في مسلسل الخيال العلمي الشهير "حرب النجوم"، ظهر مشهد سينمائي آسر يطل فيه المشاهد من سطح كوكب تاتوين الصحراوي بينما تغرب شمسان عند الأفق البعيد، المشهد أثار المشاهد العادي وعشاق الفضاء على حد سواء.
ومع تقدم علم الفلك، لم يعد هذا المشهد محض خيال، إذ اكتشف العلماء بالفعل كواكب تُعرف بـ"الكواكب الدائرة حول نجمين". إلا أن الكوكب المكتشف حديثا، والذي يدور حول قزمين بُنيّين بدلا من نجمين حقيقيين، يعدّ واحدا من أكثر الكواكب غرابة في سجل الكواكب الخارجية.
والقزم البني هو جرم سماوي فشل في الوصول إلى الكتلة الكافية لإشعال تفاعلات نووية في نواته، وبالتالي لا يُصنّف ضمن النجوم، كما أنه أكبر حجما من الكواكب العملاقة مثل المشتري بمسافة لا تضعه ضمن قائمة الكواكب.
وفي دراسة جديدة نشرتها مجلة "ساينس أدفانسيس"، أعلن فريق دولي من الباحثين باستخدام التلسكوب الأوروبي العملاق في تشيلي عن رصد كوكب يبعد عن الأرض 120 سنة ضوئية، يُعتقد أنه كوكب غازي تزيد كتلته على 4 إلى 5 أضعاف كتلة الأرض، ويدور حول زوج من الأقزام البنية المرتبطة بجاذبية وثيقة.
مدار فريد من نوعه
اللافت في هذا النظام الكوكبي أن الكوكب المُكتشف، الذي يحمل اسم "2 إم 1510 إيه بي بي"، لا يدور في المستوى نفسه الذي يدور فيه القزمان البنيّان حول بعضهما، بل يتخذ مدارا شبه عمودي على هذا المستوى، يُعرف بـ"المدار القطبي". وهذا النوع من المدارات غير موجود في نظامنا الشمسي، ويُعدّ نادرا للغاية بين الكواكب الخارجية المكتشفة حتى اليوم.
إعلان
وبحسب الباحث الرئيس في الدراسة، توماس بايكروفت، من جامعة برمنغهام البريطانية، فإن الكوكب ينجز دورة واحدة كاملة في مداره خلال مدة لا تقل عن 100 يوم، وهو ما يجعله أول كوكب معروف يدور بمدار قطبي حول نظام ثنائي من الأقزام البنية. وحتى وقتنا هذا، سُجل وجود 16 كوكبا فقط يدور حول نظامين نجميين، ولم يكن أي منها يدور حول أقزام بنية، مما يمنح هذا الاكتشاف تميزا علميا لافت.
منظر سماوي مختلف
لكن على الرغم من تشابه التكوين الثنائي لهذا النظام مع المشهد الشهير في "حرب النجوم"، فإن المشهد الذي قد تراه أعين سكان هذا الكوكب، إن وُجدوا، يختلف تماما عن الصورة السينمائية، فالقزمان البنيّان متشابهان في الحجم واللون، ويشعّان بضوء أحمر خافت يكاد لا يُقارن بضوء الشمس، إذ لا تتجاوز إضاءتهما 0.1% من لمعان الشمس، وتبلغ كتلتهما معا نحو 4% فقط من كتلتها.
ويرى عالم الفلك أوموري تريو، المشارك في الدراسة من جامعة برمنغهام، أن هذا الاكتشاف يمثل محطة بارزة في تاريخ علم الكواكب الخارجية، إذ يدل مرة أخرى على مدى التنوع الكبير في تكوين الأنظمة الكوكبية خارج نظامنا الشمسي.
ويضيف: "لقد كانت إحدى أهم مفاجآت علم الكواكب خلال العقود الماضية هي قدرتها المستمرة على تحدي تصوراتنا المسبقة. هذا الاكتشاف نموذج آخر يفتح بابا واسعا لفهم أعمق لنشأة الأنظمة الكوكبية وتطورها".
أخبار متعلقة :