الكويت الاخباري

بعد وفاة البابا.. هذه آلية نقل منصب البابوية في الفاتيكان - الكويت الاخباري

مراسلو الجزيرة نت

روما- أعلن الفاتيكان اليوم الإثنين وفاة البابا فرانشيسكو، أول زعيم من أميركا اللاتينية للكنيسة الكاثوليكية، منهيا بذلك عهدا اتسم بالاضطراب والانقسام والتوتر، في سعيه لإصلاح المؤسسة الكنسية.

وبلغ البابا فرانشيسكو من العمر 88 عاما، وقد عانى من أمراض مختلفة خلال فترة بابويته التي استمرت 12 عاما.

ومنذ تصريح الفاتيكان بالوضع الصحي "الحرج" للبابا فرانشيسكو بنهاية شباط/فبراير الماضي، بدأت تظهر أسئلة حول آلية نقل البابوية، وأدوار هذا المنصب الديني المهم لدى المجتمع المسيحي، وعلاقته بالعالم.

وفي ما يلي، ستجيب الجزيرة نت على تساؤلات عدة من بينها: من الذي يختار البابا؟ وما صلاحياته الدينية؟ هل هي مقتصرة على إدارة الفاتيكان أم له نفوذ في باقي دول العالم من أتباع الطائفة الكاثوليكية؟ وكيف يدير العلاقة مع الكنائس الأخرى؟.

هل هناك نائب للبابا أو شخصية تتولى المنصب تلقائيا في حالة وفاته؟

في دولة الفاتيكان، لا يوجد نائب للبابا أو أي شخصية تتولى تلقائيا منصبه في حال وفاته أو استقالته. وخلال فترة "الكرسي الرسولي الشاغر" تُدار الكنيسة الكاثوليكية من قبل مجمع الكرادلة، حيث يلعب الكاردينال "الكاميرلينغو" دورا رئيسيا في إدارة الشؤون الزمنية لهذا الكرسي إلى حين انتخاب البابا الجديد.

إعلان

وفي 14 فبراير/شباط 2019، كانت وكالة الأنباء الكاثوليكية قد أعلنت عن تسمية البابا فرانشيسكو للكاردينال الأيرلندي الأميركي كيفين جوزيف فاريل، في منصب الكاميرلينغو (رئيس دائرة العلمانيين والأسرة والحياة، والأسقف السابق لمدينة دالاس) والذي يبقى المرشح المباشر لتفعيل مجمع الكرادلة.

الفاتيكان أعلن أن وضع البابا فرانشيسكو (88 سنة) الصحي حرج (الفرنسية)

ماذا يحدث فور وفاة البابا؟ ومن يدير شؤون الفاتيكان هذه الفترة؟

يتولى الكاردينال "الكاميرلينغو" مسؤولية التحقق رسميا من وفاة البابا، وختم شقته البابوية، وإدارة ممتلكات وحقوق الكرسي الرسولي خلال هذه الفترة. وتوضح هذه المسؤوليات في الدستور الرسولي "يونيفيرسي دومينيشي غريغيس" الذي أصدره البابا يوحنا بولس الثاني عام 1996، وتنص المادة 17 من هذا الدستور على ما يلي:

عندما يكون الكرسي الرسولي شاغرا، يكون من حق وواجب الكاردينال الكاميرلينغو، تحت سلطة مجمع الكرادلة، رعاية وإدارة الممتلكات والحقوق الزمنية لهذا الكرسي الرسولي. خلال فترة "الكرسي الشاغر" لا يملك مجمع الكرادلة سلطة إصدار المراسيم أو القرارات التي تخص البابا حيث يقتصر دورهم على الإدارة العادية والتحضير لانتخاب البابا الجديد.

كما تؤكد المادة الأولى من الدستور نفسه على أنه "خلال فترة شغور الكرسي الرسولي، لا يمتلك مجمع الكرادلة أي سلطة أو ولاية قضائية على المسائل التي تخص البابا".

