أخفق الجمهوريون في مجلس النواب الأميركي في تخطي خلافاتهم والتقدم نحو إقرار مشروع قانون موازنة يفترض أن يشكل إنجازا تشريعيا كبيرا للرئيس دونالد ترامب الذي أبدى استياءه حيال هذا التعثر.
وبعدما أقر مجلس الشيوخ -أول أمس الثلاثاء- مشروع القانون بأرجحية صوت جيه دي فانس نائب الرئيس، كان من المفترض أن يبت مجلس النواب خلال النهار بشأن "مشروع القانون الواحد الكبير والجميل" الذي يتضمّن تخفيضات ضريبية ضخمة واقتطاعات شاملة في الرعاية الصحية بقيمة آلاف مليارات الدولارات.
غير أن معارضة عدد من النواب المحافظين أرغمت الرئيس الجمهوري للمجلس مايك جونسون على وقف آلية إقرار النص، وتعليق تصويت إجرائي لأكثر من 7 ساعات، وسط جمود تعذر كسره.
ففي ظل غالبية تقتصر على 8 مقاعد، لا يمكن للحزب الرئاسي تحمل معارضة أكثر من 3 جمهوريين.
لكن بحلول منتصف الليل في واشنطن، كان آخر تصويت إجرائي قبل الإقرار النهائي يواجه 5 أصوات "معارضة" بين الجمهوريين، مما يهدد بإسقاط مشروع القانون.
غير أنه يبقى بإمكان النواب تعديل تصويتهم قبل إغلاق عملية الاقتراع، وباشر جونسون مشاورات سعيا لإقناع المعارضين في صفوف الغالبية بتغيير رأيهم.
وأعلن الرئيس الجمهوري لمجلس النواب في وقت متأخر ليل الأربعاء -عبر شبكة فوكس نيوز- أنه سيبقي العملية مفتوحة "للوقت اللازم".
"ماغا" غير مسرورة
من جانبه، صعّد ترامب النبرة وكتب على منصته "تروث سوشيال" بعيد منتصف الليل "ماذا ينتظر الجمهوريون؟؟؟ ما الذي تحاولون إثباته؟؟؟".
وأضاف الرئيس (79 عاما) المعروف بطباعه السريعة الغضب "ماغا غير مسرورة، وهذا سيكلفكم أصواتا"، في إشارة إلى قاعدته التي تحمل اسم شعاره الانتخابي "لنجعل أميركا عظيمة مجددا" أو "ماغا" اختصارا.
إعلان
ويمثل هذا "القانون الكبير والجميل" مثلما أطلق عليه الرئيس حجر الزاوية لبرنامجه الاقتصادي، وهو يحض الكونغرس منذ عدة أسابيع على إقراره قبل الجمعة، يوم العيد الوطني الذي حدّده موعدا رمزيا لإصدار الموازنة.
وفي طليعة التدابير المدرجة في مشروع القانون:
تمديد الإعفاءات الضريبية الضخمة التي تم إقرارها خلال ولاية ترامب الأولى (2017-2021). إلغاء الضريبة على الإكراميات التي كانت من أبرز وعود الرئيس الانتخابية. توفير مليارات الدولارات الإضافية لقطاع الدفاع ومكافحة الهجرة.وأكد ترامب -أمس الأربعاء- أنه في حال إقرار المشروع، ستشهد الولايات المتحدة "نهضة اقتصادية لم تعرفها من قبل".
غير أن دراسات مستقلة تشير إلى أن الفئة الرئيسية التي ستستفيد منه ستكون الأسر الأكثر ثراء، في حين أن ملايين الأميركيين المتواضعي الدخل قد يخسرون إمكانية الوصول إلى برامج الضمان الصحي والمساعدات الغذائية.
كبح الدين
ويحذر خبراء وسياسيون من زيادة ضخمة متوقعة في العجز الفدرالي.
وتشير تقديرات مكتب الموازنة في الكونغرس المسؤول عن تقييم تأثير مشاريع القوانين على المالية العامة، إلى أن مشروع القانون من شأنه أن يزيد الدين العام بأكثر من 3.4 تريليونات دولار بحلول عام 2034، في حين سيكلف تمديد الإعفاءات الضريبية 4.5 تريليونات دولار.
وقال النائب الجمهوري عن تكساس كيث سيلف مبررا معارضته في التصويت الإجرائي: "جئت إلى واشنطن للمساعدة على كبح ديننا الوطني"، معتبرا أن الأمر في نهاية المطاف هو "مسألة أخلاقية".
وللتعويض جزئيا عن زيادة العجز، يخطط الجمهوريون لخفض ميزانية برنامج "ميدكيد"، الضمان الصحي العام الذي يعتمد عليه ملايين الأميركيين من ذوي الدخل المحدود.
ومن المقرر تخفيض برنامج "سناب" للمساعدات الغذائية خفضا حادا، وإلغاء عديد من الحوافز الضريبية دعما لاعتماد للطاقة المتجددة التي أقرت في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
ويواجه المشروع معارضة ديمقراطية موحدة في مجلس النواب.
وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في المجلس حكيم جيفريز إن "هذه الموازنة الكبيرة البشعة تؤذي الأميركيين العاديين لتكافئ أصحاب المليارات".
ماسك ينتقد
من جانبه، انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك مشروع القانون، واصفا إياه بأنه "مجنون ومدمّر تماما"، وذلك بعد أسابيع من تسوية خلاف بين الرجلين بسبب تعليقات رجل الأعمال على التشريع.
وقال ماسك -في منشور على إكس- إن "أحدث نسخة من مشروع القانون (المنظور أمام) مجلس الشيوخ ستدمر ملايين الوظائف في أميركا وستسبب ضررا إستراتيجيا هائلا لبلدنا".
وأضاف أن "(مشروع القانون) يقدم مساعدات لصناعات عفا عليها الزمن، بينما يلحق ضررا بالغا بصناعات المستقبل".
أخبار متعلقة :