الكويت الاخباري

دجاج الطحين وفاصوليا الصبّار.. طاهية أردنية تبتكر وصفات لمواجهة التجويع في غزة - الكويت الاخباري

بعبارة "يا أهلنا الثابتين بغزة"، تستهلّ الطاهية ياسمين ناصر فيديوهاتها الأخيرة من مطبخها في العاصمة الأردنية عمّان، والذي حولته إلى مساحة للابتكار والمقاومة في وجه التجويع، مستفيدة من خبرتها الأكاديمية في فنون الطهو، تقدم وصفات تُجسد حلولا عملية لمواجهة الأزمات الإنسانية القاسية التي يعيشها الفلسطينيون في غزة.

ففي ظل نقص المواد الغذائية الأساسية، بدأت ياسمين، الحاصلة على شهادة متقدمة في فنون الطهو من مدرسة "لو كوردون بلو" الفرنسية، بتقديم وصفات بديلة تحاكي أطعمة لم تعد متوفرة في القطاع، مثل "دجاج من الطحين" و"فاصوليا من ورق الصبّار" و"لحم من العدس". هذه الأطباق، وإن بدت غريبة، صُمّمت لتحتوي على الحد الأدنى من القيم الغذائية، وتمنح العائلات طعاما يشبه في الشكل والمذاق ما اعتادوا عليه قبل الحصار.

ياسمين ناصر درست الطبخ في "لو كوردون بلو" الفرنسية (الجزيرة)

تقول ياسمين ناصر إن هذه الأفكار وُلدت من رحم الأزمة: "جاءت نتيجة قلة المكوّنات المتوفرة بسبب المجاعة الممنهجة التي يتعرض لها أهلنا في غزة، وكيف يمكن ابتكار أطعمة من المكوّنات المتاحة لهم، هذه أطباق نباتية شائعة في النظام النباتي، لكن التحدي الأكبر كان في صنعها فعليا من لا شيء. رغبتي الشديدة في مساعدة أهلنا بأي شكل ممكن هي ما دفعني إلى الاستمرار وتقديم المزيد".

وتضيف ياسمين للجزيرة نت: "كل المشاهد هناك في غزة أثرت بي، من الأطفال الذين يواجهون الموت بسبب الجوع، إلى كبار السن والمرضى. كان التحدي الأكبر غياب المكوّنات الأساسية، لذا كان عليّ تبسيط الطريقة ليتمكن الجميع من تطبيق الوصفات".

ردود فعل محفّزة

المبادرة لم تبقَ حبيسة الشاشة، إذ وجدت طريقها سريعا إلى أهالي غزة، تقول ياسمين: "كانت ردود الفعل رائعة، خاصة من الأطفال". وتابعت "وصلني الكثير من الفيديوهات من أهل غزة وهم يطبّقون الوصفات، وكانوا سعداء جدا بالنتيجة، وهذا شجعني أكثر لأقترح وصفات جديدة".

إعلان

تشير ياسمين، التي يتابع فيديوهاتها ملايين المشاهدين، إلى كون التجربة قد عززت من نظرتها الخاصة إلى مهنتها فهي ترى أن الطبخ ليس مجرد حرفة لصناعة النكهات، بل رسالة إنسانية تقول: "لطالما كان لدي تقدير كبير لنعمة الله وهي الطعام، أتبنى أسلوب "صفر هدر" في المطبخ، ودائما أحاول ابتكار شيء من لا شيء".

ياسمين ناصر تقدّم رسائل تضامنية عبر فيديوهاتها التي تصل مشاهداتها للملايين (الحساب الرسمي للطاهية على إنستغرام)

وعن مدى فاعلية هذه الوصفات، تؤكد ياسمين أنها اختبرتها بنفسها قبل مشاركتها، قائلة إنها "جربت وصفة دجاج السيتان باستخدام 6 أنواع مختلفة من الطحين، تتراوح بين الأرخص والأغلى، لضمان نجاحها مع الجميع. النتيجة كانت أن الطعم يُشبه الدجاج بنسبة 85%، أما القوام فبلغت دقته نحو 95%. من حيث القيمة الغذائية، فهي وصفة نباتية مغذية جدا، لكنها تختلف بالطبع عن الدجاج الحقيقي، إذ تحتوي على بروتينات نباتية، وكلاهما مفيد ولكن بطرق مختلفة".

شغف الطبخ

درست ياسمين إدارة الأعمال والتسويق وعملت في مجال الإعلان 13 عاما، ثم قررت أن تحوّل شغفها بالطبخ إلى احتراف فالتحقت بـ"لو كوردون بلو"، إحدى أعرق مدارس الطهو في العالم، وتقدم برنامجها التلفزيوني "يلا نطبخ" على إحدى القنوات المحلية، إضافة إلى إسهامات تلفزيونية طوال العام فضلا عن تقديم تجاربها الخاصة عبر مواقع التواصل.

وفي ظل تصاعد الحصار على غزة، تطرح وصفات ياسمين ناصر مثالا على قدرة الإبداع على الاستمرار في مواجهة الظروف الصعبة، حيث يمكن للطهو أن يتجاوز دوره التقليدي كفن أو مهارة، ليصبح وسيلة للتكيف ومساندة المجتمعات المتأثرة. وتُبرز تجربتها كيف يمكن توظيف الخبرات والتخصصات الفردية في دعم القضايا الإنسانية.

أخبار متعلقة :