كنيسة القديس بطرس (الجزيرة)

من الذي يختار البابا (بالانتخاب أم بالسن) وكيف يتم ذلك؟

يكون اختيار البابا بالانتخاب عبر مراحل:

أولا دعوة المجمع المغلق: يقوم الكاميرلينغو بإبلاغ الكرادلة بالكرسي الرسولي الشاغر ويدعوهم إلى عقد اجتماع، والذي يجب أن يبدأ بين اليوم الـ15 والـ20 بعد وفاة أو استقالة البابا. وتكون الدعوة لاختيار البابا الجديد لجميع الكرادلة الذين تقل أعمارهم عن 80 عاما، وذلك عبر الانتخابات. ثانيا التحضير الروحي: تقام قداسات خاصة وجلسات صلاة وتأمل لطلب الهداية الإلهية في اختيار البابا المناسب. ثالثا انعقاد المجمع المغلق: يجتمع الكرادلة الناخبون داخل كنيسة السيستين، حيث تجرى الانتخابات باختيار البابا الجديد، ويلتزم الكرادلة بالسرية التامة أثناء هذه العملية، معزولين عن العالم الخارجي، حتى انتهاء الاقتراع. رابعا التصويت: تُجرى 4 جولات اقتراع يوميا (اثنتان صباحا واثنتان بعد الظهر). يتم حرق أوراق الاقتراع بعد كل جولة، ويشير الدخان الأسود إلى أن التصويت لم يُحسم، بينما يشير الدخان الأبيض إلى انتخاب البابا الجديد. ويستمر المجمع المغلق حتى يحصل مرشح على أغلبية الثلثين. خامسا إعلان انتخاب البابا: بمجرد انتخاب البابا الجديد، يوافق على تولي المنصب ويختار اسما بابويا، ثم يُعلن عن انتخابه للعالم باستخدام الصيغة التقليدية "هابيموس بابام" (لدينا بابا).

إعلان

ماذا يحدث إذا استمر المجمع المغلق دون انتخاب البابا؟

إذا طال أمد المجمع دون انتخاب البابا، فإنه بعد عدد معين من جولات التصويت الفاشلة، يمكن اتخاذ تدابير لتسهيل القرار، مثل تقليص عدد المرشحين أو تغيير نسبة الأغلبية المطلوبة.

هل يمكن انتخاب أي رجل دين من الكنيسة لمنصب البابا، أم هناك معايير محددة؟

من الناحية النظرية، يمكن انتخاب أي شخص معمّد وغير متزوج لمنصب البابا، حتى لو لم يكن كاردينالا. ولا توجد معايير رسمية تفرض انتخاب البابا من الكرادلة فقط، لكن التقاليد والممارسات الحالية تميل إلى اختيار البابا من بين أعضاء مجمع الكرادلة.

وإذا تم انتخاب شخص غير كاردينالي، فيجب أن يُرسّم فورا أسقفا (أي قائدا دينيا مسؤولا عن منطقة كنسية "أبرشية") لأن الكاردينال هو أسقف يتم تعيينه من قبل البابا، ويصبح جزءا من مجمع الكرادلة.

ما الواجبات اليومية الرئيسية للبابا؟

يقوم البابا بمهام يومية على رأسها إقامة القداس، والاجتماع بالقادة الدينيين والسياسيين، والإشراف على شؤون الكنيسة والفاتيكان، وإلقاء المواعظ، وإصدار الرسائل البابوية، بالإضافة إلى إدارة القضايا اللاهوتية والإدارية.

