الكويت الاخباري

كائن بطول 4 سنتيمترات يغير فهم العلماء لتاريخ الحياة على الأرض - الكويت الاخباري

في مفاجأة علمية مدهشة، تحوّلت حفرية قديمة كانت تُعدّ مجرد "يرقة غريبة" إلى أحد أندر الاكتشافات في تاريخ الحياة على الأرض.

الكائن الذي ظل حبيس أدراج متحف علم الحيوان المقارن بجامعة هارفارد منذ 150 عاما، تبين أنه أول مثال معروف على كائن بدائي عاش في بيئة غير بحرية، ليفتح بابا جديدا لفهم كيف خرجت الحياة من البحار إلى اليابسة.

واعتقد العلماء في البداية أن هذا الكائن المعروف باسم" باليوكامبا أنثراكس" كان "يرقة فراشة"، ثم تم تعديل تصنيفه إلى دودة أو حشرة بحرية، لكن تبيّن الآن في الدراسة المنشورة في دورية "كوميونيكيشنز بايولوجي" أنه أقدم كائن معروف من مجموعة منقرضة تُسمى "اللوبوبوديات"، عاش في بيئة غير بحرية.

رسم فني يصوّر بيئة موقع مونتسو ليه مين حيث تظهر حفرية "باليوكامبا أنثراكس" قرب مجرى مائي ضحل وسط غابة كثيفة (كريستيان مكال)

من أعماق البحار إلى المستنقعات

و"اللوبوبوديات" كائنات قديمة ناعمة الجسم، ومعظم ما نعرفه عنها جاء من رواسب بحرية في كندا تعود للعصر الكمبري، مثل كائن "هالوسيجينيا" الشهير.

لكن المفاجأة أن الكائن "باليوكامبا أنثراكس" لم يعش في البحر، بل في مستنقعات المياه العذبة أو البيئات شبه البرية، وهذا يشبه أن تكتشف أن نوعا من أسماك القرش القديمة عاش في نهر بدلاً من المحيط، وهو أمر يغيّر المفهوم البيئي والتكيفي لتلك الكائنات، كما يقول الباحث الرئيسي في الدراسة ريتشارد كنيشت في بيان أصدرته جامعة هارفارد.

وتعود قصة هذا الاكتشاف عندما كان كنيشت يدرس الحفرية، فظن في البداية أنها "ملي-بيد"، وهي حشرة ذات أرجل كثيرة، لكنه لاحظ أن لها أرجلا على كل جزء من جسمها، وهي سمة مميزة لـ"اللوبوبوديات."

لم يتوقف كنيشت عند هذا الحد، بل استعان بفريق لفحص 43 عينة من مواقع أحفورية مشهورة في أميركا وفرنسا باستخدام تقنيات حديثة مثل المجهر الإلكتروني والتحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، ليقود ذلك إلى التأكيد أننا أمام نوع من "اللوبوبوديات".

سمات فريدة

الحفرية المكتشفة لا يزيد طولها عن 4 سنتيمترات، لكن ما يميزها هو أنها مغطاة بنحو 1000 شوكة دقيقة تشبه الشعيرات، والتحليل الكيميائي لتلك الشوكات كشف أنها كانت تفرز مواد سامة لحماية نفسها، مما يوحي بأنها كانت تتعرض للافتراس في بيئتها شبه البرية.

إعلان

وهذا الاكتشاف لم يؤكد فقط أن هذا النوع من الكائنات عاش في بيئة غير بحرية، بل غير تصنيف موقع "مونتسو ليه مين" الفرنسي، حيث عثر على تلك الحفرية قديما.

وكان يتم تصنيف هذا الموقع على أنه موقع بحري، لكن وجود كائن غير بحري فيه يعني أنه كان نظاما بيئيا للمياه العذبة، على بعد مئات الكيلومترات من البحر.

وكانت هذه الحفرية موجودة في درج في متحف هارفارد على بعد خطوات من مكتب العالم الشهير ستيفن جاي جولد دون أن يلاحظها أحد.

وهذا يؤكد أهمية إعادة فحص المجموعات القديمة في المتاحف، فربما يكون الاكتشاف العلمي القادم مختبئا منذ قرن في درج ما.

أخبار متعلقة :