يعتبر التعريب من أكثر القضايا إثارة للجدل في الأوساط التعليمية والثقافية، حيث ينقسم المختصون بين مؤيدي تعزيز الهوية العربية عبر تعريب المناهج ومعارضي عزل التعليم عن اللغات العالمية.
وأكدت الصحفية نورشان الكواش أن التعريب يحمي الهوية، مشيرة إلى التاريخ العربي المشرق حين كان العرب في أوج ازدهارهم العلمي وابتكروا العلوم، وهم الذين صدروا علومهم إلى اللغات الأجنبية، وهم الذين تحكموا في العلم الذي قدّمهم إلى العالم أجمع.
وفي الاتجاه ذاته المؤيد للتعريب، قال محمد لغظف (صاحب منصة إلكترونية) خلال حلقة (2025/5/25) من برنامج "باب حوار" إن التعريب هو حاجز ثقافي يحمي من "درن الثقافات الأخرى"، مؤكدا أن التعريب هو الذي يرسخ الثقافة والهوية لدى الطفل.
وأضاف أنه ليس ضد تعلم اللغات الأجنبية، لكن يجب أن يسبق الطفل في تعليمه إلى تعلم اللغة العربية، تراثا ودراسة.
تعريب انتقائي
وبرز موقف وسطي يدعو إلى التعريب الانتقائي، حيث أكد رجل الأعمال أحمد عبد الفتاح محرم أنه مع التعريب في مواد الهوية وهي اللغة العربية والتربية الدينية وتاريخنا، والخطاب السياسي والخطاب الديني والدساتير والقوانين، لكنه لفت إلى معارضته تعريب العلوم لأنه يؤخر ولا يقدم.
وقدّم محرم مثالا عمليا قائلا: لو عربت كلمة "السايبر سيكيورتي" مثلا أو "الكلاود" فستواجهنا مصطلحات في التكنولوجيا على سبيل المثال ليس لها معنى باللغة العربية ولا تصلح للترجمة.
إعلان
ومن الجهة المقابلة، رفضت مجموعة من الخبراء فكرة التعريب المطلق، مقدمين حججا عملية وأكاديمية متنوعة.
وأوضحت الباحثة في تاريخ حضارات الشرق القديمة ليلى لطي أن اللغة إحدى مقومات الهوية لكنها ليست هي الهوية كاملة، مشيرة إلى أن دولا مثل كندا وسويسرا وبلجيكا تتحدث لغات عدة ولكن تجمعها هوية مشتركة.
وفي السياق نفسه، أكدت الناشطة الاجتماعية نورهان المساكني أن التعريب جميل، ولكن من الضروري التحدث بلغات أخرى، مشددة على أن المواد العلمية تطورت بشكل كبير باللغات الأجنبية.
وقدّمت الأكاديمية والمترجمة خديجة أمين حجة قوية مدعومة بالإحصائيات، حيث أشارت إلى أن العلم يثبت أن 40% من الناس في العالم لا يتلقون التعليم بلغتهم الأم، وهذا ما يؤثر على المستوى في تعلم اللغات الأخرى.
وأكدت أمين أن الهوية يمكن أن تكون مركّبة وليست جامدة، مشيرة إلى أن أغلبية الدول العربية فيها تعايش مشترك بين أقليات وقبول للغات الثانية.
الصادق البديري
26/5/2025
0 تعليق