الكويت الاخباري

عمرو الليثي يكشف سر نجح المخرج هنري بركات باخراج فيلم امير الانتقام - الكويت الاخباري

وقد أخرج بركات فيلم «أمير الانتقام» عام ١٩٥٠، وحقق نجاحًا كبيرًا، لكنه لم يظل فى أرشيف الذكريات فقط، إذ قرر بعد أربعة عشر عامًا أن يعود إلى القصة ذاتها ويقدمها من جديد، لكن تحت عنوان مختلف وهو «أمير الدهاء»، مع تغيير فى طاقم التمثيل ومعالجة جديدة تحمل روح العصر. هذه الخطوة كانت لافتة فى تاريخ السينما، خاصة أن المخرج ذاته هو من أعاد إخراج القصة، مما يدعو للتأمل فى أسباب هذا القرار الفنى الاستثنائى.

واضاف الليثي ان النسخة الأولى، التى قام ببطولتها أنور وجدى، كانت قريبة إلى الأسلوب الكلاسيكى فى السرد والإخراج. قدم وجدى شخصية حسن الهلالى، المظلوم الذى يدخل السجن نتيجة مؤامرة دنيئة، ثم يعود لينتقم ممن خانوه بعد أن يغيّر هويته ويجمع ثروة كبيرة. وقد اتسم الأداء فى تلك النسخة بالعاطفية والبطولة النبيلة، وهو ما انسجم مع ذوق جمهور الخمسينيات الذى كان يميل إلى القصص الأخلاقية التى تنتصر للخير فى نهاية المطاف. حقق الفيلم نجاحًا جماهيريًا واسعًا، وساهم فى ترسيخ صورة أنور وجدى كبطل شعبى محبوب.

لكن بعد أكثر من عقد، كان المشهد السينمائى قد تغير. تطورت تقنيات التصوير، واختلفت طبيعة الجمهور وتفضيلاته، وبدأت السينما تبتعد عن الرؤية الرومانسية المباشرة، لتدخل فى تعقيدات نفسية واجتماعية أعمق. عند هذه النقطة، قرر بركات أن يعيد النظر فى القصة، ولكن من منظور مختلف. جاء «أمير الدهاء» عام ١٩٦٤، من بطولة الفنان الكبير فريد شوقى، ليقدم نسخة جديدة من نفس الحكاية، لكن بطابع أكثر حدة، حيث ظهرت شخصية البطل بشكل أكثر دهاءً وصرامة، ما جعل العنوان الجديد يعكس بدقة هذا التحول فى معالجة الشخصية الرئيسية.

وتابع الفرق بين الفيلمين لا يقتصر فقط على الأداء والبطولة، بل يمتد إلى الجو العام والمعالجة الفنية. فى «أمير الانتقام»، كان التركيز على مظلومية البطل ورحلته من اليأس إلى النصر، أما فى «أمير الدهاء»، فقد أصبح البطل أكثر وعيًا بما يفعله، وتحول الانتقام إلى لعبة معقدة من الحيلة والخداع والسيطرة. حتى الإيقاع البصرى فى الفيلم الثانى كان أسرع، واستخدام الإضاءة والموسيقى حمل طابعًا أكثر حداثة وتأثيرًا.

ما فعله بركات لم يكن تكرارًا، بل كان إعادة صياغة. لقد تعامل مع النص ككائن حى يمكن إحياؤه بأشكال مختلفة، وتقديمه لكل جيل بروح جديدة. وقد أثبت بذلك أن المخرج الحقيقى لا يكتفى بما أنجز، بل يعود أحيانًا إلى أعماله السابقة ليعيد اكتشافها، ويمنحها حياة ثانية أكثر نضجًا وعمقًا. إعادة إنتاج «أمير الانتقام» لم تكن فقط تجربة فنية ناجحة، بل أيضًا درسًا فى كيف يتعامل المبدع مع الزمن ومع تطور أدواته وفهمه لمادته الإبداعية.


يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

أخبار متعلقة :