وجد رسول الله صلي الله عليه وسلم نفسه والمسلمين معه أنهم أمام حرب فرضت عليهم بلا استعداد لها. ورأوا أن القتال أصبح ضرورة. فنظر الرسول صلي الله عليه وسلم إلي الموقف العام وتأمل في موقف أصحابه الذين خرجوا معه من المهاجرين والأنصار.
ورأي أن المهاجرين أصحاب حق. ولذلك أذن الله لهم بالقتال.. ورأي صلي الله عليه وسلم أن الأنصار لم يبايعوه يوم العقبة علي القتال خارج المدينة. وإنما بايعوه علي حمايته داخل المدينة وهاهو القتال قد أتي وهم خارجها.. فبدأ النبي صلي الله عليه وسلم يستشير أصحابه. ويأخذ رأيهم. فأدي أبو بكر وعمر برأيهما.پثم قام المقداد بن عمر بن الأسود فقال: يا رسول الله امض لما أمرك الله فنحن معك والله لا نقول كما قال بنو إسرائيل لموسي: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون. فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلي برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتي تبلغه.
وسكت الناس بعد مقالة المقداد فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:پأشيروا عليّ أيها الناس. وكان صلي الله عليه وسلم يريد بكلمته هذه الأنصار.. فلما أحس الأنصار أن الرسول يريد سماع رأيهم.پقام سعد بن معاذ وقال: كأنك تريدنا يا رسول الله؟.. فقال صلي الله عليه وسلم: أجل.. قال سعد: لقد آمنا بك. وصدقناك. وشهدنا أن ما جئت به هو الحق. وأعطيناك علي ذلك عهودنا. ومواثيقنا. علي السمع. والطاعة. فامض لما أردت فنحن معك. فوالذي بعثك لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك. وما تخلف منا رجل واحد.پوما نكره أن تلقي بنا عدونا غدًا إنا لصبر في الحرب. صدق في اللقاء. لعل الله يريك منا ما تقر به عينك. فسر بنا علي بركة الله.. وبعد أن اطمأن رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي رأي الأنصار أخذ في التأهب للقتال الذي أصرت عليه قريش.
بدأ النبي صلي الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه في البحث عن المكان الذي نزل فيه جيش قريش وأخذا يتجولان في منطقة بدر فإذا هما بشيخ من العرب. فسأله رسول الله صلي الله عليه وسلم عن مكان جيش قريش. وعن مكان محمد وأصحابه حتي لا يعرف من هما.. فقال الشيخ: فإنه قد بلغني أن محمدًا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا. فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا -للمكان الذي به جيش المدينة- وبلغني أن قريشًا خرجوا يوم كذا وكذا. فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا -للمكان الذي به جيش مكة.. وبذلك علم النبي صلي الله عليه وسلم مكان جيش قريش فنظم جيشه. وأخذ يعده للقاء.
وكلف النبي صلي الله عليه وسلم أربعة من قادة المهاجرين علي رأس نفر من أصحابه. لتحري عدد العدو. ومدي قوتهم. فذهبوا إلي ماء بدر. فوجدوا سقاة قريش فقبض الصحابة علي ثلاثة منهم وسألهم النبي عن مكان قريش وعددهم وعدتهم فقالوا إنهم بالعدوة القصوي ولكنهم أنكروا العدد والعتاد فسألهم عما ينحرون كل يوم فعرف أنهم بين التسعمائة إلي الألف ثم سأل عمن فيهم من أشراف قريش فأخبروه فأقبل رسول الله صلي الله عليه وسلم علي الناس. فقال: هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها.
تحرك النبي بجيشه نحو بدر. وهنا أشار الحباب بن المنذر علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله. انهض بالناس حتي نأتي أدني ماء من القوم فنزله ونغور -أي نخرب ما وراءه من القلب- ثم نبني عليه حوضًا فنملؤه ماء. ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون.. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لقد أشرت بالرأي.
فجهز الرسول صلي الله عليه وسلم جيش المسلمين للقتال وصف الصفوف. وعقد الألوية. وحدد لكل لواء شعاره.. وكان لواء رسول الله صلي الله عليه وسلم يومئذ الأعظم. ولواء المهاجرين مع مصعب بن عمير. ولواء الخزرج مع الحباب بن المنذر ولواء الأوس مع سعد بن معاذ.
ونزل النبي صلي الله عليه وسلم إلي الصفوف.پفلما رأي القرشيين يتجهون إلي وادي بدر قال: اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها. وفخرها. تحاربك. وتكذب رسولك. اللهم فنصرك الذي وعدتني اللهم أحنهم الغداة.
وقد بلغ عدد الذين خرجوا مع رسول الله ثلاثمائة وخمسة عشر رجلا.. وجملة من خرج من المهاجرين أربع وثمانون صحابيًا. ومن الأوس واحد وستون ومن الخزرج مائة وسبعون.
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
أخبار متعلقة :