ما صلاحيات البابا الدينية؟

يتمتع البابا، وفق نظام الفاتيكان، بصفة الحبر الأعظم للكنيسة الكاثوليكية، بالسلطة الروحية العليا، والتي تتجلى في عدة صلاحيات رئيسية تتضمن التالي:

التعليم: البابا هو الحارس والمفسر الرسمي لإرث الإيمان، أي مجموعة الحقائق العقائدية للكنيسة. وهو مسؤول عن الحفاظ على العقيدة الكاثوليكية وشرحها ونشرها. السلطة القضائية العالمية: يتمتع بسلطة رعوية مباشرة على جميع المؤمنين والأبرشيات في العالم، ويمكنه التدخل في أي مسألة كنسية. العصمة البابوية: عندما يُعلن البابا عقيدة تتعلق بالإيمان أو الأخلاق من على الكرسي الرسولي، يُعتبر معصوما عن الخطأ، وذلك وفقا للعقيدة التي تم تحديدها في مجمع الفاتيكان الأول. تعيين الأساقفة: يمتلك البابا السلطة لتعيين الأساقفة المسؤولين عن قيادة الأبرشيات، لضمان وحدة الكنيسة واستمرارية رسالتها. دعوة المجامع "المسكونية": يمكنه دعوة وترؤس المجامع المسكونية، وهي مجالس تجمع الأساقفة من جميع أنحاء العالم لاتخاذ قرارات مهمة بشأن قضايا الكنيسة الكبرى.

هل يمكن للبابا حرمان زعيم سياسي أو ديني من الكنيسة؟

إعلان

يتمتع البابا بسلطة حرمان الأفراد من الكنيسة، بمن فيهم القادة السياسيون والدينيون، إذا كانت أفعالهم تتعارض بشكل صارخ مع تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. وعلى سبيل المثال، أصدر البابا بيوس الـ12 عام 1949 مرسوما بحرمان أعضاء الحزب الشيوعي الإيطالي من الكنيسة بسبب تعارض الأيديولوجية الشيوعية مع العقيدة الكاثوليكية.

زوار في ساحة كنيسة القديس بطرس في مدينة الفاتيكان (الجزيرة)

هل سلطة البابا مقتصرة على إدارة الفاتيكان أم باقي دول العالم من أتباع الطائفة الكاثوليكية؟

يمتلك البابا سلطة روحية تتجاوز حدود الفاتيكان، مؤثرا بذلك على سلطة المؤمنين المسيحيين في جميع أنحاء العالم. وتمتد سلطته عبر عدة مجالات، تهم بالأساس:

التعليم والعقيدة: يفسر البابا الإرث الإيماني ويوجه المؤمنين في فهم وتطبيق تعاليم الدين المسيحي من خلال الرسائل والخطب، والبيانات العامة الصادرة عن الفاتيكان والتي تعالج قضايا أخلاقية واجتماعية. الدبلوماسية والعلاقات الدولية: يلعب البابا دورا مهما في الدبلوماسية الدولية، حيث يتدخل في بعض النزاعات العالمية، ويقدم الوساطة بشأنها. الزيارات الرعوية والتفاعل مع المؤمنين: يقوم البابا بزيارات رعوية إلى دول مختلف مسيحية وغيرها لأجل توطيد نسيج المجتمع المسيحي. التأثير الاجتماعي والثقافي: تؤثر خطب البابا وأفعاله على النقاشات الاجتماعية والثقافية على المستوى العالمي، حينما يتناول مواضيع مثل الفقر، والبيئة، والعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان.

ما العلاقة بين البابا والكنائس الأخرى والرهبانيات الدينية مثل اليسوعيين والفرنسيسكان؟

يُبقي البابا على علاقة إشرافية وتوجيهية مع الرهبانيات الدينية مثل اليسوعيين والفرنسيسكان، حيث تستفيد هذه الرهبانيات باستقلالية نسبية في أداء مهامها، لكنها تبقى دائما ضمن نطاق الشراكة مع البابا والكنيسة الجامعة. ويتمتع البابا بصلاحية تعيين أعضائها في مناصب كنسية عليا مثل الكرادلة، لمساعدته في إدارة الكنيسة.

إعلان

أخبار متعلقة :