رفضت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الادعاءات الإسرائيلية بشأن "تساهل" الأمم المتحدة في توزيع المساعدات لصالح فصيل فلسطيني محدد، مشددة على أنه لا يحق لإسرائيل إسناد توزيع المساعدات الإنسانية لأطراف خارجية أو تكليف شركات خاصة بهذه المهمة الإنسانية.
ودانت المفوضية استمرار القيود الإسرائيلية المفروضة على دخول المساعدات إلى قطاع غزة، واعتبرت ذلك انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، في ظل الأوضاع الكارثية التي يمر بها السكان المدنيون جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل.
وتمنع إسرائيل إدخال أي مساعدات لقطاع غزة منذ 2 مارس/آذار الماضي، مما أدى إلى انتشار الجوع ومخاوف من انتشار المجاعة لدى كل سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون شخص.
كما وافقت إسرائيل مؤخرا على تأسيس "مؤسسة غزة الإنسانية" (جيه إتش إف) لتعمل بديلا عن جمعيات ومؤسسات تابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، إذ ترفض إسرائيل استمرار قيام هذه الجهات بمهام التوزيع كما كانت تعمل منذ عقود.
ادعاءات مرفوضة
لكن الأمم المتحدة رفضت الخطة الإسرائيلية، وقالت على لسان توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن الخطة "تفرض مزيدا من النزوح، وتعرض آلاف الأشخاص للأذى، وتقصر المساعدات على جزء واحد فقط من غزة ولا تلبي الاحتياجات الماسة الأخرى، وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية، كما تجعل التجويع ورقة مساومة".
إعلان
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، أكد رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان محمد النسور أن موقف الأمم المتحدة واضح بشأن ضرورة تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية بدون إبطاء أو تسييس.
وأوضح النسور -من جنيف- أن الادعاءات الإسرائيلية بشأن "تساهل" الأمم المتحدة في توزيع المساعدات لصالح فصيل فلسطيني معيّن "غير صحيحة"، مشددًا على أن مهمة المنظمة دولية وإنسانية بحتة.
كما انتقد محاولات إسرائيل إسناد مهمة توزيع المساعدات لأطراف خارجية أو شركات خاصة، مؤكدًا أن "الأمم المتحدة هي الجهة المخولة منذ عقود بإيصال المساعدات للمدنيين" في الأراضي الفلسطينية.
وكانت إسرائيل وجهت انتقادات إلى الأمم المتحدة، متهمة إياها بأنها "تتساهل" أمام وصول المساعدات الإغاثية إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تحديدا، كما اتهمت الحركة نفسَها بأنها "تسرق" هذه المساعدات. لكن حماس تنفي كل هذه الادعاءات.

دور الأمم المتحدة
وفي ما يتصل بالوضع القانوني للشعب الفلسطيني في هذه المرحلة من العدوان الإسرائيلي، أوضح النسور أن الإطار القانوني المنظم للوضع في غزة والضفة الغربية هو اتفاقيات جنيف التي تلزم سلطة الاحتلال بحماية المدنيين وتوفير أساسيات الحياة لهم، بالإضافة إلى اتفاقية منع الإبادة الجماعية والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ولفت رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مفوضية الأمم المتحدة إلى أن تقارير المفوضية حول انتهاكات إسرائيل -ومنها سياسة التجويع ومنع وصول المساعدات واستهداف المستشفيات والمدارس وقوافل الإغاثة- أسهمت في دعم الإجراءات القانونية الدولية، بما فيها القضايا المرفوعة أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.
إعلان
وذكّر المتحدث بأن محكمة العدل قد ألزمت إسرائيل باتخاذ "إجراءات احتياطية" لضمان وصول المساعدات ومنع التجويع، إلا أنها لم تلتزم بتلك القرارات حتى الآن.
وفيما يتعلق بالدور المنوط بالأمم المتحدة من أجل حماية المدنيين الفلسطينيين، أكد النسور أن المفوضية تواصل رصد الانتهاكات، وتصدر سنويًا نحو 10 تقارير توثق انتهاكات إسرائيل في غزة والضفة الغربية، من التهجير وتغيير الواقع على الأرض إلى عنف المستوطنين، مضيفًا أن الفصل التام بين الأعمال العسكرية وعمليات توزيع المساعدات الإنسانية "غير قابل للمساومة".
صدمة أممية
من جهتها، أعربت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني عن صدمة المؤسسة الأممية من استمرار منع دخول المساعدات لغزة "لأسابيع متتالية"، معتبرةً الوضع "غير مقبول بأي حال".
وفي تصريحات للجزيرة نت، أوضحت شامداساني أن ما يدخل اليوم من مساعدات "محدود للغاية" ولا يلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان، مشيرة إلى أن القطاع بحاجة إلى 600 شاحنة مساعدات يوميًا على الأقل. وأكدت أن آلاف الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد في ظل نقص المساعدات، وأن كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة معرضون لخطر العقاب الجماعي، وهو ما اعتبرته انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي.
وأضافت المتحدثة باسم المفوضية أن تراكم الإجراءات الإسرائيلية -من تهجير متكرر وقصف مستمر وحرمان من سبل العيش- قد يصنف ضمن أفعال "التطهير العرقي" بحق الفلسطينيين في غزة.
ويأتي هذا التصعيد في انتقادات الأمم المتحدة لإسرائيل وسط استمرار عدوان الاحتلال على قطاع غزة وتفاقم الأزمة الإنسانية فيه، حيث يواجه نحو 2.3 من المدنيين حصارًا خانقًا وحرمانًا متزايدًا من أساسيات الحياة.
وتؤكد المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن الضغط الدولي والسياسي وحده هو الكفيل بإجبار إسرائيل على الامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية وضمان حماية السكان المدنيين في القطاع المحاصر.
إعلان
0 تعليق