الكويت الاخباري

ضغوط الإقليم تشعل من جديد جدل السلاح بلبنان والعراق - الكويت الاخباري

بين بيروت وبغداد، عاد الجدل حول سلاح القوى الموالية لإيران إلى الواجهة، في لحظة تتقاطع فيها الضغوط الإقليمية مع استحقاقات داخلية حاسمة.

ومع اقتراب مواعيد تنفيذ خطط حصر السلاح في لبنان والعراق، يتشابك المحلي بالإقليمي، في مشهد ينذر بمواجهة سياسية وربما أمنية أوسع.

وأشعل خطاب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم سجالا حادا في لبنان بعدما حذّر من "فتنة" قد تترتب على قرارات رسمية لنزع سلاح المقاومة، مؤكدا رفض أي تسليم في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي.

هذا الموقف أثار ردودا غاضبة، أبرزها من رئيس الوزراء نجيب سلام، الذي عدّ التصريحات تهديدا مبطنا للحرب الأهلية، مؤكدا أن السلاح يجب أن يكون حصرا بيد الدولة.

وفي قلب النقاش، دافع محمود قماطي نائب رئيس المجلس السياسي للحزب -خلال حديثه لبرنامج "مسار الأحداث"- عن خطاب قاسم، معتبرا أن التحذير جرى تحريفه، وأن الهدف منه التنبيه إلى مخاطر قرارات حكومية قد تفتح الباب لفتنة واضطرابات داخلية.

وذكّر بأن السلاح، من وجهة نظر الحزب، ليس أداة حزبية، بل إنه خط دفاع أول عن لبنان وعن الأمن القومي العربي، وثمرة مسار ممتد لنصف قرن في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، معتبرا أن تسليمه في ظل استمرار الاحتلال والاستباحة أمر غير منطقي ولا مبرر له.

مفردات تهويلية

في المقابل، رأى هادي أبو الحسن، أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي، أن الخطاب تضمن مفردات تهويلية لا تنسجم مع التزامات الحكومة في تنفيذ القرار 1701.

وحذر من أن الرفض المطلق لتسليم السلاح يعرّض لبنان لخطر عدوان جديد، ودعا إلى التمسك بالخطة الأممية والعربية التي تتضمن ضمانات لتعزيز الجيش ودعم قدراته.

هذا الانقسام يعكس معضلة أعمق بين من يرى أن الاحتفاظ بالسلاح ضرورة في مواجهة الاحتلال، ومن يعتبره عائقا أمام حصرية القرار السيادي، خصوصا مع اقتراب مهلة الخطة الحكومية نهاية العام، مما يضاعف الضغط على الداخل الهش سياسيا وأمنيا.

إعلان

وسرعان ما اكتسب الجدل بعدا إقليميا إثر بيان لكتائب حزب الله في العراق رفضت فيه المساعي لنزع سلاح المقاومة، ودعت إلى تعزيز الترسانة الدفاعية لمواجهة "الذرائع الواهية" التي تُطرح في لبنان والعراق.

وحسب الباحث الأول في مركز الجزيرة لقاء مكي، فإن التزامن بين الموقفين يعكس تنسيقا متعمدا قبل استحقاقات متقاربة، إذ يتم يجري ربط السلاح بالهوية الطائفية في خطاب الطرفين، وهي مقاربة تنذر –برأيه– بتهيئة مناخ قابل للانزلاق نحو صراع أهلي.

ويشير مكي إلى أن هذا الخطاب لا يقتصر على الجبهتين اللبنانية والعراقية، بل يمتد ليشمل الساحة السورية عبر استدعاء تهديدات في السويداء، في إطار تصوير الصراع على أنه مواجهة وجودية لمحور كامل في مواجهة مشروع "صهيوني أميركي".

توازنات طائفية

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي أمين قمورية أن السلاح بالنسبة لحزب الله –في لبنان والعراق– أصبح أداة للحفاظ على الموقع داخل التوازنات الطائفية، إلى جانب دوره العسكري.

ففي لبنان، كان هذا السلاح تعويضا عن ضعف الحصة السياسية للمكوّن الشيعي في اتفاق الطائف، في حين يضيف الاحتلال الإسرائيلي لمناطق جنوبية ذات غالبية شيعية ثقلا إضافيا لأي موقف يرفض التخلي عن السلاح.

ويربط قمورية هذا البعد المحلي بصراع أوسع بين واشنطن وطهران، حيث ينعكس ميزان القوة بين الطرفين مباشرة على قدرة حلفائهما على المناورة أو التراجع.

أما في العراق، فتضغط الولايات المتحدة –وفق مكي– لمنع تشريع قانون ينظم عمل الحشد الشعبي، خشية أن يكرس وجود فصائل مرتبطة بإيران داخل المنظومة الأمنية، وهو ما يضع الحكومة بين التزاماتها الخارجية وموازين القوى الداخلية.

بهذه الصورة، تبدو ساحتا بيروت وبغداد أشبه بـ"أوانٍ مستطرقة" تتأثر إحداهما بما يجري في الأخرى، حسب مكي، مما يجعل الاستقرار مرهونا ليس فقط بالتفاهمات المحلية، بل أيضا بمآلات المفاوضات الأميركية الإيرانية ومسار الحرب في غزة.

وفي غياب تسوية شاملة، يظل خطر التصعيد قائما، وسط تحذيرات من أن أي خطوة غير محسوبة قد تدفع المنطقة إلى مواجهة أوسع تمتد من جنوب لبنان إلى قلب العراق.

أخبار متعلقة :