في لقاء مع «الجريدة»، سلّط عضو مجلس الشيوخ الكازاخستاني، السيناتور دارخان كيديرالي، الضوء على ملامح الهوية الوطنية لبلاده، والدور المتنامي الذي تلعبه كازاخستان في الساحة الدولية، من خلال الثقافة والرياضة والدين والدبلوماسية. وأكد السيناتور أن العلاقة مع الكويت تعد نموذجاً متميزاً للتعاون القائم على القيم المشتركة والاحترام المتبادل، مشيراً إلى أن بلاده تمضي قدماً في بناء جسور التفاهم مع الشعوب، مستندة إلى إرثها الغني ورؤيتها المستقبلية.
أكد عضو مجلس الشيوخ الكازاخستاني، السيناتور دارخان كيديرالي، أن كازاخستان ليست فقط القلب الجغرافي لأوراسيا، بل دولة تتشابك فيها التقاليد العريقة مع الحداثة، مشكلة بذلك هوية فريدة على الساحة الدولية، تُبنى على أربعة أركان رئيسية: «الثقافة، الرياضة، الروحانية، الدبلوماسية».
وعن العلاقات الكويتية الكازاخستانية، شدد كيديرالي، خلال لقائه مع «الجريدة» في مكتبه بمجلس الشيوخ بالعاصمة أستانا، على أنها شراكة قائمة على الاحترام والقيم المشتركة، مؤكداً أن تعزيز التعاون في المجالات الثقافية والتعليمية والرياضية والروحية يمثل حجر الأساس في العلاقات بين كازاخستان والكويت، لافتاً إلى أن هذه العلاقة تشهد نمواً مستمراً من خلال المبادرات المشتركة وتبادل الخبرات.
وأشار إلى أن «الفعاليات الثقافية المتبادلة بين البلدين تتيح للجمهور الكويتي التعرف على الموسيقى والفنون والتقاليد الكازاخية، في حين تستضيف كازاخستان الفعاليات والمبادرات الكويتية بروح منفتحة وترحيب دائم».نولي الرياضات الوطنية أهمية كبرى ونعمل على تطويرها بشكل منهجي
وفي مجال التعليم، شدد على أهمية برامج تبادل الطلاب والأكاديميين بين البلدين، والتي لا تسهم فقط في تعزيز المعرفة الأكاديمية، بل تبني جسور الفهم والاحترام المتبادل بين الأجيال.
الجانب الديني
وفي الجانب الديني، قال السيناتور كيديرالي إن التقاليد الإسلامية المشتركة تمثل أساساً صلباً للتعاون، حيث تعمل المؤسسات الدينية في كلا البلدين على تعزيز قيم التسامح والاعتدال، وتبادل الخبرات، مضيفا أن بلاده تواصل بثقة تعزيز تميزها الثقافي من خلال هذه المجالات، التي أصبحت اليوم حجر الزاوية في تكوين الهوية الكازاخية المعروفة عالميا.
وأوضح أن التطور التكنولوجي والاندماج في الفضاء المعلوماتي العالمي سمحا لكازاخستان بأن تعرّف نفسها كدولة حديثة وديناميكية، لافتاً إلى أن «نسبة انتشار الإنترنت بلغت 92.9%، في حين يستخدم أكثر من 75% من السكان وسائل التواصل الاجتماعي، وفقا لتقرير «DataReportal»، الصادر في مارس 2025.
كيديرالي: نحن أحفاد الحضارة البدوية العظيمة... وكان للحصان دائماً مكانة روحية خاصة
واستدرك: «اليوم يعيش البشر في عالم رقمي، وتصبح مسألة الحفاظ على اللغات واستخدامها أكثر أهمية، وهذا الأمر ينطبق على اللغة الكازاخية أيضاً، لأن استخدامها الواسع في البيئة الرقمية يتطلب قاعدة بيانات لغوية موحدة ورقمنة شاملة للمفردات»، واعتبر أن تطوير القواميس الرقمية يمثل خطوة محورية في تحسين أداء الذكاء الاصطناعي باللغة الكازاخية، وتعزيز مكانة اللغة في الفضاء الرقمي العالمي، مؤكداً أن وسائل الإعلام الكازاخية باتت أداة مهمة في تعزيز القيم الوطنية والثقافة الحديثة والحوار الدولي.
الهوية الثقافية
وفي جانب الهوية الثقافية، شدد السيناتور كيديرالي على أن كازاخستان تولي أهمية كبرى للرياضات الوطنية، وتعمل على تطويرها بشكل منهجي مع تكييفها بالمعايير الدولية، بما يسهم في تعزيز الإرث الثقافي وتكريس الهوية الوطنية، وتابع: «بالنسبة للكازاخ، أحفاد الحضارة البدوية العظيمة، كانت للحصان دائماً مكانة روحية خاصة، وليس من قبيل الصدفة أن أول تدجين للخيول جرى في منطقة بوتاي داخل أراضي كازاخستان الحالية، ولا تزال هذه العلاقة قائمة حتى اليوم، وتتجلى في رياضة جورك، حيث يقطع الفرسان مسافات تفوق 500 كيلومتر، في ماراثون يجمع بين القوة والقدرة على التحمل والروح».
ولفت إلى فنون الصيد التقليدية مثل «قوصبيكيليك» (الصيد بالطيور الجارحة)، التي تشهد إحياءً معاصراً، مؤكداً أن هذا الفن يعكس التقاليد الحية للشعب الكازاخي، وأشار إلى حدث بارز يتمثل في إدراج اليونسكو سلالة كلاب «تازي» الكازاخية ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي، وهي كلاب صيد تمثل رمزاً وطنياً وروحياً عريقاً، وتلقى هذه المبادرات دعماً كبيراً من الرئيس الكازاخستاني، وقد تجلى ذلك أثناء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث أهدى له الرئيس الكازاخستاني كلاب تازي تعبيرا عن الاحترام والصداقة.
وأكد أن بلاده تلعب دوراً محورياً في تعزيز الحوار بين الأديان، مشيراً إلى انعقاد مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية في كازاخستان منذ عام 2001، وهو مؤتمر مدعوم على أعلى المستويات ويعزز مكانة كازاخستان كمنصة للسلام والحوار الروحي، وفي سبتمبر 2025، ستستضيف العاصمة أستانا الاجتماع الثامن لأمانة المؤتمر، ما يكرس دور البلاد كوسيط بين الثقافات والأديان.
وشدد على أن كازاخستان ترى في الدبلوماسية الثقافية والروحية أدوات فعالة لبناء عالم يسوده السلام، وعلاقات بلاده مع الكويت تعد نموذجا ناجحا للتعاون بين الدول الإسلامية الحديثة، التي تسعى للحفاظ على تراثها والانفتاح في الوقت ذاته على التحديث والتنمية، وقال: «كازاخستان، بروحها المستمدة من السهوب وتقاليدها العريقة، تسير بثبات نحو مستقبل منفتح ومتعدد الثقافات، وهي، من خلال التعاون مع شركاء كالكويت، تسعى لترسيخ شراكات طويلة الأمد تقوم على الثقة والاحترام المتبادل».
0 تعليق