حين يبدأ الطفل في تشكيل كلماته الأولى، يتوقع الأهل رحلة لغوية سلسة مليئة بالقصص والأسئلة والتعبيرات بالكلمات. لكن أحيانا، تتعثر الكلمات، ويظهر ما يُعرف بـ"التأتأة"، وهي حالة شائعة قد تثير القلق لكنها لا تستدعي الذعر.
فيما يلي نسلط الضوء على أنواع التأتأة، توقيت ظهورها، وأهم طرق التعامل معها.
ما التأتأة؟
التأتأة اضطراب في طلاقة الكلام يُخلّ بانسيابية النطق ويظهر على شكل انقطاعات متكررة، حيث يكرر الطفل الأصوات أو المقاطع أو الكلمات، أو يطيلها بشكل غير طبيعي. وهي لا تتعلق بالذكاء أو القدرة على التفكير، بل ترتبط بطريقة إرسال الدماغ للإشارات إلى أعضاء النطق. وتختلف التأتأة عن التكرار العفوي للكلمات أثناء تعلم الكلام، وقد تؤثر على قدرة الطفل على التواصل مع الآخرين، مع إمكانية ظهورها من دون سبب واضح.
الأنواع الثلاثة الأكثر شيوعا
التوقفات أو التعثر في الكلام: محاولة الكلام من دون خروج صوت، وغالبا ما يبدو الطفل وكأنه يدفع الصوت بقوة.
التكرار: ويشمل تكرار الأصوات أو المقاطع أو الكلمات، مثل: "أ أ أ أ أريد هذا".
الإطالة: تمديد الصوت لفترة غير طبيعية، مثل: "أاااااا وأريد هذا".

متى تبدأ التأتأة؟
غالبا ما تظهر التأتأة بين عمر 2 إلى 4 سنوات، وهي مرحلة النمو اللغوي السريع. وقد تبدأ فجأة أو تتطور تدريجيا. في بعض الحالات، تختفي التأتأة تماما، ثم تعود بعد أسابيع أو أشهر.
إعلان
ما أسباب التأتأة؟
التأتأة النمائية
وهي أكثر أنواع التأتأة شيوعا لدى الأطفال. غالبا ما تظهر بين سن الثانية والخامسة. وقد تحدث عندما يكون تطور الطفل في مهارات النطق واللغة أبطأ من قدرته على التعبير عما يريد قوله.
التأتأة العصبية
قد تحدث بعد الإصابة بسكتة دماغية أو إصابة في الدماغ. وتحدث نتيجة وجود مشكلات في الإشارات العصبية بين الدماغ والأعصاب والعضلات المسؤولة عن الكلام.
أعراض التأتأة لدى الأطفال
تتفاوت أعراض التأتأة بين طفل وآخر، وقد تتغير بحسب الحالة النفسية أو المواقف اليومية. ومن أبرز الأعراض، بحسب كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز:
استخدام كلمات تعبئة مثل "آه" أو "يعني". التحدث ببطء شديد أو وجود توقفات كثيرة. انقطاع النفس أو الشعور بالتوتر أثناء الكلام. رمش سريع بالعين أو ارتجاف الشفاه عند التحدث. زيادة التأتأة عند التعب، الحماس، أو الضغط النفسي. الخوف من التحدث أو تجنبه تماما.هل هي متشابهة عند جميع الأطفال؟
يختلف تكرار وحدة التأتأة من طفل لآخر. وقد تحدث لدى بعض الأطفال فقط عند الانفعال، التعب، أو الغضب. بينما يعاني آخرون من التأتأة في معظم كلماتهم. وقد تتغير الحالة يوما بعد يوم.
هل تستمر التأتأة في مرحلة المراهقة؟
كلما تأخرت معالجة التأتأة، زادت آثارها النفسية.
في مرحلة المدرسة الابتدائية، قد يبدأ الطفل بتجنب الحديث أو المشاركة في الصف الدراسي خوفا من ردود الفعل والسخرية.
أما في مرحلة المراهقة، فقد يشعر بالخجل، أو يفقد ثقته بنفسه، أو يتجنب المواقف الاجتماعية أو العاطفية.
هل التأتأة ناتجة عن القلق؟
التأتأة ليست سببها التوتر أو القلق، لكنها قد تؤدي إليهما لاحقا.
كما أنها ليست عدوى ولا مكتسبة، فلا يمكن لطفل "أن يلتقطها" من طفل آخر، ولا يمكنه دائما التحكم بها.
متى نلجأ للمساعدة؟
إذا لاحظت أن طفلك يتأتئ بانتظام، أو يعاني من التأتأة لأكثر من 6 أشهر.
إعلان
يخاف من التحدث أو يتجنبه، أو يتوقف عن الكلام تماما. وكذلك عندما يعاني الطفل من مشاكل دراسية مفاجئة.
لا تنتظر أن تتحسن الأمور تلقائيا. تواصل مع مختصة نطق ولغة لتقييم الحالة ووضع خطة علاج مناسبة.

كيف أساعد طفلي على التعايش مع التأتأة؟
تساعد برامج إعادة هيكلة النطق على التعايش مع مشكلة التأتأة، ومن أشهرها برنامج "ليدكومب" (Lidcombe Program)، والذي يُطبق في المنزل بمساعدة الأهل، ويعتمد على إعطاء الطفل ردود فعل إيجابية عند الحديث بطلاقة.
مع ضرورة العمل على:
توفر بيئة هادئة وداعمة في المنزل. تخصص وقتا للحوار اليومي مع الطفل. تحدث بصراحة عن التأتأة إذا بادر الطفل بذلك. تشجيع الطفل على الحديث عن مواضيع خفيفة وممتعة. تحدث إليه ببطء ليقلد أسلوبك. أنصت إليه باهتمام ومن دون استعجال. مدح الطفل عندما يتحدث بطلاقة وعدم انتقاده عندما يتعثر في النطق. لا تقاطعه أو تكمل عنه الجمل. تعاون مع المدرسة لتهيئة بيئة آمنة خالية من التنمر. شارك تاريخ العائلة في اضطرابات النطق مع الطبيب.فالتأتأة ليست فشلا في النطق، بل دعوة للإنصات. ومع الدعم المناسب، يمكن للطفل أن يتجاوزها ويستعيد صوته بطلاقة وثقة.
0 تعليق