تبرز صورة اليوم من مرصد الأرض التابع لوكالة ناسا سطوة الطبيعة وعنفوانها من خلال غطاء ممتد من الغبار فوق حوض تاريم، وهي منطقة قاحلة واسعة في شمال غرب الصين، حيث تبدو قمم الجبال فقط بارزة من خلال فجوة في الغبار.
وتكشفت صور الأقمار الاصطناعية لوكالة ناسا عن تشكيلات غبارية بأشكال تشبه الأصابع، تعكس المشهد الطبيعي أسفلها، إذ اصطفت هذه النتوءات مع الأودية، التي كانت تُوجه الغبار المحمول جوا.
ويعد حوض تاريم أحد أكبر الأحواض المائية الداخلية في العالم، وتتدفق مياهه إلى بحيرات داخلية أو يتبخر معظمها، وتحيط به 3 سلاسل جبلية، وهي تيان شان شمالا، وجبال كونلون جنوبا، وجبال بامير غربا.
وتُعاني المنطقة من الجفاف الشديد، حيث لا تتلقى أجزاء من حوض تاريم أكثر من 10 مليمترات من الأمطار سنويا، وفقا لوكالة ناسا.
وفي قلب حوض تاريم، تقع صحراء "تكلامكان" (Taklamakan) إحدى أكثر الصحاري جفافا وقحطا على وجه الأرض، وتشتهر بكثبانها الرملية العالية، وتقلباتها الحادة في درجات الحرارة، وأمطارها الشحيحة، وعواصفها الغبارية العملاقة.
ويمثل فصل الربيع ذروة نشاط العواصف الغبارية في حوض تاريم، وخاصة في منطقته الجنوبية حيث تتغير أنماط الرياح الإقليمية بطرق تتسبب في اجتياح الرياح وأنظمة العواصف من الشمال الغربي، وفق وكالة ناسا.
إعلان
ويقول رالف كاهن، وهو عالم متخصص في الغلاف الجوي في مختبر الفيزياء الجوية والفضائية بجامعة كولورادو بولدر: "ربما كان الغبار يرتفع ذاتيا، في هذه العملية، تُسخّن أشعة الشمس الغبار السطحي المثار حديثا، مُشكلةً جيوبا من الحمل الحراري ترفعه إلى أعلى في الهواء".
من جهته، يرى الباحث هونغبين يو من وكالة ناسا أن هذا الاتجاه يرجع بشكل رئيسي إلى التغيرات التي تحدث في فصل الربيع، مثل تغير سرعة الرياح أو رطوبة التربة أو الغطاء النباتي، وليس إلى التحولات في المواسم الأخرى.
ويمكن أن تؤثر العواصف الغبارية المتواترة والقوية على مناخ الأرض من خلال تشتيت وامتصاص الإشعاع الشمسي وتغيير خصائص السحب، كما يمكن أن تنقل إلى مسافات بعيدة من مكان تكونها.
كما تؤدي إلى مشاكل صحية عامة في المناطق المأهولة بالسكان الواقعة في اتجاه الريح، من خلال نقل الجزيئات الصغيرة والبكتيريا والفيروسات التي تتسلل إلى الجهاز التنفسي البشري".
ورغم بيئته القاسية وخلوه من السكان، اكتسب حوض تاريم أهمية تاريخية، فقد كان جزءا أساسيا من طريق الحرير القديم، حيث كان بعض واحاته مراكز تجارية وثقافية حيوية لعدة قرون.
ومن الناحية الجيولوجية، يعتبر الحوض غنيا بالموارد الطبيعية، وخاصة النفط والغاز الطبيعي، وأصبح نقطة محورية لاستكشاف وتطوير الطاقة في الصين، ومع ذلك، فإن المناخ الشديد القسوة في المنطقة وموقعها البعيد يجعلان تطوير البنية الأساسية واستقرار البشر فيه أمرا بالغ الصعوبة.
0 تعليق