تشهد سوق الإيجارات السكنية في العاصمة الأردنية عمّان ارتفاعًا ملحوظًا وتفاوتًا كبيرًا في الأسعار بين مختلف المناطق، ما دفع إلى دعوات متزايدة لتنظيم هذا القطاع الذي يمس شريحة واسعة من المواطنين والمقيمين.
ويواجه العديد من المستأجرين تحديات متزايدة في تأمين سكن مناسب، في ظل غياب إطار تنظيمي واضح يحدد سقوف الإيجارات أو ينظّم العلاقة التعاقدية بين المالك والمستأجر، الأمر الذي ساهم في تفاوتات واضحة بأسعار الوحدات السكنية من منطقة إلى أخرى.
تفاوت جغرافي واضح في الأسعار
تشير المعطيات إلى أن أسعار الإيجارات تختلف بشكل كبير بين أحياء العاصمة:
غرب عمّان: في مناطق مثل عبدون، دير غبار، الصويفية وأم أذينة، يتراوح متوسط إيجار الشقق متوسطة الحجم (150 مترًا مربعًا) بين 5,000 و8,000 دينار سنويًا، فيما تتجاوز إيجارات الشقق الفاخرة 12,000 دينار.
شرق عمّان: رغم أنها تعتبر أقل تكلفة نسبيًا، إلا أن مناطق مثل طبربور، الهاشمي الشمالي، وماركا شهدت زيادات لافتة، حيث تتراوح إيجارات الشقق من 2,400 إلى 4,000 دينار سنويًا، بنسبة ارتفاع تجاوزت 25% في السنوات الأخيرة.
شمال وجنوب عمّان: في مناطق مثل الجبيهة وشفا بدران ومرج الحمام، تختلف الأسعار حسب القرب من الجامعات والخدمات، مع ازدياد الطلب على الشقق الصغيرة والاستوديوهات.
تكاليف السكن تثير مخاوف المستأجرين
يعبّر عدد من المستأجرين عن قلقهم من تصاعد كلفة الإيجارات، مشيرين إلى أن كلفة السكن باتت تستهلك جزءًا كبيرًا من الدخل الشهري. ويرى البعض أن غياب آلية تسعير واضحة يعقّد من قدرتهم على التفاوض، في وقت تُتوقع فيه زيادات إضافية خلال المرحلة المقبلة.
وجهة نظر المالكين والخبراء: السوق يخضع للعرض والطلب
في المقابل، يشير عدد من مالكي العقارات وخبراء في السوق العقارية إلى أن الأسعار تعكس الواقع الاقتصادي وحركة السوق. ويؤكدون أن ارتفاع تكاليف البناء والصيانة، إلى جانب زيادة الطلب الناتج عن الهجرة الداخلية والظروف الإقليمية، من أبرز العوامل التي تدفع الأسعار للارتفاع.
ويحذّر بعض الخبراء من أن فرض سقوف سعرية قد يؤدي إلى تراجع الاستثمارات في مشاريع الإيجار، وهو ما قد يؤثر سلبًا على حجم المعروض من الوحدات السكنية في المستقبل.
مقترحات لتنظيم السوق وفق معايير عادلة
وسط هذه التحديات، برزت دعوات لتنظيم سوق الإيجارات من خلال آلية واضحة لتحديد أسعار المتر المربع في كل منطقة، بالاستناد إلى معايير تشمل عمر البناء، ونوعية التشطيبات، وتوفر الخدمات، والموقع الجغرافي.
ويرى مؤيدو هذا المقترح أنه قد يسهم في تحقيق توازن بين مصالح المالكين والمستأجرين، دون أن يتعارض مع آليات السوق، مع توفير ضمانات قانونية لجميع الأطراف.
ويمثّل سوق الإيجارات السكنية في عمّان ملفًا اقتصاديًا واجتماعيًا ذا أولوية، نظرًا لتأثيره المباشر على معيشة الأسر. وبينما تتعالى الأصوات المطالبة بوضع ضوابط عادلة للأسعار، يرى آخرون أن السوق يجب أن يُترك لتفاعلاته الطبيعية. وفي ظل تباين الآراء، تبقى الحاجة قائمة إلى دراسة شاملة تنظم هذا القطاع، وتضع إطارًا يحقّق التوازن المطلوب بين الكلفة والمعيشة والاستثمار.
أخبار متعلقة :