تُظهر دراسة جديدة مدى ضآلة معرفة البشر حتى الآن بأعماق البحار، حيث لم تُكتشف سوى مساحة ضئيلة جدا من قاع البحار العميقة، وحذرت الدراسة من أن مخططات التعدين قد تضر بأعماق البحار وتنوعها البيولوجي، وخصوصا بهذه البيئة البحرية غير المكتشفة.
وتقول الدراسة التي نشرت في مجلة "ساينس أدفانسز": تُظهر تقديرات تغطية استكشافنا أن أدواتنا البصرية في أعماق البحار لم ترصد سوى ما بين 0.0006% و0.001% من قاع البحر العميق منذ عام 1958.
ويُشير مصطلح "أعماق البحار" إلى الجزء من المحيط الواقع تحت 200 متر، والذي يبدأ عنده الضوء بالاختفاء. ورغم أن هذه الأعماق تشكل أكثر من 90% من البيئة البحرية للأرض، فإن جزءا كبيرا من النظم البيئية فيها لا يزال موضع تساؤل لدى الباحثين.
ولتحديد مساحة قاع البحر التي استكشفت، استعان الفريق ببيانات من حوالي 44 ألف غوصة في أعماق البحار مع ملاحظات أجريت منذ عام 1958، وتتضمن نسبة 0.001% أيضا افتراضات حول عدد سجلات الغوص الخاصة التي لم يتم تسجيلها علنا.
وحسب الدراسة، يشكل قاع البحر 360 مليون كيلومتر مربع (حوالي 71%) من إجمالي مساحة سطح الأرض (510 ملايين كيلومتر مربع)، وتبلغ نسبة قاع البحر العميق (200 متر على الأقل) حوالي 93% من هذه المساحة المحيطية، مما يُمثل 66% من إجمالي مساحة سطح الأرض.
إعلان
وتعتبر هذه المنطقة بالغة الأهمية للحفاظ على مناخنا، إذ تمتص حوالي 90% من الحرارة الزائدة وحوالي 30% من ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الغلاف الجوي نتيجة للأنشطة البشرية.
وتقول كاتي كروف بيل، رئيسة رابطة اكتشاف المحيطات، والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "لو بقي كل ذلك في الغلاف الجوي، لكان من شبه المستحيل وجود حياة على الأرض".
وحسب الدراسة، تعد المنطقة التي استكشفها البشر إلى حد الآن محدودة للغاية، ومتحيزة أيضا بشدة تجاه مناطق معينة، فقد جرت أكثر من 65% من الملاحظات البصرية ضمن نطاق 200 ميل بحري (نحو 320 كيلومترا) من 3 دول، وهي الولايات المتحدة واليابان ونيوزيلندا، مما يعني أن الكثير من الافتراضات حول أعماق البحار مبنية على عينة صغيرة الحجم.
وتقول بيل: "يبدو الأمر كما لو أننا افترضنا جميعا الأنظمة البيئية الأرضية من خلال ملاحظات 0.001% من مساحة الأرض، فإن ذلك يعادل مساحة أصغر من مساحة أرض هيوستن في تكساس".
ونظرا لقلة المعلومات المتوفرة عن هذا النظام البيئي، يخشى العديد من الخبراء أن يُشكل التعدين في أعماق البحار خطرا كبيرا على البيئة. وتحذر الدراسة من خطورة مخططات التعدين البحري التي قد تصبح مثار تنافس دولي.
وفي أواخر أبريل/نيسان، وقّعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يهدف إلى تسريع الموافقة على استخراج المعادن الأساسية من قاع البحار.
وقوبلت هذه الخطوة بإدانة دولية، لا سيما من الخبراء الذين يؤكدون ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث حول الآثار المحتملة لهذه الممارسة على النظم البيئية في أعماق البحار، والتي لا يزال معظمها غير مستكشف.
وكانت 32 دولة قد دعت إلى وقف هذه الممارسة، وتأمل بيل أن تُظهر الدراسة الحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث قبل أن تبدأ الدول ممارسات التعدين الاستخراجية، والتي قد لا يمكن إصلاحها في أعماق البحار.
إعلان
وفي هذا السياق، تقول بيل: "نحتاج إلى معرفة نوع التأثيرات التي سنُحدثها على أعماق البحار، وهل ستتعافى من تلك الأنشطة، فما لا نريده هو إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بأعماق المحيطات. لذا، نحن بحاجة ماسة إلى هذه المعلومات الأساسية حول أعماق البحار".
ويتوقع الباحثون أن تتضاعف الآثار السلبية على النظم البيئية في أعماق البحار مع تزايد الاستغلال، وتشمل هذه المخاطر التخلص العشوائي من النفايات والتلوث الكيميائي، واستغلال الموارد البيولوجية والجيولوجية، وتغير المناخ وتحمض المحيطات.
0 تعليق