"تصوير حسن اصليح"… 3 كلمات لم تكن مجرد توقيع صحفي، بل كانت عبارة مؤلمة بقدر الصور التي كانت ترافقها؛ شهادةً موثوقة على المأساة التي يعيشها سكان قطاع غزة، وصرخة توثّق الجرائم بجرأة لا يملكها سوى من عاش التفاصيل ونقلها إلى العالم.
لكن غابت العبارة واختفى التوقيع الذي طالما رافق صور الألم والحقيقة، بعد اغتياله فجر اليوم الثلاثاء أثناء تلقيه العلاج في مستشفى ناصر بمدينة خانيونس جنوبي القطاع، متأثرًا بإصابته السابقة التي تعرّض لها في السابع من أبريل/نيسان الماضي، والتي نجا منها بعد بتر إصبعين من يده اليمنى وتعرّضه لحروق.
لم تكن عدسة الصحفي حسن اصليح مجرد كاميرا، بل كانت بوصلة للواقع، تسكنها وجوه الموجوعين، وتعرفها كل الأزقة والمخيمات والبيوت المهدّمة، وارتبط اسمه بمشاهد الأنين والموت والجوع والدمار، وكان صدقه أوفى من أي تعليق، ولم يكذب يومًا على عكس من اغتالوه.
نُقش اسمه على الجدران المهشّمة، وعلى الصور التي أبكت العالم، وعلى كل لقطات القهر الفلسطيني في قطاع غزة، مؤمنا بأن للصورة رسالة، وللحقيقة ضريبة، وقدّم حياته ثمنًا لهذه القناعة.
وقد نعى صحفيون وناشطون من فلسطين والعالم العربي الصحفي حسن اصليح بكلمات مؤثرة، مستذكرين توقيعه الذي أصبح رمزًا وشهادة موثوقة على كل ما يحدث في قطاع غزة منذ سنوات، وخاصة خلال الحرب الإسرائيلية الشرسة المستمرة منذ ما يقارب 19 شهرًا.
إعلان
وتعليقا على ذلك، كتب الصحفي الفلسطيني أحمد حمدان "تعرف عدسته وجوه كل الموجوعين، ويعرفونها جيدًا. نُقشَ اسمه على كل مشاهد الأنين والموت والجوع والدمار والقهر. اسمه المُخلص الذي لم يكذب يومًا، عكس قاتله".
أما الصحفي أحمد سرداح، فعلق قائلًا "الصورة الوحيدة اللي مش حتلاقوا اسم حسن اصليح عليها، بس أنا حطيت اسمه عشان مش متخيل الصورة بدونها".
بدوره، عبّر الصحفي صالح الناطور عن حزنه بقوله "لا أصدق أن بهذا الشكل تنتهي أيقونة وتوقيع "تصوير حسن اصليح"، الجملة التي رافقتنا سنوات طويلة، من كل حارة وشارع وبيت. الصحافة فقدت صحفيًا شجاعًا، كما خسرنا زميلًا وصديقًا".
أما الناشط خالد صافي فكتب "الخبر الذي صدّقه كل أهل فلسطين… مع أنهم لم يقرؤوا عليه عبارة المصداقية الأشهر: "تصوير حسن اصليح".
وقال نشطاء "غابت العبارة، وغاب الذي كان يكتبها. هذه المرة لم تُوقّع عبارة "تصوير حسن اصليح"، لأن حسن نفسه أصبح الخبر… والوجع".
وكتب آخرون "ستبقى صور المجازر التي وثّقها حسن، حكايةً لا تموت. وستبقى عدسته شاهدة حين صمت وتخاذل الجميع".
وقال أحدهم "كلما أتذكر أنني لن أرى جملة "تصوير حسن إصليح"، ولن أسمع أحدًا يقول "هي حسن إصليح منزّل الخبر"، تصيبني الغصّة ويقتلني القهر. إنهم لا يكتفون بقتلنا… بل يقتلون حتى آخر آمالنا، وآخر رموز صدقنا، وآخر حقيقة وسط هذا الزيف".
إعلان
فيما كتب ناشط آخر "تصوير حسن اصليح… عبارة شاهدتها كثيرًا، أكثر من أن أقدر على عدها. لا أتذكر متى رأيتها أول مرة، لكني كنت دائمًا أبحث عن هذا الشخص، لدرجة الشك في أنه "منظومة" متكاملة، نظرًا لغزارة المحتوى الذي كان ينقله، وصعوبة تغطية كل هذه التفاصيل. وجدته في هذه الحرب… لكنني تعرفت عليه حقًا بعد استشهاده".
وأشار آخرون إلى أن غياب جملة "تصوير حسن اصليح" يعني أننا لن نراها بعد الآن على معظم الفيديوهات التي كانت تفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
واعتبر مدونون أن الصحفي اصليح لم يكن يحمل سلاحًا، بل كاميرا توثق الحقيقة. آمن أن الصورة قد توقظ ضميرًا نائمًا، وأن العدسة قد تكون أقوى من الرصاصة، وقادرة على إحداث ثورة في ضمير العالم المتخاذل.
0 تعليق