يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد لقاء في ولاية ألاسكا يوم الجمعة 15 أغسطس/آب، وذلك لبحث مستقبل الحرب في أوكرانيا. وبينما أعلن ترمب عن الاجتماع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أكد الكرملين الموعد، مشيراً إلى أن اختيار ألاسكا "منطقي" نظراً لقربها النسبي من روسيا.
لكن علاقة ألاسكا بروسيا أعمق من مجرد الجغرافيا، فقد كانت هذه الولاية الشاسعة أرضاً روسية قبل أن تشتريها الولايات المتحدة في صفقة تاريخية غيرت وجه المنطقة.
من أرض روسية إلى ولاية أمريكية
تعود السيطرة الروسية على ألاسكا إلى القرن الثامن عشر، بعد أن اكتشفت بعثة استكشافية بقيادة الملاح الدنماركي فيتوس بيرنغ، بتكليف من قيصر روسيا بطرس الأكبر، أن هذه الأرض الجديدة غير مرتبطة بروسيا. وقد أدى اكتشاف فراء ثعالب البحر الثمين إلى فتح أبواب تجارة الفراء الغنية، وتأسست أول مستوطنة أوروبية روسية في المنطقة عام 1784.
لكن بعد عقود، وبسبب الانقراض الوشيك لثعالب البحر والتداعيات السياسية لحرب القرم، أصبحت روسيا مستعدة لبيع ألاسكا. وفي عام 1867، قاد وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، ويليام سيوارد، مفاوضات لشراء الإقليم مقابل 7.2 مليون دولار. وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، تم رفع العلم الأمريكي في عاصمة ألاسكا حينها "سيتكا"، في يوم يُحتفل به الآن سنوياً باسم "يوم ألاسكا". ورغم أن الصفقة وُصفت في البداية بسخرية بأنها "حماقة سيوارد"، إلا أن اكتشاف الذهب لاحقاً أثبت أهميتها الاستراتيجية. وبعد مسيرة طويلة، أصبحت ألاسكا رسمياً الولاية الأمريكية رقم 49 في عام 1959.
أرض الذهب الأسود: كيف غير النفط وجه ألاسكا؟
شهد اقتصاد ألاسكا تحولاً جذرياً في عام 1968 مع اكتشاف حقل نفط هائل في خليج برودو، تُقدر احتياطياته بنحو 13 مليار برميل. وسرعان ما أصبح النفط والغاز الصناعة الأولى في الولاية. وفي عام 1969 وحده، جنت الولاية 900 مليون دولار من تأجير الأراضي لشركات النفط، وتم إنشاء خط أنابيب ضخم لنقل النفط عبر الولاية، مما غير وضعها الاقتصادي إلى الأبد.
صندوق الأجيال القادمة: نموذج ألاسكا الفريد
إدراكاً من حاكم الولاية آنذاك، جاي هاموند، بأن إيرادات النفط لن تدوم إلى الأبد، تم إنشاء "صندوق ألاسكا الدائم" في عام 1976. ويهدف هذا الصندوق إلى ادخار ربع ريع النفط في الولاية للأجيال القادمة، وقد فاقت قيمته الآن 65 مليار دولار.
والأمر الأكثر تميزاً هو "برنامج حصص أرباح الصندوق الدائم"، الذي بدأ عام 1982، والذي يوزع بموجبه جزء من أرباح الصندوق سنوياً على كل مواطن مقيم في ألاسكا لمدة لا تقل عن عام. وقد ساهم هذا البرنامج بشكل مباشر في تخفيف حدة الفقر، حيث ينتشل ما بين 15 إلى 25 ألف مواطن من الفقر المدقع سنوياً، كما يضخ أموالاً في الاقتصاد المحلي بشكل دوري.
حقائق وأرقام عن "الأرض العظيمة"
المساحة: ألاسكا هي أكبر ولاية أمريكية، وتشكل خُمس مساحة الولايات المتحدة بأكملها. العاصمة: مدينة جونو هي العاصمة الوحيدة في الولايات المتحدة التي لا يمكن الوصول إليها إلا بالقارب أو بالطائرة. الطبيعة: يوجد في ألاسكا نحو 100 ألف نهر جليدي، وأكثر من 3 آلاف نهر، وعدد هائل من البحيرات، بالإضافة إلى أكثر من 100 بركان. الحياة البرية: يوجد في ألاسكا حوالي دب واحد لكل 21 شخصاً.أخبار متعلقة :