الكويت الاخباري

«جمعية المحامين»: رفع رسوم التقاضي ينال مباشرة من حقوق الأفراد - الكويت الاخباري

بعثت جمعية المحامين الكويتية بمذكرة رأي إلى وزير العدل ناصر السميط، بشأن مشروع المرسوم بقانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 17 لسنة ۱۹۷۳، بشأن تعديل الرسوم القضائية، مبينة الآثار المترتبة على تلك التعديلات، وطرح إمكانية التريث فيها لحين الوصول إلى التطور المنشود لمنظومة العدالة، لا سيما فيما يتعلق بميكنة القضاء، وتفعيل التقاضي الإلكتروني، وإنجاز سرعة البت في القضايا، والقضاء على تكدس الطعون.

وقالت الجمعية، في مذكرتها التي حصلت «الجريدة» على نسخة منها، «إنه مضى على صدور القانون رقم 17 لسنة ۱۹۷۳ بشأن الرسوم القضائية ما يربو على خمسين عاماً، ولم يطرأ عليه أي تعديل رغم التغيرات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية التي طرأت خلال السنوات المنصرمة، منها ارتفاع معدل التضخم ومستوى دخل الفرد الذي قابله ارتفاع في أسعار السلع ورسوم الخدمات، كما أن علو ثقافة أفراد المجتمع ونيل القضاء لثقتهم ساهما في حثهم على اللجوء إلى المحاكم باعتبارها ملاذهم الآمن لحسم ما يدور بينهم من منازعات، فازدادت بذلك أعداد القضايا المرفوعة أمامها على نحو مطرد، وما ترتب عليه من تجشم الخصوم عناء الانتظار لحين الفصل فيها».

وأضافت: «ولما كانت الرسوم القضائية هي المبالغ التي تحصلها الدولة من أطراف الدعوى مقابل الاستفادة من خدمات مرفق القضاء، سواء تمثلت في الفصل في المنازعات أو طلب إجراء يتعلق بحماية الحق، فإن زيادة مبالغ هذه الرسوم من شأنه أن يحد من تنامي عدد القضايا الكيدية، ويكفل جدية حق التقاضي، ويعزز لدى الأفراد الوسائل البديلة لتسوية منازعاتهم عن طريق التحكيم أو الصلح، فلا مندوحة من إعادة النظر في الرسوم القضائية بما يتناسب مع تلك التغيرات ولتحقيق تلك الغايات الفضلى، ودونما إخلال بالتوازن المطلوب بين كفالة حق التقاضي وحسن سير مرفق القضاء بانتظام واطراد».

وأفادت بأن «ارتفاع مستوى الخدمات المقدمة للأفراد بأن يتم إدراج القضاء - على هذا النحو - بوصفه خدمة كغيره من الخدمات، وجعل ذلك مندوحة لزيادة الرسوم على نحو مبالغ فيه، فضلاً عن القول بأن قلة الرسوم القضائية منذ صدور القانون عام 1973 يعد سبباً في زيادة عدد القضايا أمام المحاكم وبمفهوم المخالفة فإن المشرع يكون قد ذهب إلى أن زيادة الرسوم ستكون أداة لقلة القضايا، وهو أمر ينافي المنطق الطبيعي للأمور، إذ لا يلجأ إلى القضاء إلا من أحوجته الحاجة إليه، فضلا عن أن ذلك من شأنه أن يحول دون لجوء الناس إلى قاضيهم الطبيعي لاستنداء حقوقهم».

القضاء ليس خدمة

وتابعت الجمعية: «كما أنه لا يعقل كذلك في محراب تنزيه القضاء والارتقاء بمكانته المصونة في المجتمع أن يتم النظر إلى القضاء بوصفه خدمة تقدم للأفراد، إذ لا يخفى على ذهن المشرع الحصيف أن الحق في التقاضي هو حق يكفله الدستور، وتحرص الدولة على تحققه بوصفه دعامة أساسية لقيامها، واستقرار أوضاعها، وإذا كان الحق في التعلم - على سبيل المثال - هو حق تكفله الدولة وتنفق عليه من ميزانيتها الخاصة، وتتولى شؤونه كاملة، فإن القضاء - ومن باب أولى - هو أحد تلك الحقوق التي تصونها الدولة، وتنأى بنفسها عن مظنة الاستثمار أو المغالاة في ممارسته، وبخاصة أن القضاء - دون غيره من الخدمات - يمس حقوق الأفراد الذين يتعرضون لظلم ويلجأون إلى القضاء لدفعه».

وأردفت: «لذلك فإن القضاء ليس خدمة كباقي الخدمات وإنما حق من الحقوق التي تمنحها الدولة لها وللأفراد على حد سواء حتى يسود الأمان، وحتى يرتدع الأفراد من أحكامه، وحتى يفصل في الحقوق المتنازع فيها بين الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة، ولذا كان القضاء هو الأمان والسكينة للدولة بشكل عام والمجتمع بشكل خاص، والحد من ممارسته بدعوى التنظيم سوف يتسبب في تجبيره لفئة تملك الرسوم دون سواها، وهو ما نهى عنه الدستور، ولذلك فإن رفع الرسوم على النحو المقدم في مرسوم القانون يعصف بتلك الضمانات التي تكفلها الدول، وينال بشكل مباشر من حقوق الأفراد، لا سيما في ظل ارتفاع نسبة الرسوم المتوقعة حال إقرار تلك التعديلات، والتي ستضر بمصلحة منظومة التقاضي والأفراد على حد سواء، وستحرم - بالتبعية - الكثيرين من اللجوء للقضاء».

وبينت أنه ووفق ما يتراءى لها، ومن خلال الواقع العملي الذي تشهده وتمارسه في محراب العدالة، وفي أروقتها ترى مشروع المرسوم بقانون المزمع صدوره بتعديل بعض أحكام القانون رقم 17 لسنة ۱۹۷۳ بشأن الرسوم القضائية يحتاج إلى إعادة نظر، حفاظاً على حقوق الأفراد المكفولة دستورياً في اللجوء إلى القضاء لاستنداء حقوقهم، لا سيما في ظل ندرة الوعي بالوسائل البديلة التي ألمح إليها المشرع، والتي لم تصبح بعد جزءاً من الثقافة المجتمعية، ولم يتوافر لها الإعداد الجيد حتى يتم اعتمادها كوسائل بديلة أو كفيلة بحل النزاعات، فضلاً عن ضرورة تعزيز التقاضي الإلكتروني، ووضع التشريع الملائم للوسائل البديلة لحل النزاعات، باعتبارها جميعاً أدوات من شأنها أن تسرع من وتيرة الفصل في القضايا، وتسهم في تحقيق العدالة، وتخفف العبء عن المحاكم.

وشددت على أنها «إذ تؤكد على استعداد جمعية المحامين الكويتية لتقديم الإيضاح اللازم والضروري حال الحاجة إلى استيضاح وجهة نظرها، لتتمنى لكم دوام التوفيق والسداد في كل ما تقومون به من جهود محمودة في هذا الشأن».

أخبار متعلقة :