إبراهيم شعبان يكتب: سجن الصخرة.. ترامب يعود بأمريكا إلى القرن التاسع عشر - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

المؤكد لدى الكثيرين اليوم، وبعد انقضاء الـ100 يوم الأولى في حكم ترامب، أنه لن يكون رئيسًا عاديًا، وأن فترة ولايته التي تمتد لأربع سنوات ستكون وبالًا على الولايات المتحدة الأمريكية قبل غيرها، وأن نظريته في الهيمنة أو استعادتها مرة ثانية بالعنف وبالسلوكيات الغريبة لن تنجح، فهو يتعامل مع القرن الـ21 بعقلية القرصان الأمريكي في القرن التاسع عشر.
وبعيدًا عن السخرية من قرار ترامب بإعادة افتتاح وتطوير سجن ألكاتراز الشهير المعروف بـ"الصخرة" قرب سواحل سان فرانسيسكو، والذي أُغلق في عام 1963 أي قبل 6 عقود، بدعوى أنه سيكون مقرًا جديدًا للمجرمين الخطرين في أمريكا، فالواضح أن ترامب يستعيد مفاهيم القرن الـ19، ويعود بسلوك الولايات المتحدة لأكثر من 150 عامًا مضت، وقت تشغيل سجن ألكاتراز الشهير واستمرار عمله كسجن شديد الحراسة لنحو 100 عام.
وإذا كان سجن ألكاتراز، قد عُلق في الأذهان بأنه لم يفلح أحد في الهروب أو النجاة منه في الجزيرة المعزولة التي قدَّم عنها النجم العالمي شون كونري فيلمه الشهير "الصخرة"، وأن 36 محاولة للهروب منه قد باءت كلها بالفشل لأنه شديد الحراسة، فهو على صخرة عالية تفصلها أمواج عاتية وأسماك القرش عن الوصول إلى الشاطىء، فإن استعادة أيام وأجواء سجن ألكاتراز لن ينجو منها ترامب ايضا.
والواضح أن ترامب سجن نفسه وسط أوهام وأفكار شديدة التعقيد، لن ينجح فيها ولن تنجح معه، لأنه باختصار، لو استطاع النجاح، فإنه سيتحول لـ "ترامب الإمبراطوري"، وسيكون قد أخضع العالم بأكمله لأوهامه وقراراته الغبية؛ من الاقتصاد إلى السياسة، ومن أفكاره في التعامل الجنائي، إلى موقفه من المهاجرين، ثم موقفه الأخير من السينما الأمريكية، إلى مواقفه الغير مفهومة من أوكرانيا وغزة وغيرها من القضايا التي تفجرت خلال 100 يوم أو يزيد قليلًا من توليه الحكم.
ترامب الذي حاول تقوية عظام الاقتصاد الأمريكي المتدهور وفق خيالاته، فإذا به يدخل في مرحلة ركود حقيقي خلال الربع الأول من عام 2025 ، والمؤكد أنه سيواصل الركود.
ترامب الذي فرض رسومًا جمركية على كل دول العالم، ويحاول أن يبتز بها الجميع، بدءًا من الصين وصولًا إلى أوروبا وغيرها من الدول. كما يتوهم أن بإمكانه، وكما كتب على حسابه الشخصي، أن تمر السفن الأمريكية مجانًا في قناة السويس وهو ليس فقط واهمًا في هذه النقطة، ولكنها تؤكد أن ترامب الإمبراطوري الاستعماري يريد استعادة زمن الامتيازات الأجنبية، ويتصور أنه طالما يضرب الحوثيين، وأن ضرباته هذه قد تنجح في إعادة الملاحة عبر قناة السويس، فإن ذلك يستدعي من مصر أن تمرر السفن الأمريكية مجانًا في قناة السويس!!!
المثير أن ترامب، لا يتلاعب فقط بدول العالم ولكنه يتلاعب بالأمريكيين أنفسهم، والمؤكد أن فترته في الحكم ستكون الأخطر على أمريكا ولن تمر بسلام، فالرجل يعيش أوهام القرن التاسع عشر ولا يقتنع سوى بفكر العصف والهيمنة.
ترامب، ومن منطلق كرهه الشديد لبايدن  يتعامى تمامًا عن القوة الأمريكية العظمى الحقيقية، ويتعامى عن الاقتصاد الأمريكي الذي تركه بايدن "منعدم التضخم" وفي حالة جيدة للغاية، والأدهى من ذلك، يبيع القرار الأمريكي لإسرائيل وحكومتها المتطرفة، كما يرضخ أمام تركيا وروسيا، ويرى أن أطماعهما أو تحركاتهما، سواء تركيا في سوريا أو روسيا في أوكرانيا، "مشروعة"، في عالم "اللا قانون" الذي يعيشه ترامب.
قرار ترامب بإعادة فتح سجن ألكاتراز، يكشف هوية حاكم واشنطن الإمبراطوري، الذي لم يتجاوز عقله سلوكيات القرن التاسع عشر، وسيجر الجميع معه لهاوية سحيقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق