطوعًا من الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب 145 متطوعًا أردنيًا، ضمن بعثة متكاملة شملت ثلاثة محاور رئيسة: الأيام الطبية المجانية، التدخلات الجراحية التخصصية، وبرامج تدريب طلبة الطب. خلال الأيام الطبية المجانية، تعاونت البعثة مع وزارة الصحة الأردنية، ووزارة التنمية الاجتماعية، ومديرية الأمن العام ممثلة بإدارة شؤون اللاجئين السوريين، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، إضافة إلى منظمات دولية غير حكومية وهيئات مجتمعية محلية، لتقديم استشارات طبية مجانية في 17 موقعًا.
بلغ عدد المستفيدين من هذه الاستشارات والخدمات الطبية الثانوية أكثر من 2500 شخص، حيث جرى تشخيص المرضى وتقديم العلاج اللازم لهم مع توفير الأدوية بالمجان.
وعلى صعيد العمليات الجراحية، أنجزت البعثة 353 عملية جراحية وإجراءً طبيًا متقدمًا في خمسة مستشفيات كبرى، تضمنت: مستشفى الاستشاري، وعبد الهادي، والعبدلي، والعين التخصصي، والشرق الأوسط للعيون. وشملت تخصصات متنوعة مثل: طب العيون، وطب الأسنان، وتنظير الجهاز الهضمي، والقسطرة القلبية، وجراحات الأنف والأذن والحنجرة، بالإضافة إلى عمليات التوليد، وجراحات العمود الفقري، والجراحة التجميلية.
لم تقتصر هذه الإنجازات الطبية على تقديم الرعاية فحسب، بل امتدت إلى تعزيز القدرات المحلية من خلال تعاون وثيق مع الجامعة الهاشمية ومستشفى الأمير حمزة، حيث قدم متطوعو سامز خمس محاضرات علمية لنحو 450 طالبًا من طلبة الطب في مجالات متخصصة، منها: التصوير بالموجات فوق الصوتية للأغراض السريرية، والأشعة الطبية، وأمراض الجهاز الهضمي، وجراحة العمود الفقري، وأمراض الرئة والعناية المركزة وطب الأسرة.
أما في سوريا، فقد اختُتمت البعثة الطبية التي امتدت عبر خمس محافظات (حماة، حمص، إدلب، حلب، ودمشق)، بمشاركة 38 طبيبًا من الولايات المتحدة وأكثر من خمسين متطوعًا محليًا.
تمثلت أهداف البعثة في تقديم خدمات طبية عالية الجودة، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج تعليمي طبي شامل يستهدف رفع كفاءة الكوادر الصحية المحلية. وقد نجح الفريق في تقديم استشارات طبية تخصصية لنحو 1090 مريضًا، كما أجرى 369 عملية جراحية وتخصصية في مجالات دقيقة، مثل: أمراض الأورام، وأمراض الكلى، وأمراض الجهاز الهضمي للأطفال والبالغين، وأمراض النساء والتوليد، والتدخلات العصبية والقلبية، وجراحات القلب المفتوح، وجراحات الأوعية الطرفية، بالإضافة إلى تخصصات التخدير وإدارة الألم.
ولم تقتصر البعثة على تقديم الرعاية المباشرة، بل شملت أيضًا تنفيذ برنامج طبي تعليمي رائد، بلغ عدد المستفيدين منه نحو 1200 متدرب، من خلال 59 جلسة تعليمية، تنوعت بين تطبيقات عملية مباشرة على المرضى أو عبر أجهزة المحاكاة الطبية المتقدمة، ومحاضرات تخصصية، بالإضافة إلى برامج تدريبية ميدانية نفذها الأطباء أثناء ممارستهم الفعلية للعمليات الطبية.
كما نظمت الجمعية أيامًا علمية متعددة التخصصات في محافظات إدلب وحماة وحمص، إلى جانب يوم علمي خاص بأمراض الغدد الصماء في حماة، واختُتم بفعالية كبرى تمثلت في مؤتمر علم الأمراض الذي استمر ليومين في إدلب، وجمع نخبة من الأطباء المقيمين من مختلف المحافظات السورية.
تعكس هاتان البعثتان التزام الجمعية الطبية السورية الأمريكية (SAMS) الدائم بتقديم الدعم الطبي والإنساني للمجتمعات المنكوبة، كما تؤكد على نهجها الاستراتيجي الذي يجمع بين الرعاية الطبية المباشرة وتعزيز الكفاءات المحلية، لضمان استدامة الخدمات الصحية وبناء نظام صحي أكثر صمودًا في مواجهة الأزمات المستمرة. وفي ظل الدور الريادي الذي تلعبه سامز في سوريا، كونها منظمة طبية غير ربحية، تسعى إلى توسيع نطاق عملها في المناطق المحررة لتشمل جميع أنحاء البلاد.
هذا التوسع ليس مجرد توسع جغرافي، بل هو دلالة على المستقبل الواعد الذي تراه سامز في سوريا، حيث تتطلع إلى المساهمة في خلق بيئة صحية مستقرة ومستدامة تؤمّن لأهلنا حياة أفضل وأملًا جديدًا في غدٍ مشرق.
0 تعليق