الكويت الاخباري

البلاستيك يتغلغل في كل طبقات المحيطات وأعماقها - الكويت الاخباري

كشف مسح محيطي استمر عشر سنوات، وشمل 1885 نقطة بحرية، عن وجود طبقة من البلاستيك تنتشر عبر جميع طبقات المحيط الأطلسي الشمالي والأحواض المجاورة، ما يشير إلى مدى تغلغل التلوث البلاستيكي.

وتشير النتائج التي نشرت في مجلة "نيتشر" إلى أن التلوث البلاستيكي يتغلغل في أعماق أكبر بكثير مما أشارت إليه الدراسات السابقة.

ووصف علماء البحار بجامعة نورث إيسترن، الذين أعدوا الدراسة ما يُعرف بـ"ضباب دخاني خفيف" مكوّن من شظايا وألياف صناعية دقيقة، أرقّ بكثير من شعرة الإنسان. تتحرك هذه الجسيمات مع التيارات، وتختلط عموديا، ثم تستقر ببطء في قاع البحر.

وركزت الدراسات السابقة على بقع النفايات السطحية، حيث تتجمع المواد البلاستيكية بسبب التيارات الدوارة. إلا أن المسح الجديد يظهر أن ديناميكيات هذه التيارات لا تقتصر على السطح فقط، بل تمتد إلى الأعماق.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، آرون ستابينز، وعالم البحار في جامعة نورث إيسترن: "هناك تراكمات على السطح، لكن نفس العمليات تؤدي إلى تراكمات تحت الدوامات، في نوع من العدسات العمودية".

واعتمدت الدراسة على دمج بيانات من شبكات العوالق، والترشيح المباشر، ومصايد الرواسب، جُمعت خلال الفترة من 2014 إلى 2024. وتمت معظم عمليات الرصد في ممرات الشحن البحرية المزدحمة، وعلى الهوامش الساحلية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وهي مناطق معروفة بسوء إدارة النفايات.

وقال ستابينز: "إن البلاستيك موجود في كل مكان تقريبا. ونجده في القارة القطبية الجنوبية، وجبال هيمالايا، وحتى في أعماق المحيط".

البلاستيك يغمر مساحات واسعة من المحيطات والبحار (غيتي)

أخطر من التلوث
في حين أن البوليمرات الطافية مثل "البولي إيثيلين" و"البولي بروبيلين" تبقى على السطح، فمن المفترض أن تغرق المواد البلاستيكية الأكثر كثافة بسرعة نحو القاع، مثل "البولي إيثيلين تيريفثالات" (PET) المستخدم في زجاجات المياه، لكن الدراسة وجدت هذا النوع من البلاستيك في أعماق متعددة.

إعلان

ويشير ستابينز إلى أنه عندما تصبح الجسيمات متناهية الصغر، فإن كثافتها تصبح أقل أهمية من مقاومة حركته، أي أن التآكل والتعرض للأشعة فوق البنفسجية والهجوم الميكروبي يؤدي إلى تفتيت الجزيئات إلى قطع يقل حجمها عن 100 ميكرون، مما يسمح للتيارات المضطربة بإبقائها عالقة في المياه فترات طويلة.

وكشفت الدراسة أيضا، أن تركيز الجسيمات البلاستيكية الدقيقة بلغ ذروته عند أحجام تقل عن 20 ميكرونا، وهي جسيمات تتصرف تقريبا مثل الغبار المعدني في الهواء وتشتت الضوء، وتمتص الملوثات، وتُستهلَك بسهولة.

وتشكّل العوالق الصغيرة قاعدة السلسلة الغذائية في المحيطات، وتُغذّي كل شيء من اليرقات السمكية إلى الحيتان. وتُظهر الدراسات أن القشريات والكريليات (تشبه الروبيان لا يتجاوز حجمها سنتيمترين)، تبتلع الجسيمات البلاستيكية ظنا منها أنها طحالب مغذية.

وفي هذا السياق يقول ستابينز: "ربما تتغذى الكائنات البحرية على هذه الجسيمات، ومعها المواد السامة التي تلتصق بها، ما يؤدي إلى تراكمها في أنسجة الأسماك التي يستهلكها البشر لاحقا".

وتفيد الدراسة -التي نقلها موقع المستقبل الأخضر- أن جزيئات البلاستيك تعمل كطوافات تحمل الملوثات العضوية والمعادن الثقيلة والميكروبات الضارة، ما يزيد من خطر انتقالها عبر السلسلة الغذائية.

ولا يؤدي البلاستيك إلى التلوث فقط، بل قد يؤثر أيضا على قدرة المحيط على امتصاص الكربون. فالمحيطات تمتص نحو ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية الناتجة عن النشاط البشري، وقد يُقلل البلاستيك من قدرة المحيط على امتصاص ثاني أكسيد الكربون.

وفي حين أن توثيق النفايات السطحية سهل نسبيا عبر الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة، فإن رصد الجسيمات الدقيقة في الأعماق يتطلب معدات متطورة وبروتوكولات دقيقة.

ويدعو فريق الدراسة إلى جهد دولي لتوحيد طرق أخذ العينات وتحليل الجسيمات، مما يساعد على رسم خريطة عالمية دقيقة للتلوث البلاستيكي.

ورغم المبادرات الدولية للحد من إنتاج البلاستيك وتحسين إدارة النفايات، فإن التريليونات من الجسيمات البلاستيكية المنتشرة حاليًا ستستمر في الدوران والغرق والتفتت عقودا قادمة، حتى لو توقف التصريف العالمي اليوم.

وتشير بعض الدراسات إلى كتلة يتراوح حجمها بين 470 ألف طن من البلاستيك و540 ألف طن ينتهي بها المطاف في المحيطات كل عام، بينما لا يتم تدوير سوى 9% من الإنتاج العالمي من البلاستيك.

أخبار متعلقة :