كاليفورنيا- تكبّدت أغني ولاية أميركية (كاليفورنيا) خسائر اقتصادية كبيرة جراء موجة الحرائق التي اجتاحتها في يناير/كانون الثاني الماضي، قبل أن تتأثر العجلة الاقتصادية في الولاية بالحملات الأمنية الواسعة في صفوف المهاجرين غير النظاميين الذين يعتبرون المحرك الفعلي للكثير من القطاعات الإنتاجية في المنطقة.
ومن الممكن أن تؤثر خسائر كاليفورنيا على الاقتصاد الأميركي بالنظر إلى وزن الولاية البالغ عدد سكانها نحو 40 مليون نسمة، والتي تعد الأولى من حيث الناتج المحلي الإجمالي على مستوى البلاد، فقد حققت 14% من ناتج الاقتصاد عام 2024 بواقع 4.1 تريليونات دولار.
خسائر كبيرة
وتشير بيانات دوائر التأمينات والتوقعات الاقتصادية في كاليفورنيا إلى أن موجة الحرائق في لوس أنجلوس والمناطق المجاورة تسببت في أضرار تُقدر قيمتها بما بين 250 و275 مليار دولار، مما يجعلها واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية تدميراً في تاريخ البلاد.
وتتجاوز هذه التقديرات أرقام الأضرار والخسائر الاقتصادية لموسم حرائق الغابات في لوس أنجلوس لعام 2020 بأكمله، إذ كان موسم حرائق نشطا للغاية في كافة مناطق الولايات المتحدة.
وأسفرت الحرائق -التي اندلعت في لوس أنجلوس بين 7 و31 يناير/كانون الثاني 2025- عن سقوط عشرات القتلى وأجبرت أكثر من 200 ألف شخص على إخلاء منازلهم وتم تدمير أكثر من 18 ألف منزل ومبنى.
وقد التهمت النيران -في جميع أنحاء كاليفورنيا منذ مطلع العام الجاري- حوالي 182 ألفا و197 فدانًا (73 ألفا و733 هكتارًا) وكان النصيب الأكبر من الخسائر في لوس أنجلوس وضواحيها، حيث قُدّر إجمالي خسائر حرائق الغابات المؤمن عليها بنحو 37.5 مليار دولار، وهو ما يمثل حوالي 71% من تكاليف الكوارث المؤمن عليها عالميًا، وفق شركة ريسك آند إنشورانس المحلية.
وألحقت حرائق الغابات أضرارا جسيمة بالأراضي الزراعية وهو ما يؤدي إلى انخفاض إمدادات المنتجات الزراعية التي تُصدرها كاليفورنيا إلى باقي الولايات الأميركية، ويتسبب في ارتفاع الأسعار.
إعلان
وقد أربكت تلك الحرائق دورة الأعمال في المنطقة وتسببت في فقدان الكثير من الوظائف وانخفاض دخل العمال وارتفاع تكلفة المعيشة، بالإضافة إلى خسائر محتملة في عائدات الضرائب على مستوى الولاية أو على المستوى الفدرالي.
وفي المقابل، ستواجه الولاية زيادة في الإنفاق على الاستجابة للطوارئ وعلى جهود إعادة الإعمار بسبب تلك الكارثة الطبيعية التي أثرت بشكل كبير على قطاع الزراعة وسوق التأمين، حيث تلقت شركات التأمين مطالبات بمليارات الدولارات.
ومن المتوقع أن يكون للحرائق آثار طويلة المدى على البيئة والشبكة الغذائية، كما يُتوقع أن تكون عملية إعادة الإعمار والتعافي من آثار الحرائق طويلة وصعبة ومكلفة.
لكن -مقابل هذه الخسائر- نقلت صحيفة محلية عن الخبير الاقتصادي روبيرو دنكان توقعاته قوله إن ما حل بلوس أنجلوس قد يشكل فرصة لانتعاش قطاع البناء في كاليفورنيا، إذ سيؤدي إلى زيادة الاستثمار في إعادة الإعمار لإيجاد فرص عمل وتحفيز النشاط الاقتصادي. ونتيجةً لذلك، يتوقع سكان كاليفورنيا انتعاشا اقتصاديا، وربما طفرةً في قطاع البناء.
آثار المداهمات
وقبل أن تتعافى من آثار هذه الحرائق المدمرة، تحولت مدينة لوس أنجلوس وضواحيها إلى مسرح لتطبيق سياسات الرئيس دونالد ترامب في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية، الأمر الذي ألقى بظلاله على الأنشطة الاقتصادية بالولاية لا سيما قطاع الزراعة.
وتتواصل حملات أمنية مكثفة في مختلف أنحاء الولاية بدأها وكلاء إدارة الهجرة والجمارك بمدينة لوس أنجلوس، وتركزت أساسا على أوساط المهاجرين غير النظاميين من أصول لاتينية وخاصة من المكسيك ويقدر عددهم بنحو مليوني شخص، وتشتغل نسبة كبيرة منهم في قطاعات اقتصادية حيوية بينها الزراعة.
وتشير التوقعات إلى أن قطاع الزراعة في كاليفورنيا حقق دخلاً صافياً بقيمة حوالي 140 مليار دولار عام 2024، وتُزرع في الولاية أكثر من ثلث الخضراوات الأميركية وأكثر من 3 أرباع الفواكه والمكسرات، وفق إدارة الأغذية والزراعة في كاليفورنيا.
وتعتمد كاليفورنيا على المهاجرين غير النظاميين في جني وقطف ما قيمته مليارات الدولارات من الفاكهة والخضراوات، لكن حملة المداهمات التي نفذها عناصر من إدارة الهجرة والجمارك في حقول ومزارع المنطقة -الآونة الأخيرة- تسببت في اختفاء أعداد كبيرة من العمال الذين فضلوا الانزواء لتجنب احتمالات التوقيف والترحيل.
ونقلت رويترز عن إحدى العاملات بقطاع الزراعة في المنطقة قولها إن "70% من العمال غادروا. إذا لم يحضر 70% من قوتك العاملة فلن يُجنى 70% من محصولك وقد يفسد في يوم واحد. إن معظم الأميركيين لا يرغبون في القيام بهذا العمل. ومعظم المزارعين هنا بالكاد يغطون نفقاتهم. وأخشى أن يكون هذا قد أوجد نقطة تحول حيث سيُفلس الكثيرون".
ويقر معظم خبراء الاقتصاد والسياسة بأن العديد من العمال الزراعيين الأميركيين موجودون بصورة غير نظامية، وأن الانخفاض الحاد في أعدادهم قد يكون له تأثيرات مدمرة على سلسلة إمدادات الغذاء وعلى القطاع الزراعي برمته.
ويعتبر قطاع جني المحاصيل الزراعية نموذجا واضحا للدور الحيوي للمهاجرين غير النظاميين بالاقتصاد الأميركي، إذ يشكلون نحو 50% من جميع العمال الميدانيين وعمال جني المحاصيل، مما يجعلهم ضروريين لنجاح المزارع الأميركية واستمرارها.
إعلان
وكانت وزيرة الزراعة بروك رولينز نقلت للرئيس دونالد ترامب قلق جماعات المزارعين من مداهمات سلطات الهجرة المكثفة التي تؤدي لاعتقال العمال أو توقفهم عن العمل بسبب الخوف.
أخبار متعلقة :