رحيل قائد روحي في زمن التحول مطلع الألفية الثالثة (2005)، رحل البابا يوحنا بولس الثاني بعد حبرية امتدت 27 عامًا وبعد عقدين (2025)، انتقل البابا فرنسيس الأول عن عمر ناهز 89 عامًا، ليُسدل الستار على حبرية استمرت 12 عامًا (2013–2025)، اتسمت بالتجديد والحوار العالمي. هذا التقرير يستعرض أبرز محطات فكره وإنجازاته، من خلال مقالات كُتبت عنه، دون ادعاء الشمولية.
التقليد عند البابا فرنسيس: إحياء النار لا حفظ الرماد
أكد البابا فرنسيس أن "التقليد" هو إيمان الأموات الأحياء، بينما "النزعة التقليدية" هي إيمان الأحياء الأموات. خلال عظة في كندا (2022)، دعا إلى بناء تاريخ جديد قائلًا:
«ليست مهمتنا حفظ الرماد، بل إشعال النار التي أوقدها الأجداد. التقليد جذورٌ ننميها، لا قيودٌ تُجمِّدنا
المجمع الفاتيكاني الثاني: إعادة اكتشاف هوية الكنيسة ففي ذكرى مرور 60 عامًا على المجمع (2022)، شدد البابا على دور الكنيسة كـ"شعب الله" و"جسد المسيح"، محذرًا من الانغلاق في الماضي أو التعلق الزائد بالعالم:
«التقدمية والمحافظة ليستا محبةً بل خيانة. لنعد إلى ينابيع المجمع: كنيسة تخرج للرعاية، لا تسيطر»
أحد كلمة الله: جسر بين السماء والأرض
أطلق البابا فرنسيس عام 2019 "أحد كلمة الله" لتعميق العلاقة بالنصوص المقدسة. في رسالته "فتح أذهانهم"، كتب: الكتاب المقدس ليس تراثًا ماضيًا، بل بذور تُثمر اليوم. كلمته قريبةٌ في أفواهنا وقلوبنا
زيارة مصر 2017: رسالة سلام ووحدة
ففي زيارته التاريخية، التقى البابا بالسلطات المصرية وأكد على العدالة الاجتماعية. كما وقّع مع البابا تواضروس الثاني بيانًا مشتركًا يرفض إعادة معمودية المنضمين للكنيستين. لكن التساؤل يبقى: ماذا تغير بعد 8 أعوام على الأرض؟
العلاقات الكاثوليكية-القبطية: 50 عامًا من الحوار
احتفالًا بذكرى لقاء 1973 بين البابا بولس السادس والبابا شنودة، اجتمع فرنسيس مع تواضروس الثاني (2023) لتجديد التزامهما بالوحدة. وصف البابا اللقاء بـ"اليوم التاريخي"، مؤكدًا أن الأخوّة المسيحية تتجاوز الخلافات.
البركات للمثليين: بين الرحمة والتعاليم فقد أثار إعلان "الثقة المتوسلة" (2023) جدلًا حول منح البركات للمثليين والأزواج غير النظاميين. أوضح الفاتيكان لاحقًا: الكنيسة لا تبارك الخطيئة، لكنها لا ترفض الأشخاص. التمييز بين الفعل والإنسان جوهر الإنجيل
الأخوّة الإنسانية: رؤية تتخطى الحدود
من خلال وثيقة "الأخوّة الإنسانية" (2019) ورسالته "جميعنا إخوة" (2020)، دعا البابا إلى تضامن عالمي قائم على العدالة البيئية والاجتماعية: الأخوّة ليست شعارًا، بل التزامٌ ببناء عالمٍ لا يُهمَّش فيه أحد
السينودس حول السينودسية: كنيسة تسير معًا
ركز السينودس (2021–2024) على تجديد هياكل الكنيسة لتكون أكثر شمولية. أكد البابا: الروح القدس هو البطل الحقيقي. نحن جميعًا شخصيات رئيسية، لا هرميات فوقيه
القديس يوسف: نموذج الأبوة الروحية
بمناسبة الذكرى 150 لتكريسه شفيعًا للكنيسة، خصص البابا "السنة اليوسفية" (2020–2021)، واصفًا يوسف بـ"الأب الحامي في صمت".
العلمانيون: شركاء لا تابعون حيث حذّر البابا من انقسام الكنيسة إلى "هيراركية مقابل علمانيين"، داعيًا إلى سمفونية تضم الجميع: «لا أحد ثانوي في الكنيسة. الخدمة هي جوهر الدعوة، لا السلطة
يوبيل الرجاء 2025: بوابة للمستقبل
أعلن البابا عام 2025 "يوبيل الرجاء" بمناسبة مرور 1700 عام على مجمع نيقيا. الهدف: تجديد الإيمان برسالة المحبة والوحدة في عالم متشظٍّ.
رسالة "لقد أحبنا": ختام مسيرة
في آخر رسائله العامة (2024)، لخّص البابا رؤيته اللاهوتية: المحبة الإلهية هي القوة التي تعيد تشكيل التاريخ. من أحبنا أولًا، علينا أن نحب كما أحب
إرث لا ينتهي
رحل البابا فرنسيس الأول تاركًا إرثًا من الحوار والتجديد، مؤمنًا بأن الكنيسة "مستشفى ميداني" للجرحى، لا قلعة للمتحصّنين. في زمن الأزمات، ظل صوته مناديًا: «ليكن الفرح علامتنا، والمحبة طريقنا».
أخبار متعلقة :